أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني، عصام الصقر، أن البنوك الكويتية تتمتع برسملة جيدة وميزانيات عمومية قوية بشكل استثنائي من حيث السيولة وجودة الأصول، وذلك رغم تأثرها سلبًا بانخفاض أسعار الفائدة وحجم الأعمال، بجانب ارتفاع وتيرة تجنيب المخصصات التي كانت في الأساس احترازية بسبب الجائحة.

وخلال المؤتمر الافتراضي الذي عقد بعنوان "البنوك والتمويل"، ونظمته مؤسسة غلوبل فاينانس قال الصقر: "بفضل جهود بنك الكويت المركزي على مدار العقد الماضي، الرامية إلى بناء أحد أقوى الأنظمة المصرفية في المنطقة، ستكون البنوك الكويتية من دون شك جزءًا من تعافي النشاط الاقتصادي في الكويت، فيما ستشكل القوة التي يتمتع بها القطاع المصرفي اليوم عامل تمكين رئيس لدعم التعافي فور السيطرة على الوباء".

Ad

وأبدى الصقر تفاؤله بالجهود التي تبذلها الحكومة للسيطرة على انتشار الفيروس وتسريع وتيرة التلقيح من أجل إعادة الحياة إلى طبيعتها.

وأكد أن الانتعاش الاقتصادي والتعافي المبكر سينعكسان إيجابيا على بعض القطاعات، التي يأتي على رأسها القطاع الاستهلاكي والتجزئة والسفر والطيران، بينما سيتأخر الانتعاش في بعض القطاعات مع احتمالات تعرّضها لتضرر محدود في المستقبل.

وأشار إلى أن بيانات الناتج المحلي الإجمالي أظهرت أخيراً بعض التعافي مقارنة بالأرباع السابقة، في وقت تشير التوقّعات إلى بلوغ نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2021 نحو 3 بالمئة، موضحا أن انتعاش الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية سيدفع باتجاه زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وتحسين التنويع الاقتصادي، إضافة إلى خلق فرص عمل بالقطاع الخاص.

مستقبل الاندماجات والاستحواذات

وحول تأثير وباء كورونا على مستقبل عمليات الاندماجات والاستحواذات في الكويت والمنطقة، أكد الصقر أن الجائحة أدت إلى عدم الاستقرار في الأسواق، وتعطّلت على إثرها اتجاهات أنشطة الأعمال العالمية، وإضافة إلى ذلك، تمت إعادة تشكيل العديد من الصناعات.

وأضاف أن الاضطراب الذي أحدثته الجائحة أثّر أيضًا على القطاع المصرفي عبر مناطق جغرافية مختلفة، فيما ستظل تبعاته ممتدة في المستقبل، مشيرا إلى أن عالم ما بعد COVID سيوفر أيضاً فرصًا لعمليات الاندماج والاستحواذ العابر للحدود، حيث ستواجه المؤسسات المالية المختلفة تحديات للحفاظ على استمرار وتيرة أنشطتها، بينما يسعى البعض الآخر إلى أن يصبح أكبر وأكثر تنوعًا لمقاومة المنافسة الإقليمية والعالمية.

وبيّن أن عمليات الاندماج العابرة للحدود يمكن كذلك أن تؤدي إلى إنشاء الكثير من أوجه التكامل للمؤسسات، وتسمح باختراق أسواق جديدة، كما تساهم في خفض التكاليف ونقل المعرفة والتكنولوجيا واستقطاب المواهب.

وأوضح أن زيادة التكاليف الناجمة عن عمليات الامتثال المرتبطة بالمتطلبات الرقابية، والتي تتحملها البنوك، من شأنها أن تضاعف الضغط على المقرضين الصغار والمتوسطين للتوجه نحو خيارات الاندماج، مشيراً إلى أن هناك تقديرات بأنّ نحو 20 مؤسسة مالية خليجية يتجاوز إجمالي أصولها حاجز التريليون دولار، أجرت محادثات خلال العام الماضي بشأن عمليات اندماج محتملة.

