في مواجهة الأزمات والانتقادات... إردوغان يبحث عن طوق نجاة
تلاحقت الأزمات وتصاعدت الانتقادات بصورة غير مسبوقة لسياسات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مؤخراً، فعجّت الساحة التركية بالكثير من التطورات، التي تشي بتحول وشيك، فخلال الساعات الماضية كانت تركيا قاسماً مشتركاً للعناوين الرئيسية للمستجدات في الشرق الأوسط، بموضوعات عدة يرى مراقبون أنها تضيف للأزمات، التي تقوض شعبية إردوغان داخلياً.فالرئيس التركي أقال، الجمعة، محافظ البنك المركزي، بعد أشهر قليلة من تعيينه، وعيّن نائباً سابقاً من حزبه خلفاً له، والسبب كان رفع أسعار الفائدة بصورة كبيرة وصلت إلى 19%، الأسبوع الماضي.ووصفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية هذا القرار بأنه «خطوة مفاجئة تهدد بإغراق تركيا في المزيد من الاضطرابات الاقتصادية».
وأضافت الصحيفة، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني: «محافظ البنك المركزي التركي ناجي إقبال هو ثالث محافظ يقيله إردوغان، خلال عامين، في الوقت الذي تواجه فيه تركيا سلسلة من الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية».وتابعت: «حل صهاب كافجي أوغلو محل إقبال في المنصب، حيث كان كافجي نائباً سابقاً عن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، وكاتب مقالات في صحيفة يني شفق الموالية للحكومة».ونقلت «وول ستريت»، عن جيسون توفي، خبير الأسواق الناشئة في مؤسسة كابيتال إيكونوميكس البريطانية للأبحاث الاقتصادية قوله: «من المتوقع أن تؤدي إطاحة محافظ البنك المركزي التركي إلى هبوط حاد في قيمة الليرة، عندما تعود الأسواق إلى العمل، الاثنين (اليوم)».من جانبه، يرى الباحث في جامعة بيلكنت التركية في أنقرة، سليم سزاك، أن «هذا خراب للاقتصاد التركي، حيث يتم تجفيف كل مصدر للمياه والحياة، نظراً للحسابات السياسية القصيرة الأجل، التي تضرب السياسات المؤسسية الطويلة الأجل»، وفقاً للصحيفة الأميركية. أما محافظ البنك المركزي التركي الأسبق، دورموش يلماز، فقال في تغريدة على «تويتر»: «ماذا نستطيع أن نقول؟ نحن نعاني عواقب أفعالنا، الانتحار الاقتصادي». وجاء هذا التطور في وقت تلاحق فيه سهام الانتقاد إدارة إردوغان، بسبب سعيها لحظر حزب الشعوب الديمقراطي، الموالي للأكراد، بدعوى ارتباطه بحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة منظمة إرهابية، في خطوة أثارت عاصفة انتقادات داخلية وخارجية؛ فوصفها «الشعوب الديمقراطي» بأنها «انقلاب سياسي» قبل عامين من موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية، كما قوبلت هذه المساعي بانتقادات وتحذيرات أميركية وأوروبية. في غضون ذلك، ألغى البرلمان التركي عضوية عمر فاروق جرجيرليوغلو، أحد أبرز نواب «الشعوب الديمقراطي»، والناشط في مجال حقوق الإنسان.ورأت «واشنطن بوست» أن «الإجراءات القمعية الجديدة تقوض التعهدات التي أعلنها الرئيس التركي لتعزيز حقوق الإنسان، والتي تتضمن حرية التعبير، في وقت تسعى حكومته لإصلاح العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة وحلفاء غربيين».من ناحية أخرى، خرجت مظاهرات نسائية، في أنحاء متفرقة من تركيا، تندد بانسحاب أنقرة من اتفاقية حماية المرأة من العنف، الموقّعة في أسطنبول عام 2011، وهي معاهدة وضعها مجلس أوروبا بهدف إنشاء إطار قانوني لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي.وفي حين انتقدت المعارَضة القرار باعتباره «يمهد الطريق أمام استمرار الانتهاكات ضد المرأة»، وصفت الأمينة العامة لمجلس أوروبا القرار بأنه «مدمر»، بالنظر إلى تزايد مستوى العنف والجرائم التي ترتكب بحق النساء والفتيات في تركيا مؤخراً.ويرى محللون أن كل هذه المشكلات المتافقمة، وعلى رأسها الركود الاقتصادي والأزمة الصحية المتعلقة بتفشي وباء كورونا، ربما ترسم مُجتمعةً صورة للتحديات التي تتزاحم على إردوغان، وربما ترغمه على إعادة حساباته، مستشهدين بتحول ملموس مؤخراً في لهجة الخطاب التركي وارتكانه إلى المهادنة، مع توقعات بإجراءات فعلية تستهدف انتشال تركيا من عزلة دولية تسببت فيها سياسات إردوغان.