ينزلق لبنان إلى منحدر خطير جداً. القوى السياسية في ذروة التخوف والعجز، وكل الحركة التي تشهدها الكواليس لا تؤدي إلى إنتاج حلّ يقود، بالحدّ الأدنى، إلى تشكيل حكومة. جلّ ما تهتم به القوى اللبنانية هو منع حصول انفجار اجتماعي كبير أصبح محتّماً، لا بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، ولكن جراء فقدان المواد الأساسية والسلع الغذائية والمحروقات والكهرباء.

رئيس مجلس النواب نبيه بري في غاية التشاؤم. حاول التقدم بمبادرة بين رئيسي الجمهورية ميشال عون وسعد الحريري، لكن مبادرته أجهضت في مهدها. طرح بري بدايةً أن تكون الحكومة من 18 وزيراً، مقابل أن يقترح هو مجموعة أسماء لوزارة الداخلية، يتم التوافق على أحدها بين الرئيسين عون والحريري. رفض عون الأمر، وتمسك بالداخلية، مطالباً برفع عدد وزراء الحكومة إلى عشرين. طرح برّي الأمر مع الحريري فرفض بشكل قاطع.

Ad

 سيكون المشهد في لبنان بغاية الصعوبة في المرحلة المقبلة، بينما الحركة السياسية أصبحت مهتمة بملفات أبعد مما هو تقني، أي أبعد من تشكيل الحكومة. «حزب الله» يبحث في كيفية التهدئة مع كل القوى، مفعّلاً اتصالاته مع جميع الأحزاب، لتدارك احتمال حصول انفجار اجتماعي. يركز الحزب على منع قطع الطرقات، وخصوصاً الطرقات الرئيسية التي تربط بيروت بالجنوب وبيروت بالبقاع، وقد بحث هذا الأمر مع الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل، اللذين لديهما نفوذ في هذه المناطق.

سياسياً أيضاً، يبحث «حزب الله» في كيفية توفير مظلة الاستقرار، من خلال التواصل السياسي مع كل القوى. الأسبوع الفائت، عقد المسؤول في الحزب وفيق صفا لقاءً مع رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، للحفاظ على العلاقة، وتفهُّم الطرفين لمواقف كل طرف، والتي ستكون متمايزة أكثر، ولكن بشرط ألا تؤدي إلى حصول خلاف أو صدام.  كما يبحث «حزب الله» في روسيا، ثلاثة ملفات أساسية، بحسب ما تكشف مصادر متابعة؛ الملف الأول يتعلق بالحفاظ على الاستقرار في لبنان، على الرغم من انسداد الأفق أمام تشكيل حكومة. أما الثاني فهو البحث في ضرورة إبقاء الهدوء على الجبهة الجنوبية في لبنان، وكذلك سورية، ومنع حصول أي تصعيد مع إسرائيل، بينما يتعلق الثالث بوضعية الحزب داخل سورية، والبحث في إمكانية إجراء إعادة تموضع عسكري، وعدم القيام بأي خطوات استفزازية للدول العربية ولإسرائيل في سورية، وتمرير هذه المرحلة حتى موعد الانتخابات في يونيو المقبل. 

في المقابل، يستمر البطريرك الماروني بشارة الراعي في تحركه السياسي، عبر اللقاءات التي يعقدها، وقد بدأ التواصل مع الفاتيكان لتحديد موعد لزيارة البابا فرانسيس للبنان. ومعروف أن البابا يدعو إلى حلّ للأزمتين اللبنانية والسورية. ويؤكد الراعي في مجالسه، بحسب ما تنقل عنه مصادر، أنه ثابت على موقفه، وأن اجتماع لجنة التواصل بين بكركي و»حزب الله» حصل بناء على طلب الحزب، ولكنه لن يؤدي إلى تغيير موقفه، ولا يريد حواراً لأجل الحوار. وتعمل جهات سياسية عديدة على دعم مواقف البطريرك، وخصوصاً من المسيحيين والسنّة.

في هذا الإطار، تكشف المعلومات أن رؤساء الحكومة السابقين؛ فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام، عقدوا اجتماعاً مع السفير البابوي في بيروت، وقد عرضوا معه آخر التطورات، وسلموه رسالة إلى الفاتيكان حول حقيقة الوضع في لبنان، وضرورة عقد مؤتمر دولي لحل الأزمة اللبنانية. وتكشف المعلومات أن الرؤساء السابقين لمسوا تأييداً من السفير البابوي لمواقف البطريرك، مع إبداء تخوف كبير من استمرار الانهيار وذهابه باتجاه دراماتيكي، وتم البحث بين المجتمعين في إمكانية التحضير لزيارة الفاتيكان من قبل وفد لبناني إسلامي-مسيحي، لعرض المشكلة اللبنانية والاتفاق على كيفية حشد الدعم الدولي لإبداء الاهتمام وحماية لبنان من أي انفجار أو انهيار.

بيروت - منير الربيع