أجمع المتحدثون في مؤتمر التنمية المستدامة بالكويت، الذي عقد تحت عنوان «الواقع والطموح والتحديات والتعليم نموذجاً» على النتائج السلبية التي تركتها جائحة «كورونا» على التعليم في أنحاء العالم, ودعوا إلى معالجة الفجوة الناجمة عن تلك التداعيات. وانطلق المؤتمر، أمس الأول، برعاية رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ صباح الخالد، بتنظيم من جمعية «دار الخبرة للتنمية والتطوير»، و«الحمرا للاستشارات الاقتصادية»، ورعاية استراتيجية من الهيئة العامة للشباب، وبدعم من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، بمشاركة حشد من التربويين والأكاديميين والمختصين.
بداية، تحدث رئيس مجلس إدارة «دار الخبرة»، د. أحمد العبدالله، فقال، إن «المؤتمر يهدف إلى بحث آليات تطوير الأداء المؤسسي للمنظمات الحكومية وغير الحكومية، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وفق رؤية 2035، وتقييم وقياس أداء منظومة التعليم لتحقيق الهدف الرابع من أهداف خطة التنمية المستدامة، وهو تحقيق تعليم جيد ومنصف وشامل ومستدام»، لافتا إلى أهمية ترسيخ مفهوم العمل المؤسسي في المؤسسات التعليمية، وتعزيز مفهوم الجودة والإسهام في تطوير برامج التعليم. بدوره، قال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، المنسق المقيم لدى الكويت، د. طارق الشيخ، إن «تأثير جائحة كورونا على التعليم كان كارثيا، فهناك أكثر من 1.6 مليار طالب في أكثر من 190 دولة تأثروا سلبا بهذه الجائحة»، لافتا إلى تفاوت تأثير الجائحة على الطلبة، حسب ظروف كل دولة. وأضاف أن خسائر التعليم تهدد بالتمدد إلى ما بعد هذا الجيل، وتمحو عقودا من التقدم في معظم الدول، منوها إلى أنه قد يتسرب 33.8 مليون طفل من التعليم نتيجة تأثيرات هذه الجائحة، والنتائج الاقتصادية الناجمة عنها.
فجوة التحصيل
من جهتها، قالت مديرة مكتب منظمة اليونسكو في الدوحة، د. آنا بوليني، «لم يكن هناك أحد في العالم لديه استعداد لهذه الجائحة، ومع اننا الآن مضى علينا أكثر من عام، ونحن نتعامل مع تبعاتها، لاسيما فيما يخص التعليم، إلا أن الوسائل التكنولوجية ساهمت في الحد من آثارها على التعليم، مضيفة «أنه علينا ألا نغفل أن التعليم الإلكتروني كان له إيجابيات، إلا أنه له بعض السلبيات، أبرزها غياب التواصل الفعال بين المعلم والمتعلم، مما يجعل هناك فجوة ونقص في التحصيل».وأضافت «بالتأكيد النظام التعليمي في كل دولة يسعى لمواصلة عملية التعليم وفق الظروف المتاحة، وكل دولة لها ظروفها، لكن على الدولة دعم توفير شبكات الإنترنت والتغطية لجميع جغرافية الدولة، وكذلك توفير الأجهزة، لأنه ليست كل الأسر لديها المقدرة المادية على شراء الأجهزة، وهذه تحديات تواجهها الدول في سبيل استمرار التعليم في ظل الجائحة». من جهته، قال مندوب الكويت لدى اليونسكو في باريس، د. آدم الملا، إن التعليم يعد من الركائز الأساسية للتنمية المستدامة، وضمان توفير فرصه للجميع، لافتا إلى أن تحقيق أهداف التعليم يرتكز على 3 أساسيات، أولها بناء المرافق التعليمية، وزيادة عدد المنح الدراسية والتعليم العالي، وزيادة عدد المعلمين المؤهلين من خلال التعاون الدولي. بدروه، قال عضو المجلس الاستشاري للجمعية، د. طارق الدويسان، إن «التعليم في الكويت بحاجة إلى تطوير وتحسين في المخرجات»، مشيرا إلى أن الكويت دائما تأتي في المراتب الأخيرة في المؤشرات الدولية فيما يخص التعليم، و»علينا ايجاد حلول وخطط لتطوير التعليم بشكل يواكب المستجدات».البنية التحتية
من جهته، قال الوكيل السابق بوزارة التربية، عضو هيئة التدريس بجامعة الكويت، د. خالد الرشيد، إن «الكويت كانت سباقة في إعداد استراتيجية تعليمية متكاملة، لاسيما انها بدأت التعليم الإلكتروني بمراحل مبكرة من حيث العمل على تجهيز البنية التحتية اللازمة، التي أصبحت المنقذ للتعليم في الكويت بعد ظهور الجائحة، لافتا إلى أن «التربية» وجامعة الكويت وفرتا البنية التحتية للتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، وهذا كان له أثر جيد في استئناف التعليم في ظل «كورونا».وذكر أن تم تنفيذ مشاريع الألياف الضوئية، وتطوير البوابة التعليمية، وتفعيل المركز الإقليمي لتطوير البرمجيات، وتنفيذ مشروع الكاميرات، وتطوير مشروع الفصول الذكية في المرحلة الثانوية، ومشروع الأجهزة المحمولة لطلاب الثانوية، وبهذا تكون منظومة التعليم الإلكتروني شبه متكملة، مشددا على أن وجود البنية التحتية عند وقوع الجائحة كان المنقذ للوضع.من جهتها، أكدت المديرة السابقة للجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي، د. نورية العوضي، أن الجهاز محارب، وأصبح تحت الهيمنة التامة بإجراءات التعليم العالي، مشددة على أهمية ترسيخ دوره بما يضمن تحقيق الهدف الذي أنشئ من أجله، لافتة إلى أنه «في السابق تصدى للشهادات الهشة الرديئة وأصدر قرارات جريئة باستبعاد الجامعات التجارية، التي يسعى لها بعض الطلبة، وهي تفتقر إلى أبسط مقومات الجودة في التعليم».وقالت إن «الحلول المجزأة عاجزة عن تحرير مستقبل الكويت من الفساد الأكاديمي والتعليم الرديء»، مشيرة الى ضرورة التحلي بروح المسؤولية والشجاعة في تحصين مقومات الجودة الشاملة من جميع التدخلات المنفعية، مؤكدة أن هذا الأمر يفتح عهدا جديدا لإصلاح التعليم العالي.من جانبه، أكد رئيس جمعية المعلمين السابق، مراقب التعليم الثانوي بمنطقة العاصمة التعليمية، متعب العتيبي، «إننا بحاجة إلى فزعة وطنية لانتشال التعليم من الاضطرابات التي وقعت خلال فترة كورونا»، مشيرا إلى «اننا مقبلون على مرحلة أخطر واصعب بسبب الضعف التراكمي الذي طال جميع الطلبة في مختلف مراحلهم».ولفت إلى أن التجاذبات السياسية التي حصلت في فترة «كورونا» عطلت القرار التعليمي، وأخرجت الخطط التربوية، مشددا على أهمية عودة الطلاب إلى المدارس في ظل الظروف الراهنة، وفق نظام التعليم المدمج.