وقال إن عمليات الاندماج التي تحدث في بنوك السعودية والإمارات وقطر، بهدف إنشاء كيانات مالية كبيرة، يأتي في إطار مواكبة التحولات التي تشهدها اقتصادات هذه الدول.

وشدد على أن البنوك الكويتية عليها الاستعداد الجيد للاستفادة من أي فرص ناشئة، للحفاظ على قدرتها التنافسية على الصعيد الإقليمي.

تعافٍ أسرع وأكثر استدامة

وحول زيادة الاهتمام بالاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة خلال الوباء، أكد الصقر أن تبنى الشركات لمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) سيؤدي من دون شك إلى تعافٍ أسرع وأكثر استدامة.

وأشار إلى أن عمليات الإفصاح المنتظم والشفافية في هذا الجانب، ستساعد بشكل أساسي على بناء الثقة مع الجمهور، وتدعم بشكل أفضل أصحاب المصالح في اتخاذ قرارات مستنيرة.

وقال إن هناك أهمية متنامية لممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، وإعداد التقارير في هذا الشأن، وذلك بفضل الطلب المتزايد على الاستثمارات المستدامة على مستوى العالم، خاصة مع تركيز المزيد من المستثمرين على الاستثمار في البيئة والمجتمع والحوكمة.

وأوضح أن الشركات التي تتمتع ببرنامج قوي وتقارير تلبّي التطلعات في مجالات الـ ESG تحظى في الوقت الراهن بتقييمات جيدة، مشيراً إلى أن جميع إصدارات البنك الأخيرة من السندات، وخلال المناقشات التي خاضها البنك بالحملات الترويجية لهذه السندات، شهدنا اهتماماً وتركيزاً كبيرين من المستثمرين على ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وعمليات الإفصاح عنها.

وأكد أن عام 2020 شهد استحواذ الصناديق التي تركز على مبادرات ESG على نحو 51 مليار دولار من صافي تدفقات أموال المستثمرين، مقارنة بـ 21 مليارا في عام 2019، في حين تتم إدارة أكثر من 30 تريليون دولار من الأصول المستدامة على مستوى العالم.

وأشار إلى أن عمليات الإفصاح بشأن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية شهدت تطوراً ملحوظاً، وانتقلت من المفهوم الاختياري، وكونها من بين أفضل الممارسات، إلى أن أصبحت شرطاً مُسبقاً من مختلف العاملين في الصناعة، موضحاً أن العديد من المبادرات والمقترحات من قبل العديد من الجهات، مثل النظام الأوروبي للرقابة المالية (ESFS)، ومؤسسة المعيار الدولي لإعداد التقارير المالية (IFRS)، تهدف إلى تحسين شفافية ومعايير ESG من خلال مجموعة موحدة من معايير إعداد التقارير المستدامة.

وأوضح أن الفترة المقبلة ستشهد إدراج جميع وكالات التصنيف العالمي لتقارير ESG ضمن معايير التصنيف الخاصة بها، وهو الأمر الذي سيخلق إطارًا يمكن أن يكون لممارسات ESG فيه تأثير مباشر على التصنيفات الائتمانية التي ستصدرها.

وأشار إلى أن الكويت شهدت تطورات مهمة على صعيد الحوكمة، بفضل جهود بنك الكويت المركزي في تطوير إطار العمل بالقطاع المصرفي، فيما يعدّ تطبيق قواعد تعيين أعضاء مجالس إدارة مستقلين في البنوك مثالاً جيداً على التقدم المُحرز على هذا الصعيد.

وقال إن هناك العديد من المبادرات التي قدّمتها بورصة الكويت لتعزيز تقارير الاستدامة من قبل الشركات المدرجة، إضافة إلى الخطط المحتملة لإنشاء مؤشر ESG لزيادة تحفيز الإفصاح عن هذه المعايير، مشيراً إلى هناك العديد من الخطوات التي يتعيّن القيام به لتسريع هذا الاتجاه من خلال المزيد من الجهود على مستوى الدولة لتأهيل الشركات الكويتية للتغييرات القادمة في اللوائح ومعايير إعداد التقارير التي تركز على ESG.