عقب انقطاع دام أكثر من عام، يعود قطار وزارة التربية إلى سكته الصحيحة بقرار مجلس الوزراء السماح لها بعقد اختبارات ورقية لقياس مستوى الطلبة في الصف الثاني عشر المقبلين على التخرج من شهادة الثانوية العامة، وخوض غمار التعليم الأكاديمي والدخول بعدها في سوق العمل بالقطاعين الحكومي والخاص، وما يتطلبه ذلك من الحصول على مهارات ومعارف تساعد جيل الشباب في مواجهة التحديات.

وبعد النجاح الوهمي، الذي أفرزته ظروف جائحة كورونا العام الدراسي الماضي، والذي كان نتاجه تخريج طلبة الصف الثاني عشر بشكل جماعي تقريباً، برزت تداعيات ذلك في الجامعات، وهو الأمر الذي اشتكى منه أساتذة الجامعة في كثير من الأحيان، مما دفع المعنيين في "التربية" إلى البحث عن حلول لهذه المشكلة، وعدم تكرار ما حصل العام الماضي، والتوجه إلى وضع خطة لعقد اختبارات ورقية تكون الفيصل في تحديد مستوى الطالب وحقه في النجاح أو الرسوب، بعيداً عن بعض المطالبات الشعبوية بتكرار تجربة العام الماضي بذريعة "الاعتبارات الصحية".

Ad

خطة الوزارة

وتتلخص خطة "التربية" لعقد الاختبارات الورقية لـ 12 في عدة نقاط، أبرزها تنظيم عملية الاختبارات بشكل يضمن سلامة وصحة الطلبة والعاملين بالمدارس التي ستُعقَد بها، من حيث توفير الاشتراطات الصحية والمعقمات وغرف للعزل، وتوفير الطاقم التمريضي المسؤول عن متابعة أي حالة يشتبه فيها، إضافة إلى وضع ضوابط صارمة لفحص كل الداخلين إلى اللجان، والتأكد من سلامتهم، وعدم وجود عدوى، وإلزام الجميع بلبس الكمامات.

وتتضمن الخطة أيضاً توزيع الطلبة بحيث لا يتجاوز عددهم في كل فصل 8 طلاب، وفي حالات سيكون العدد أقل من ذلك، مع الاستفادة من صالات البدنية والمسارح في المدارس التي يكون العدد فيها أكبر لتحقيق التباعد الاجتماعي، وهو الأمر الذي وافقت عليه اللجنة المشتركة بين وزارتي التربية والصحة، وتتضمن مختصين وأطباء من "الصحة" اقتنعوا بآلية العمل التي سيتم توفيرها وضمانها لتحقيق السلامة العامة.

نجاح التعليم

وفي معرض تقييم قرار الاختبارات الورقية، أكدت وزيرة التربية وزيرة التعليم العالي السابقة د. موضي الحمود، أن القرار جاء في توقيته السليم، وهو مستحق لتحقيق العدالة بين الطلبة.

وقالت الحمود لـ "الجريدة"، ان "الطلبة مقبلون على التخرج والحصول على شهادات تؤهلهم لمواصلة مشوارهم التعليمي في الجامعات المحلية والخارجية، وبالتالي لابد من أن تكون هناك ثقة لدى هذه الجهات بمخرجات الثانوية العامة لدينا والشهادات التي يحصل عليها الطلبة، ولهذا فإن قرار عقد الاختبارات الورقية للطلبة قرار صائب ومهم".

وأضافت "يجب أن نثق بمؤسساتنا التعليمية والصحية، ونأمل أن تتعاون وزارتا الصحة والتربية في تحقيق الاشتراطات الصحية، وتوزيع الطلبة على المدارس، وتحقيق التباعد بينهم، لضمان اجراء الاختبارات وفق الضوابط الصحية دون اي معوقات، ومنع انتشار العدوى، لاسيما أن وزارة التربية نجحت في عقد اختبارات طلبة المنازل العام الماضي، كما أن دولا كثيرة قامت بعمل اختبارات ونجحت في إجرائها من دون أدنى تداعيات للفيروس".

صحة وسلامة

ويؤيد أساتذة في جامعة الكويت قرار عقد الاختبارات لطلبة الـ 12، إذ أكد عضو هيئة التدريس بالجامعة د. إبراهيم الحمود، أن "نجاح التعليم يعتمد بالأساس على اهتمامنا بالعملية التعليمية، والجدية في التعامل معها"، مشدداً على أن وجود اختبارات حقيقية تقيس مستوى الطالب يعتبر عاملا مهما جدا في نجاح العملية التعليمية.

