​​​سعد الحريري​​​ يرفض «تشكيلة» ميشال عون : مخالفة للدستور ومردودة

• «أمل» تتباين حكومياً مع «حزب الله»
• لودريان: أوروبا لن تقف مكتوفة الأيدي ولبنان ينهار

نشر في 23-03-2021
آخر تحديث 23-03-2021 | 00:05
رئيس الجمهورية ميشال عون مستقبلاً رئيس ​​​​​​الحكومة​ سعد الحريري​​​ في القصر الجمهوري أمس (أ ف ب)
رئيس الجمهورية ميشال عون مستقبلاً رئيس ​​​​​​الحكومة​ سعد الحريري​​​ في القصر الجمهوري أمس (أ ف ب)
كل الآمال بأعجوبة قد توصل إلى حكومة لبنانية جديدة تبخّرت، بعد اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة الملكف سعد الحريري، الذي كشف عن تشكيلة حكومية قدمها له عون، معتبراً أنها غير دستورية.
151 يوماً مرت على ​تكليف​ الرئيس ​​​سعد الحريري​​​ تشكيل ​​​حكومة​ جديدة، والتقى لهذه الغاية رئيس الجمهورية ميشال عون 17 مرة. خلال هذه الفترة، فشلت الطبقة السياسية كلها، في تقديم تنازلات وتشكيل حكومة تكون مدخلاً لحل اسوأ أزمة اقتصادية يعيشها لبنان في تاريخه الحديث، واستمر تقاذف المسؤوليات والاتهامات بين جميع الأفرقاء.

واللقاء الـ 18، الذي جرى أمس، بين عون والحريري لم يأتِ خارج هذا السياق. وفشل الاجتماع المقتضب، في بعبدا، الذي كان الرئيسان اتفقا على عقده الخميس ودام أقل من نصف ساعة، في التوصل الى أرضية مشتركة بين الرئيسين. على العكس من ذلك، يبدو أن الأزمة تخرج عن الاطار الذي كانت تتحرك فيه منذ 17 اكتوبر الماضي وتتحول الى أزمة نظام.

وفي مؤتمر صحافي عقده في القصر الرئاسي، قال الحريري إن «​الرئيس عون​ أرسل لي الاحد تشكيلة حكومية تتضمن توزيعاً طائفياً للوزارات، وطلب مني اسقاط الاسماء عليها، وهذه الورقة تتضمن ثلثاً معطلاً لفريقه السياسي».

وأضاف: «أبلغت رئيس الجمهورية بأن الرسالة كأنها لم تكن، وأعدتها إليه ووضعتُ تشكيلتي بيده منذ مئة يوم، ومستعدّ لأيّ تعديلات، وسهّلتُ له الحل في الداخلية، لكنّه مصرّ على الثلث المعطل».

وتابع الحريري: «اللائحة التي أرسلها لي الرئيس عون غير مقبولة لأن الرئيس المكلف مش شغلتو يعبي أوراق من حدا».

وختم: «هدفي هو العمل على تفادي انهيار لبنان، ولأنّ الرّئيس عون قال إنّ لائحتي الّتي قدّمتها إليه لم تكن متكاملة أضع بين أيديكم التّشكيلة التي قدّمتها لعون منذ أكثر من 100 يوم».

من ناحيته، أشار المستشار السياسي والإعلامي لرئيس الجمهورية،​ أنطوان قسطنطين​، الى أن «​رئاسة الجمهورية​ فوجئت بكلام وأسلوب الحريري​، شكلاً ومضموناً».

ولفت قسطنطين، في بيان للرئاسة، إلى أن ورقة عون «تنص فقط على منهجية ​تشكيل الحكومة​، وتتضمن 4 أعمدة يؤدي اتباعها الى تشكيل حكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف».

وأوضح أن «العمود الأول لوضع الوزارات على أساس 18 أو 19 أو 20 وزيراً، والعمود الثاني يندرج تحته توزيع الوزارات على المذاهب، عملا بنص المادة 95 من الدستور، في وقت يفنّد العمود الثالث مرجعية تسمية الوزير، بعد أن أفصح رئيس الحكومة المكلف بأن ثمة من سمّى وزراءه، على ما تظهره أصلاً التشكيلة التي أبرزها الرئيس المكلف».

وأفاد بأن «العمود الرابع يذكر الأسماء بعد إتمام الاتفاق على المذهب ومرجعية التسمية».

وأعرب قسطنطين عن أسفه من أن «يصدر عن دولة الرئيس المكلف، منفعلاً، إعلان ​تشكيلة حكومية​ عرضها هو في 9 يناير 2020، لكنها أصلا لم تحظ بموافقة رئيس الجمهورية كي تكتمل عناصر التأليف الجوهرية»، مشددا على أن «الورقة المنهجية يعرفها الحريري جيداً، وهو سبق أن شكّل حكومتين على أساسها في عهد الرئيس عون».

