يتوجه الناخبون الإسرائليون غداً إلى صناديق الاقتراع للمرة الرابعة في غضون عامين، في وقت لا تظهر المؤشرات أن هذه الانتخابات ستكون مختلفة عن غيرها، وقد تفرز أغلبية قادرة على الحكم باستقرار، الأمر الذي دفع مراقبين إلى البدء بالتحذير من انتخابات خامسة. وذكر موقع مركز «ستراتفور» الأميركي، أن الانتخابات ستؤكد جنوح إسرائيل إلى اليمين، لكن الانقسامات داخل التيار اليميني بشأن من سيقود البلاد ودور «الأرثوذكس المتطرفين»، والوتيرة التي يجب أن يتواصل بها توسيع المستوطنات، ستعيق لا محالة جهود تشكيل حكومة جديدة مستقرة.
وذكر الموقع في تقرير، أنه إذا لم يتمكن زعيم «ليكود» بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الحالي، الذي أصبح رئيس الوزراء الأطول مدة في الحكم، ولا خصومه من تشكيل حكومة ائتلافية، فإن حالة «عدم اليقين» السياسي ستستمر معيقة بذلك قدرة البلاد على جني كامل ثمار نجاحها في احتواء الآثار الصحية والاقتصادية السلبية لجائحة كورونا.
سيناريوهات 3
وتوقع «ستراتفور» أن تنتهي انتخابات الثلاثاء بسيناريو من ثلاثة.ووفق السيناريو الأول، يمكن لنتنياهو من خلال صفقات في الكواليس، وربما بعض الانشقاقات من الأحزاب المنافسة، أن يكسب فترة أخرى كرئيس للوزراء ويقود ائتلافاً يمينياً ضيقاً آخر، يتألف على الأرجح من قوميين علمانيين وأحزاب دينية وحفنة من أعضاء البرلمان المتطرفين.وسيكون هذا التحالف اليميني داعماً لنهج الاستيطان، وضم الأراضي المحتلة، وسياسات الهوية اليمينية المتطرفة، وترسيخ الهوية اليهودية على حساب الأقليات خصوصا العرب والدروز، كما يحتمل أن يتم الحفاظ عليه بهامش ضئيل، وبالتالي يكون عرضة لضغوط من أحزاب الأقليات حتى أعضاء «الكنيست» الفرديين.وفي التصور الثاني، يمكن لتحالف مناهض لنتنياهو أن ينتصر، لكن مع زوال عامل التوحيد يرجح أن يكون لهذا الائتلاف عمر افتراضي قصير.فقد يتمكن مزيج من أحزاب يسار الوسط واليسار واليمين العلماني المناهض لنتنياهو من تشكيل ائتلاف متنوع أيديولوجيا يركز على إزاحته من السلطة، وليس من الواضح من سيقود مثل هذا التحالف، رغم أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن حزب «هناك مستقبل»، وهو حزب مناهض للفساد، سيحقق نتائج جيدة بما يكفي لتعيين زعيمه يائير لابيد رئيساً للوزراء.لكن التناقضات الأيديولوجية الداخلية والصدامات الشخصية ستظهر بسرعة بمجرد انتهاء التحدي الموحد المتمثل في إزاحة نتنياهو من السلطة، فقد ينهار هذا التحالف في مواجهة أزمة للأمن القومي، مثل اندلاع صراع في غزة أو الضفة الغربية، أو توغل «حزب الله» على الحدود الشمالية أو المناوشات الإيرانية عبر مرتفعات الجولان، حيث ستتشاجر أحزاب اليمين واليسار حول كيفية الرد، مما قد يؤدي إلى انهيار الحكومة مرة أخرى.وأخيراً، إذا لم يتمكن أي من الطرفين من تشكيل حكومة، فمن المرجح أن يقوم «الكنيست» كما فعل بعد انتخابات يونيو 2019 غير الحاسمة، ويحل نفسه لإجراء انتخابات خامسة.جماعة الهيكل
