في مشهد مؤسف وصارخ يجسد الإهمال والتقصير الحكومي، تحوّل الطريق إلى مركز إعادة تدوير النفايات الإنشائية في كبد إلى منطقة عشوائيات ومستنقع للنفايات الخطيرة التي تهدد البيئة الكويتية، إذ أصبح أحد أكبر مراكز تجميع النفايات وإعادة تدويرها في البلاد مصدراً للنفايات، وبدلاً من أن يكون مشروعاً تنموياً مربحاً بات قنبلة بيئية قابلة للانفجار.ويعاني المركز الذي يقصده ما يقارب ألف سيارة يومياً وتبلغ مساحته كيلو متراً مربعاً، ويشمل بداخله شركتين لإعادة تدوير النفايات الخرسانية والإنشائية تبلغ مساحتهما 100 ألف متر مربع، إضافة إلى مردم ضخم للمواد المختلفة بجانبه، من تلف البيئة المحيطة به، لدرجة أن نسبة التلوث بالقرب منه مرتفعة جداً ولا تصلح لعمل الموظفين بداخله ليشكل خطراً على صحتهم، كما يواجه ضعف المراقبة على الآليات التي تلقي المخلفات بالقرب منه والتي يقدر عددها بألف سيارة يومياً مسببة فوضى تكاد تفتك بالبيئة البرية وصولاً للجواخير المخصصة للماشية. كما أشار بعض رواد الطريق إلى افتقار المركز لأهم المرافق المتواجدة في أي موقع ضخم كمحلات المأكولات والمشروبات وغرف للاستراحة، ودورات مياه، التي لها عائد مادي ومعنوي على المركز والعاملين به، مشيرين إلى أن المركز يعمل طوال 24 ساعة وبشكل يومي، ويفتقر لأهم مقومات المراكز التي ترقى لأن تكون لإعادة تدوير النفايات لاسيما شكله الخارجي وغياب اللافتات الإرشادية ماعدا عند المدخل، علاوة على صغر الأماكن المخصصة للشركات المتواجدة.
ووسط مناداة البعض بالاهتمام بتطوير عمليات نقل المخلفات، مازال المركز يئن من إهمال الخدمات وأبرزها فقدانه شارعاً رئيسياً يؤدي إليه، ومرافق ومحلات صغيرة للمأكولات الخفيفة والمشروبات فضلاً عن دورات مياه وأماكن انتظار للمرتادين، ولكن لا حياة لمن تنادي"الجريدة" جالت في المركز لترصد أبرز المشاكل والتي أجمع عدد من المرتادين والعاملين فيه على أنها تتمثل في عدم وجود طريق رئيسي، فبعد إغلاق الطريق المؤدي إلى المركز، زادت مشاكل الوصول إليه ولا يمكن المرور به إلا عبر طريق بري "دباية" وعر، نتيجة تراكم أكوام مُخلفات إنشائية، و"أسفلت" ناتج من إصلاحات لمشاريع دولة، ومخلفات أسمنتية، إضافة إلى بودرة خرسانة، ومواد سامة مضرة بالبيئة، ملقاة على قارعته دون مراقبة حقيقية بيئية رادعة. وأمام عدم الاكتراث بإنشاء طريق بديل لناقلي النفايات لمركز المعالجة بعد إغلاق الطريق الرئيسي منذ 3 سنوات بسبب انشاء بنية تحتية لأحد مشاريع الدولة لإقامة مدينة حرفية، لجأت معظم الشاحنات الثقيلة إلى الهروب من وعورة الطريق والتهرب أيضا من دفع رسوم الدخول للمركز وإلقاء المخلفات على جانبي طريق بري يبلغ طوله ما يقارب 10 كيلو مترات مما خلف وراءه أكوام نفايات ضارة بالبيئة.واشتكى العديد من أصحاب الشاحنات عدم تحمل البعض إكمال الطريق البري الوعر بسبب عدم قدرة السيارات الثقيلة السير مسافة طويلة، وإضاعة الوقت الذي يصل إلى 12 ساعة متواصلة في رحلة عملية نقل النفايات، وبالتالي تتباطأ عمليات العودة للتحميل مرة أخرى من مكان المشروع الانشائي، فضلاً عن تكبد خسائر بسبب عملية إصلاح الشاحنات من الاعطال التي تلحق بها بسبب "وعورة" الطريق.