وأضاف الحمود لـ "الجريدة": "يجب علينا الاهتمام بالتعليم بكل صوره ووسائله المتاحة، وبأفضل الكوادر والأساليب، فنجاح التعليم هو نجاحنا ونجاح أبنائنا"، لافتا إلى أن "الجامعة تعاني ضعف مخرجات التعليم الثانوي منذ سنوات، وهذا الامر ازداد مع خريجي العام الماضي الذين تم تخريجهم من الثانوية العامة دون إجراء اختبارات لهم".

وشدد على أن الالتزام بلبس الكمامات، وتطبيق التباعد الاجتماعي بشكل جيد، والتهوية المناسبة للمكان كفيلة بمنع العدوى، مستشهدا باختبارات القدرات التي أجرتها الجامعة لآلاف الطلبة وفق إجراءات احترازية دون مشاكل، وعلى "التربية" تطبيق الآلية نفسها وعقد اختبارات لطلبة الثانوية حتى لا يستمر مسلسل النجاح والتفوق الوهمي.

أهمية الاختبارات

من جهتها، قالت مراقبة رياض الأطفال في منطقة مبارك الكبير التعليمية سمر العماني، إن للاختبارات أهمية تعليمية كبيرة، لا تتمثل فقط في تحديد مصير الطالب، وتكليل مجهوداته بالنجاح أو الفشل، ولكن تتعدى إلى كونها أداة مهمة للتعلم.

وأضافت العماني: "وتعتبر الاختبارات وسيلة من الوسائل المهمة التي يُعوَّل عليها في قياس وتقييم قدرات الطلاب، ومعرفة مدى مستواهم التحصيلي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يتم بواسطتها أيضاً الوقوف على مدى تحقيق الأهداف السلوكية، أو النواتج التعليمية، وما يقدمه المعلم من نشاطات تعليمية مختلفة تساعد على رفع الكفايات التحصيلية لدى الطلاب".

وتابعت أن "ظاهرة النجاح الوهمي كانت واضحة للجميع، فبعض الطلاب حصلوا على درجات عالية لا تعكس قدراتهم الحقيقية، مما ترتب عليه دخول هؤلاء الطلبة بمهاراتهم المتدنية إلى الجامعة، ولهذا نحن مقتنعون بأهمية وجود اختبارات حقيقية تقيس المستوى الحقيقي للطالب، مع الالتزام بجميع الاشتراطات الصحية أسوة بما حصل مع طلبة المنازل الذين أجريت لهم اختبارات ورقية العام الماضي في بداية المرض والجائحة، ولم تكن هناك إصابات تذكر".

وأعربت العماني عن تقديرها وشكرها لوزير "التربية" والوكيل المساعد للتعليم العام على اتخاذ هذا القرار الذي كان ينبغي اتخاذه من العام السابق الذي اختلطت فيه الأوراق، وشهد نجاحاً وهمياً لكثير من الطلاب.

اشتراطات «الصحة»... فحص الطلبة وتباعد المقاعد وتجهيز العيادات المدرسية

طالبت وزارة الصحة نظيرتها «التربية» بتوفير عدد من الاشتراطات الصحية لإجراء اختبارات الصف الـ 12، منها وجود مسار واضح، وعلامات لضبط عملية استقبال الطلبة.

وشددت «الصحة» على أهمية توفير نقطة فحص عند مدخل كل مدرسة لفحص الطلبة والمعلمين والإداريين وغيرهم، على أن يكون بها الكمامات والمعقمات وأجهزة قياس الحرارة، وأفراد معنيون بفحص الحرارة، وآخرون معنيون بالسؤال عن الأعراض والمخالطة والسفر لجميع الأشخاص الراغبين في دخول المدرسة.

وأكدت أهمية توفير سجل للفحص اليومي لجميع العاملين والطلاب، والذي يشمل الاسم الثلاثي والرقم المدني ورقم الجوال.

وتضمنت البنود أيضاً توفير أدوات التعقيم وترتيب المقاعد، بحيث لا تقل المسافة عن مترين، وغرفة للعزل، وتجهيز العيادات المدرسية، وتوفير الطاقم التمريضي بالتعاون مع «الصحة»، فضلاً عن تحديد عدد الطلبة داخل الفصل الدراسي، وفي الغرفة الواحدة، وترتيب المقاعد بحيث لا تقل المسافة بين كل فردين عن مترين بوضع علامات مرئية وأشرطة لاصقة على الأرض، إضافة إلى وجود فريق مختص بتوفير كل المستلزمات الخاصة بالاشتراطات الصحية، وقيام الفريق بالمتابعة في حال ظهور أعراض مخالطة لحالة إصابة مؤكدة بـ «كوفيد 19»، أو في حال وجود إصابة مؤكدة، والتشديد على وضع جميع مَنْ في المدرسة الكمامات طوال فترة وجودهم بها.

وفي حالة الاشتباه في وجود حالة إصابة بالفيروس يتم إبلاغ الصحة الوقائية، وتزويدها بقائمة المخالطين للشخص المصاب في حالة وجوده بالمدرسة.

فهد الرمضان