من ناحيتها، أشارت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إلى أن حزبا سياسيا يهوديا متطرفا، ينتمي زعيمه لجماعة يهودية سبق أن حظرتها السلطات الإسرائيلية بسبب تطرفها، يستعد الآن لدخول الكنيست الإسرائيلي بدعم من نتنياهو.وذكرت الصحيفة في تقرير لها أن حزب «القوة اليهودية» (Jewish Power)، الذي يضم جماعات يطلق عليها اسم جماعات الهيكل يترأسه المحامي إيتمار بن غفير، والذي يدعو إلى طرد العرب من إسرائيل، وضم كل أراضي الضفة الغربية، يستعد للعودة إلى الساحة السياسية، وذلك بسبب حاجة نتنياهو إلى حسم نتائج الانتخابات لصالحه.ومن المتوقع أن يحصل الحزب القومي المتطرف على مقعد في الكنيست لأول مرة في تاريخه، وقد ينال حقيبة وزارية في الحكومة المقبلة، الأمر الذي سيمنحه بعض الشرعية التي طالما سعى للحصول عليها.وأشار التقرير إلى أن بن غفير المعروف بالدفاع عن المستوطنين اليهود المتهمين بالعنف ضد الفلسطينيين يستلهم أفكاره من حركة «كاخ» اليمينية المتطرفة المحظورة في إسرائيل منذ عقود، والتي أسسها الحاخام اليهودي الراحل مائير كاهانا، وتدعو إلى إجلاء الفلسطينيين وتتبنى أفكارا عنصرية.وقد أثار دعم نتنياهو للحزب المتطرف الرعب في نفوس العديد من الإسرائيليين خشية احتمال عودة أتباع الحاخام المتطرف الراحل كاهانا إلى الساحة السياسية، ووصف أحد المعلقين السياسيين آراء بن غفير بأنها مثيرة للاشمئزاز.ونقلت «واشنطن بوست» عن النائب السابق عن حزب العمال الإسرائيلي ستاف شافير، الذي رفع عليه بن غفير دعوى قضائية لمقارنته آرائه بالآراء النازية، قوله «إن ما يحدث يمثل كابوسا، وإن هناك إجماعا بين اليسار واليمين الإسرائيليين منذ سنوات على أنه (أي حزب قوة يهودية) لا ينبغي أن يكون في البرلمان، والطريقة الوحيدة لحصوله على مقعد (في الكنيست) هي إذا كان نتنياهو يعمل معه».وفي الانتخابات السابقة التي جرت في مارس 2020، أوشك نتنياهو على عقد اتفاق مع بن غفير، لكن الأخير اشترط فتح المسجد الأقصى للمقتحمين أيام السبت، تمهيدا لتحويله إلى يوم يخصص فيه الأقصى للمقتحمين الصهاينة فقط، فرفض نتنياهو خوفاً من تداعيات هذه الخطوة.موافقة ومغازلة
في هذه الأثناء، أكد نتنياهو، أنه لا ضمّ لأراضٍ من الضفة الغربية المحتلة دون موافقة الرئيس الأميركي جو بايدن، وذلك بعد اتهامات من قبل خصمه رئيس قائمة «كاحول لافان» بيني غانتس، بأن سياساته قد تجعل واشنطن تنتقم من الدولة العبرية.من جانب آخر، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بتسيير رحلات جوية مباشرة لنقل المسلمين من إسرائيل إلى السعودية لأداء فريضة الحج، في محاولة على ما يبدو لمغازلة «عرب 48»، وإظهار قدرته على مواصلة إبرام معاهدات السلام مع الدول العربية والإسلامية، بعد توقيعه اتفاقيات شملت الإمارات، والبحرين، والسودان، والمغرب.تظاهرة كبيرة
وأمس الأول تظاهر عشرات آلاف الإسرائيليين في عدة مدن مطالبين باستقالة نتنياهو.وتركز أكبر تجمع مناهض لنتنياهو، منذ انطلاق الاحتجاجات ضده، في «شارع بلفور» قرب مقر إقامته، بمدينة القدس المحتلة.وخرجت تظاهرات أخرى في تل أبيب وهرتسيليا وقيسارية، ورفع المتظاهرون لافتات دعت رئيس الوزراء المتهم بقضايا فساد، والذي يحتل حزبه «الليكود» صدارة استطلاعات الرأي، للاستقالة «فوراً».