180 سيارة فقط
وذكر العاملون في شركات اعادة التدوير في منطقة كبد لـ "الجريدة"، أن عدد السيارات التي كانت تدخل إلى المركز محملة بالنفايات يقارب الألف سيارة سابقاً وهو عدد مهم لما تمثله من إيرادات للدولة اضافة الى زيادة كميات المواد المستخرجة منها والتي من الممكن أن يعاد تدويرها، مضيفين: إلا أن اغلاق الطريق الرئيسي عرقل وصول نسبة 75 في المئة من "النسافات"، لدرجة أصبح معدل الداخل منها في اليوم الواحد 180 سيارة فقط، موضحين أن ذلك يكشف عن خلل كبير نتج عنه المزيد من التهرب أولاً من رسوم الدخول، علاوة على المساهمة في تخريب المنطقة المحيطة بالمركز. وعبر العاملون عن استيائهم من هذا الوضع المستمر على مدى 3 سنوات، قائلين إن البعض يستغل البر لإلقاء المخلفات دون أدنى مسؤولية من الجهات المعنية لاسيما وزارة الاشغال التي لم تلق اي اهتمام لإنشاء طريق بديل، مما اضطر المرتادين لعمل طريق بري مزخم بالمخاطر، فضلاً عن وجود محاصيل ماشية قريبة قد تتأثر من هذه النفايات التي قد تمتد للدائري السابع.نقل النفايات
وتعليقا على هذا الوضع المزري، قال رئيس لجنة تقصي الحقائق في المجلس البلدي عبدالسلام الرندي، إن آلية نقل النفايات مبعثرة ومعظم السيارات لا تلتزم بنقل النفايات خاصة الانشائية الصادرة من المباني أو المصانع والمشاريع، مما يجعل قائديها يلقون بها في البر دون اكتراث، مطالباً بوجود مراقبة على الشاحنات بطرق متعددة وفرض العقوبات حتى تلتزم بنقلها لمصانع اعادة التدوير مما لا يدع مجالاً لتخريب البيئة.وذكر الرندي أن نقل النفايات من المواضيع المهمة والملفات التي تحتاج الى إعادة نظر وفلسفة جديدة حتى يتم التعامل معها بالشكل الصحيح، مبيناً أن معدل إلقاء النفايات للفرد يبلغ 1.5 كيلو غرام وهي نسبة عالية، مقارنة بالدول الأخرى والمفترض ألا تتعدى الكيلوغرام. وكشف أنه حسب الاحصائيات تتراكم النفايات كل ساعتين بحيث تصل لـ10 كيلو غرامات مما يحتاج لرفع مستوى التوعية حتى يتم تقليل النفايات، مضيفا أنه عندما تكون هناك شوائب كثيرة من النفايات يضطر بعض اصحاب السيارات لإلقاء المخلفات خارج المركز بعد منع استقباله، متابعاً أن شركات اعادة تدوير النفايات تحتاج الى التفات ودعم للتخلص من الكم الهائل من المخلفات اليومية.إعادة التدوير
ومن جهتها، قالت عضوة المجلس البلدي مها البغلي، إن صناعة إعادة التدوير لها دور كبير في حل مشكلة إدارة النفايات والتعامل مع الضغط الهائل على المرادم خاصة الانشائية منها لانتاج مواد صالحة للبناء، مبينة أن بعض التحديات أمام المصانع الموجودة في كبد تكمن في ضعف الرقابة من البلدية في توصيل النفايات للمركز خاصة خلال السنتين الماضية وضعف الرقابة على عمليات الهدم مما يترتب عليه نفايات تالفة وغير قابلة لإعادة التدوير. وأوضحت البغلي أن صعوبة الوصول إلى المركز إحدى التحديات بسبب الطرق غير المهيئة للشاحنات خاصة مع مشاريع شبكات الطرق الجديدة، وهو ما ينتج عنه رمي النفايات في البر مما يؤدي إلى تلوث وخسارة المصانع مواد يمكن الاستفادة من اعادة تدويرها، مطالبة بوضع آلية رقابة بين الجهات المعنية في البلدية والهيئة العامة للبيئة وتنظيم نقل النفايات من المصدر الى موقعها المخصص لها ومخالفة غير الملتزمين.