كل المؤشرات تدلّ أن اللقاء المرتقب اليوم بين رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري سيفشل في تشكيل حكومة جديدة، لكن لا يعني ذلك أنه من المستحيل أن تطرأ معجزة ما في اللحظات الأخيرة قبل اللقاء، ترتكز على أمرين: أولاً استمرار تراجع سعر الدولار بشكل ملحوظ خلال الأيام الأخيرة أمام الليرة وهو بثّ بعض الارتباح في الشارع، ثانياً، تلويح فرنسا مجدداً بسيف العقوبات وإشارة رئيسها إيمانويل ماكرون إلى أسلوب جديد ستنتهجه باريس في الملف اللبناني في الأسابيع المقبلة. ولكن منذ اجتماع الخميس الماضي الذي اتفق خلاله الرئيسان على تزخيم مساعي تشكيل حكومة من 18 وزيراً، برز معطى جديد تمثل في دعم الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله تشكيل حكومة سياسية على عكس الحريري الذي يسعى لحكومة اختصاصيين وهو ما تدعو له المبادرة الفرنسية ويؤيده المجتمع الدولي بما في ذلك روسيا.
الحجّار
وفي مؤشر إلى عدم وجود استعداد عند الحريري لتكرار تجربة رئاسة حكومة وحدة وطنية أو حكومة بنكهة سياسية يملك فيها خصومه مجتمعين أو طرفاً منهم بعينه الثلث المعطل، أكد عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار، أن الرئيس المكلّف «متمسك بحكومة اختصاصيين وبرفض الثلث المعطّل، تجنباً للعودة إلى التجارب الفاشلة السابقة وحرصاً على مواصفات المبادرة الفرنسية». وبينما نقلت أوساط «بيت الوسط» امتعاض الحريري من زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب والوزير السابق وليد جنبلاط للرئيس عون ودعوته من هناك إلى تسوية داخلية تواكب المتغيرات الإقليمية خصوصاً الحراك الأميركي الايجابي تجاه التفاوض مع ايران، اكتفى الحجار بالقول إن الزعيم الدرزي تحرك باتجاه القصر الرئاسي انطلاقاً من هواجس خاصة به وأكد أن النقاش مستمرّ بين جنبلاط والحريري يومياً.علوش
بدوره، أكد مستشار الحريري، النائب السابق مصطفى علوش، أن الرئيس المكلف «لن يطرح إلا حكومة تكنوقراط لأن الحكومة السياسية ستفتح شهية كافة السياسيين»، معتبراً أن الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله مساء الخميس شجّع رئيس الجمهورية على «مزيد من التعنُّت».وفي رد على إشارة نصرالله إلى أن الحريري سيكون السياسي الوحيد في حال شكل حكومة اختصاصيين، قال علوش: «لو سقطت كافة القيادات السياسية في البلاد فمن حق الثوريين أن يتسلموا كل شيء في لبنان، لكن ليس من المنطق اليوم ان يقال ان رئيس الحكومة يجب ألايكون سياسياً فهنالك توازنات يجب احترامها».الراعي
وفي عظة ألقاها خلال ترؤسه قداس الأحد في بكركي، أمس، حضّ البطريرك الماروني بشارة الراعي، أمس، عون والحريري على قلب الطاولة على المعرقلين، وقال: «إننا نشجّع المساعي على خط تأليف الحكومة ونأمل أن يسفر اللقاء المرتقب بين الرئيسين عون والحريري عن نتيجة، فتؤلف بعد طول انتظار حكومة إنقاذ تضم اختصاصيين ومستقلين، حكومــــــــــة مبــــــــــــادئ وطــــنـــــــــيــــــــــــــة لا مساومات سياسية وترضيات ونأمل من الرئيسين أن يخيبا أمل المراهنين على فشلهما فيقلبا الطاولة على جميع المعرقلين ويقيما حائطاً فاصلاً بين مصلحة لبنان ومصالح الجماعة السياسية ومصالح الدول». وقال: «كفى شروطاً تعجيزية غايتها العرقلة والمماطلة، فتأليف الحكومة لا يستغرق أكثر من 24 ساعة».ودعا الراعي «الدول العربية والغربية الصديقة كي يساعدوا مادياً وإنسانياً للشعب اللبناني الذي هو ضحية الطبقة السياسية الحاكمة». وتوجّه إلى هذه الدول قائلاً: «ليس الشعب خصمكم بل صديقكم، ولبنان قدّم الكثير للعرب وللعالم فلا يجوز أن تقاصصوه وتقاطعوه وتربطوا مساعدة الشعب بمصير الحكومة أو الرئاسة أو السلاح غير الشرعي أو أي قضية أخرى».فرنسا
إلى ذلك، سلطت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية على خطط فرنسا، التي لم تثمر مبادرتها الدبلوماسية في أعقاب انفجار مرفأ بيروت، لزيادة الضغط في لبنان، بما في ذلك من خلال العقوبات.وأشارت إلى إعلان الرئيس ماكرون، الخميس الماضي أنه سيدفع من أجل تبني نهج وأسلوب جديد في الأسابيع المقبلة فيما يتعلق بلبنان، لافتة الى أن الملف السوري يعتبر أحد مكونات الأزمة في لبنان سواء من حيث العبء الاقتصادي الذي يشكله اللاجئون السوريون أو استمرار تدخل حزب الله في سورية والمعروف انتماؤه الاستراتيجي إلى إيران. وقلّلت الصحيفة الفرنسية المحافظة من أهمية زيارة وفد من «حزب الله» للمرة الأولى منذ عام 2011 إلى موسكو كذلك من التقارير التي تشير إلى مبادرة روسية خاصة بلبنان ورأت أن «روسيا مهتمة بلبنان بقدر ارتباط استقراره بسورية لا أكثر».مواجهة مع الجيش؟
من ناحية اخرى، حذّر تقرير نشرته وكالة «المركزية» للأنباء، من خطورة ما تضمنه خطاب نصرالله الأخير من دعوات إلى قيادة الجيش فيما يخص تعاطيها مع «قطاع الطرق»، في إشارة إلى اللبنانيين الذين يتظاهرون احتجاجاً على الأوضاع المعيشية.ونقلت «المركزية» عن مصادر تنبيهها من مواجهة محتملة بين الحزب مع الجيش والقوى الأمنية، في حال تجاوزت الاحتجاجات حدوداً معينة وشعر الحزب بوطأة قطع الطريق الدولية إلى الجنوب والبقاع باعتبارها «طرقاً حيوية للمقاومة».ولفتت المصادر إلى أن هذا الكلام يحيي مخاوف حقيقية من إمكان تدخّل وحدات خاصة من «حزب الله «على الأرض لاعادة فتح طرق معينة ومنع إقفالها، خصوصاً أن الحزب شكّل أخيراً مجموعة من المقاتلين لهذه المهمة قيل إنها حملت اسماً يوحي بالمهمة لمجرد تسميتها « قوة نصرة الجنوب».احتجاجات
في سياق الاحتجاجات، انطلقت تظاهرة من أمام منزل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، حيت تجمع المتظاهرون المحتجون على الأوضاع الراهنة، ومن ثم انطلقوا إلى أمام مبنى «تلفزيون لبنان»، حيث تم استقدام تعزيزات أمنية.وبينما أحيت، أمس، عائلة الناشط السياسي لقمان سليم ذكرى مرور 40 يوماً على اغتياله في الضاحية الجنوبية وسط حشود من الأقارب والشخصيات، نظمت 100 من الأمهات مسيرة أمس الأول، في بيروت تعبيراً عن سخطهن وغضبهن من الطبقة السياسية الحاكمة.