«الحوار» بين باكستان والهند ممكن لكنه مشروط!

طرحت مقالة نشرتها صحيفة "إنديان إكسبرس" في 12 مارس الجاري تفاصيل مثيرة للاهتمام حول توقعات باكستان من اتفاق وقف إطلاق النار في 25 فبراير وعلاقة البلد مع الهند في المرحلة المقبلة. استناداً إلى مصادر موثوق بها في باكستان، ذكرت الصحيفة أن إسلام أباد تتوقع من نيو دلهي أن تعطي إقليم جامو وكشمير صفة الدولة المستقلة كنقطة بداية لإطلاق الحوار.

لكن على عكس هذا البيان، لم تذكر مصادر صحيفة "إكسبرس" أن مؤسسات الأمن القومي كلها في باكستان، بما في ذلك القيادة المدنية والعسكرية، دعمت وقف إطلاق النار لأنه كان سيمّهد لتوسيع التواصل مع الهند مقابل السماح لباكستان بالتركيز على "الاستقرار الاقتصادي" الذي أصبح أهم شعار في السياسة الخارجية والاستراتيجية الأمنية في باكستان.

ما من تناقض مباشر بين مطالبة باكستان بالاعتراف باستقلال جامو وكشمير وموقف حكومة ناريندرا مودي من هذه المسألة. في الماضي، أعلن وزير الداخلية الهندي، آميت شاه، أن الأرض التي تسيطر عليها الحكومة المركزية وتشتق من دولة جامو وكشمير السابقة في أغسطس 2019 "ستحصل على المكانة التي تستحقها في الوقت المناسب". كان لافتاً ألا تطالب المصادر الباكستانية الواردة في مقالة "إنديان إكسبرس" بإعادة الاعتراف بجامو وكشمير كدولة مستقلة بموجب المادة 370 من الدستور الهندي، مما يشير إلى رغبة في التوفيق بين مطالبها والتنازلات التي ستقدمها حكومة مودي.

توحي سلسلة التقارير المبنية على مصادر مجهولة من الهند وباكستان معاً بأن الطرفَين يحرصان على تفسير موقفهما أمام الرأي العام في البلد الآخر لكن بطريقة يمكن التبرؤ منها عند الحاجة. في مقابلة مع وسيلة إعلامية هندية في أكتوبر من السنة الماضية، قال مستشار الأمن القومي الباكستاني، معيد يوسف، إن الهند كانت تهتم بعقد محادثات مع باكستان، لكن في تلك الفترة، ذكرت مصادر أخرى أن تعليق يوسف على هذا الموضوع كان يكفي لتدمير فرص التواصل نظراً إلى موقف حكومة مودي العلني من باكستان.

تتعلق ملاحظة أخرى بجانب غريب من البيان المشترك بين الهند وباكستان في 25 فبراير غداة اتصال بين كبار ضباط الجيش في البلدين، إذ لم تكن المرة الأولى التي يصدر فيها الفريقان بياناً مشتركاً حيث يجددان التزامهما باتفاق وقف إطلاق النار من العام 2003، بما يختلف عن البيانات الفردية المتشابهة كتلك التي صدرت في عام 2018. نُشِر بيان مشترك من هذا النوع في عام 2013 أيضاً، مع أن اتفاق وقف إطلاق النار في عام 2003 لا يزال غير رسمي، ولم يوافق عليه الطرفان خطياً. كان لافتاً ألا ينشر الجيش الباكستاني بيان 25 فبراير على موقعه الإلكتروني، على عكس الهند.

ذكر بيان 25 فبرير ما يلي: "بهدف إرساء سلام مستدام ومفيد للطرفَين، وافق الجنرالان العامان للعمليات العسكرية على معالجة المشاكل والمخاوف المحورية التي يحملها كل طرف وقد تميل إلى زعزعة السلام ونشر أعمال العنف"، فقد سبق أن ذكر بعض المحللين بعد صدور البيان أن الالتزام بمعالجة تلك المشاكل والمخاوف هو الذي أضفى طابعاً مثيراً للاهتمام على الاتفاق لأن الهند، بغض النظر عن هوية الحزب الحاكم في نيو دلهي، لن تقبل بالمسألة الأساسية التي تهتم بها باكستان، أي تسوية النزاع في كشمير بموجب قرارات مجلس الأمن القديمة وإعطاء سكان كشمير الحق بتقرير مصيرهم. لم يتّضح إذاً معنى تلك العبارة على افتراض أنها لاقت إجماعاً من الطرفين في أعلى المراتب السياسية.

بالعودة إلى مقالة صحيفة "إنديان إكسبرس" في 12 مارس، قد تستخف الهند وباكستان رسمياً بأهمية تجديد الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 25 فبراير، لكن من الواضح أن التبادل بين البلدَين يحمل طابعاً مختلفاً هذه المرة.

دبلومات