هل يتعمدون غربلة الناس؟
الواجب على كل قيادي وموظف في الدولة أن يقوم بخدمة الجميع من خلال وظيفته بالقانون والمعاملة الطيبة واتخاذ الإجراءات المناسبة التي تمكن الموظفين من كل حقوقهم الوظيفية، وتحقق لأفراد المجتمع كل الخدمات الحكومية بيسر وعدالة، ما نشاهده ونسمعه من بعض القرارات الصادرة من الجهات الحكومية تخلّفٌ لا يمكن استيعابه، وبلادة لا يمكن قبولها، ونستغرب فعلاً كيف يقبل أي قيادي ومسؤول صدور هذه القرارات في عهده، وكيف يتركها دون تعديل، وتصحيحها إن صدرت في عهد من قبله ودون المبادرة لتعديل الأوضاع والتيسير على الناس في شؤونهم؟قضية ضياع الرصيد الفائض من الإجازات للعاملين في الصحة مثال واضح على غيبوبة بعض القياديين وعجزهم عن التعامل مع الواقع بإبداع وإنصاف، ففي حين منعت الصحة موظفيها من التمتع بالإجازات سنة 2020 لمواجهة جائحة كورونا فوجئ الموظفون بأن رصيدهم الفائض من الإجازات تم إلغاؤه لأن قرارات ديوان الخدمة المدنية تمنع ذلك، فهل هذا جزاء من واجه الوباء وتحمل أعباء مسؤوليته؟ وأين دور وزارة الصحة في حماية حقوق موظفيها؟ وأين دور ديوان الخدمة المدنية في إيجاد الحلول البديلة التي تنصف الناس؟قضية أخرى وهي تجديد شهادات الإعاقة التي تشكل هاجساً مقلقاً لأصحابها ولأولياء أمورهم، فقد تبين أن هيئة الإعاقة تطلب تجديد الشهادة سنوياً لكل المستفيدين من خدماتها بمن فيهم أصحاب الإعاقة الشديدة ممن لا يمكنهم الحركة أصلاً، وبعضهم على فراشه من سنوات، فكيف تقوم هيئة الإعاقة بمساواة أصحاب هذه الحالات الحرجة بباقي الحالات البسيطة والمتوسطة؟ ولذلك يستحق الشكر وزير الشؤون مشعان العتيبي لقراره الأسبوع الماضي بأن تصدر للإعاقة الشديدة شهادات دائمة، فهذا عين العقل والرحمة، فيكفي الفوضى والمعاناة التي يلاقيها الناس أصلاً من مراجعتهم للهيئة.
الأمر الثالث استمرار تعثر عدة وزارات في صرف رواتب عمالتها الخدمية في ظاهرة لا إنسانية ومهينة مع عجز الأجهزة الحكومية عن مواجهتها والقضاء عليها، فعلى مدار العام نشاهد إضرابات العمالة وشكاواهم من عدم تسلمهم رواتبهم الشهرية، وهذا أبسط حق لأي موظف وعامل فضلاً عن إساءته الشديدة لسمعة الكويت، فتارة عمال وزارة الأوقاف وتارة وزاة الصحة ومرة الأشغال وحالياً وزارة التربية التي لم تصرف رواتب العقود الخدمية، وعقود شركات الأمن لعدة شهور، فأي ظلم هذا؟ وأي عجز الذي يقع في المؤسسات الحكومية بلا قرارات صارمة لحسمه؟ يتولى بعض الناس المناصب في غفلة من الزمن، فيظنون أنها مخلدة لهم، وأن الناس في حاجتهم، فيقضون مدة خدمتهم القصيرة مهما طالت بلا إنجاز للبلد ولا خدمة للمواطن ولا انتصار للحقوق، حتى تظن أنهم يتعمدون غربلة الناس، فإذا دنت ساعة الحقيقة وانتهت لذة المنصب وعاد هذا المسؤول إلى بيته اكتشف أنه خرج من وظيفته محملاً بالمظالم وإضاعة الحقوق ودعاوى الناس عليه، وحينها لا ينفع الندم، فاصحوا أيها المسؤولون قبل فوات الأوان. والله الموفق.