وأكد أن «هذه المرة، اختلف أسلوب الحريري، إذ كان يكتفي بكل زيارة للقصر الجمهوري بتقديم تشكيلة حكومية في غالب الأحيان ناقصة، وفي كل الأحيان لا تظهر فيها مرجعية التسمية». وأضاف «إن رئيس الجمهورية حريص على تشكيل حكومة وفقاً للدستور، وكل كلام ورد على لسان رئيس الحكومة المكلف وقبله رؤساء الحكومات السابقين حول أن رئيس الجمهورية لا يشكل بل يصدر، هو كلام مخالف للميثاق والدستور وغير مقبول، ذلك أن توقيعه لإصدار مرسوم التأليف هو إنشائي وليس إعلانياً».

وأكد أن «الأزمة حكومية فلا يجوز تحويلها الى أزمة حكم ونظام، إلا إذا كانت هناك نية مسبقة بعدم تشكيل حكومة لأسباب غير معروفة، ولن نتكهن بشأنها».

الخليلان وبيان «أمل»

وفي خطوة تظهر تبايناً بين طرفي ​الثنائي الشيعي، أصدر المكتب السياسي في ​حركة «أمل​» بياناً طالب فيه بـ «الاسراع بتشكيل ​حكومة​ اختصاصيين غير حزبيين، وفق ما تم التوافق عليه في المبادرة الفرنسية، بعيداً عن منطق الأعداد والحصص المعطلة».

وقرأ البعض في البيان تباينا مع حزب الله، الذي طالب امينه العام حسن نصرالله بحكومة «تكنو-سياسية». وأشاروا خصوصا الى اشارة نصرالله الكثيفة في خطابه الى حاكم المصرف المركزي رياض سلامة موجهة بالدرجة الاولى إلى بري، الذي أصر على عدم المطالبة بإزاحة سلامة، بذريعة ان ذلك سيؤدي الى ارتفاع جنوني لليرة، رغم ذلك فقد وصل الدولار الى 15 الف قبل أن يبدأ بالتراجع.

وكان ممثلا الثنائي الشيعي علي حسن خليل​ والحاج ​حسين الخليل​ التقيا مع الحريري ​عقب الخطاب الاخير لنصرالله​.

جنبلاط

الى ذلك، شدد أمين سر كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب ​هادي أبوالحسن​، على أنّ « الحدّيث عن انقلاب وليد جنبلاط على الحريري هو كلام خاطئ»، مضيفا: «اليوم نحن على تقاطع خطر جداً إقليمياً ودولياً والرؤية غير واضحة، وبالتالي نغرق في مستنقع لم يشهده ​لبنان​ منذ عام 1920. هذه أوّل مرّة يُحكى فيها عن حرب أهلية بعد ​اتفاق الطائف​، لذلك يجب تشكيل حكومة ويجب إيجاد تسوية على قاعدة لا غالب ولا مغلوب».

وكان رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» ​وليد جنبلاط​ التقى عون أخيرا وتحدث عن ضرورة المبادرة الى «تسوية»، وبدأ تحركاً بإرسال موفدين الى الحريري وبري.

لودريان والنهج الجديد

وبعد تلويح فرنسا مجدداً بعقوبات وحديث الرئيس ايمانويل ماكرون، الذي بحث أمس الأول ملف لبنان في اتصال هاتفي مع البابا فرانسيس، عن نهج جديد تجاه لبنان، يبدو أن فرنسا قد عادت بقوة الى المشهد.

ومن بروكسل، حيث يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الاورويي، قال ​وزير الخارجية​ الفرنسي جان إيف لودريان إن باريس طلبت مناقشة الوضع في ​لبنان​ بالاجتماع الوزاري الاوروبي، وشدد على أنه «لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقف مكتوف الأيدي ولبنان ينهار».

وأشار الى أن «لبنان يسير على غير هدى ومنقسم، وعندما ينهار بلد ما يجب أن تكون أوروبا مستعدة»، معرباً عن إحباطه من فشل جهود تشكيل حكومة جديدة في لبنان.

وحتى الساعة، فإن طبيعة «النهج الجديد» وما سيتضمنه من اجراءات لا تزال ضبابية وغير واضحة المعالم. وتشير مصادر إلى أن باريس تجري اتصالات اوروبية واقليمية تشمل الدول الخليجية بشكل خاص، وأميركية ايضا، للبحث والتنسيق في ما يمكن فعله لكسر الجمود. وتتحدث اوساط عن حراك على مكثف على خط التلويح بتصنيف حزب الله، بشقّيه السياسي والعسكري، منظمة ارهابية، في القارة العجوز، وكذلك اعداد لائحة لشخصيات يمكن فرض عقوبات عليها.

الأزمة حكومية فلا يجوز تحويلها إلى أزمة حكم ونظام رئاسة الجمهورية
back to top