بينما تنتظر انفراجةَ تهدئةٍ من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تنشغل التيارات العراقية المقربة إلى إيران بالتعامل مع تحولات سريعة لكبح جماح الفصائل المسلحة، ينسّقها فريق حكومة مصطفى الكاظمي مع أطراف محلية معارضة، مثل «حراك تشرين»، وشركاء دوليين بينهم أطراف خليجية وعربية.ويبدو أحياناً أن هذه المناورات تصل إلى حد غضب حلفاء طهران، الذين طلبوا، أمس الأول، استدعاء رئيس جهاز المخابرات، وهو رئيس الوزراء نفسه.
وتذكر مصادر رفيعة في بغداد أن الكاظمي يعمل ببطء على إجراء مناقلات في القيادات الاستخبارية، بدأها بخمسة من كبار الضباط يديرون غرف المعلومات في وزارات الدفاع والداخلية وعمليات القوات المسلحة، وكانوا محسوبين على طهران، بينما عمد الأسبوع الماضي إلى نقل المئات من ضباط جهاز المخابرات من الجناح نفسه، كمدققين في عمل المنافذ الحدودية والموانئ، الأمر الذي اعتبرته كتلة الفتح المقربة من طهران، إزاحةً لتيار مخلص نحو أطراف بعيدة.واتهم قيس الخزعلي، الأمين العام لأبرز فصيل مسلح في العراق، حكومة الكاظمي بأنها سلمت جهاز المخابرات إلى ضباط إماراتيين، في انتقاد مباشر للتنسيق الذي بدأ يتصاعد مع أطراف عربية وحلف الناتو، في مجال تبادل المعلومات الاستخبارية حول أنشطة العنف وغسل الأموال وسواها.وتتوقع مصادر مقربة من حكومة الكاظمي أن تقوم الفصائل بتصعيد إعلامي كبير، قد يرافقه تحرك ميداني يكثف هجمات الصواريخ ضد قواعد أميركا والناتو في العراق، ويستدرج الكاظمي لمواجهة ميدانية.وفي سياق الصراع السياسي، نجح «حراك تشرين» في إسقاط محافظ ذي قار، وهي وحدة إدارية كبيرة واستراتيجية جنوب البلاد، والتزم المالكي باستبداله بشخصية يرضى عنها الحراك الشعبي، وسحب صلاحيات الأحزاب في اختياره وفق مبدأ المحاصصة السياسية، لكن الأخطر أن هذا النموذج يصلح للتعميم في محافظات جنوبية أخرى، مثل المثنى والنجف وبابل، وتسليم السلطة هناك، كما حصل في ذي قار، إلى ضباط عسكريين مستقلين سياسياً، تمهيداً لانتقال وتغيير تريدهما قواعد الحراك الشعبي، قبل الانتخابات، لتأمين قواعدها ومرشحيها، بعد شهور طويلة من عمليات الاغتيال والاختطاف والترويع، التي تعرض لها قادة تيارات تشرين.ولا يقف حلفاء إيران متفرجين إزاء هذه التحولات، بل يشيرون بوضوح كل يوم إلى أن هناك أجندة خارجية تريد الاستفادة من زخم الاحتجاجات الشعبية وفرصة وجود فريق الكاظمي في السلطة، لقلب الأوضاع لغير مصلحة النفوذ الإيراني.وذكرت مصادر أن أطرافاً لبنانية دخلت على الخط، لتضع قواعد عمل جديدة يمكنها الرد على خطوات الكاظمي، وتتضمن تصعيداً على أكثر من مستوى.وكلما اقترب موعد الانتخابات المبكرة، تزايد الحديث عن الدور الحاسم للإشراف الدولي على الاقتراع، والضوابط الجديدة التي ستعقّد كثيراً إمكانية الفصائل في التلاعب بالنتائج.وقد يزيد قلقَ الميليشيات، أنباءٌ حول تحالف بين أبرز خمس شخصيات معتدلة مرشحة لرئاسة الحكومة المقبلة، تعمل مع الكاظمي، كما يترشح، لجمع شتات ممثلي السياسة العقلانية في البلاد، كمقربين إلى «حراك تشرين» ومرجعية النجف ومعارضين لنفوذ إيران، الأمر الذي يأخذ المناورات إلى مستوى توتر أقصى.
أخبار الأولى
العراق: تغييرات في «الاستخبارات» تقلق خصوم الكاظمي
17-03-2021