في تحول دراماتيكي، أظهرت النتائج الأولية للانتخابات الإسرائيلية، أمس، حصول "القائمة العربية الموحدة" المنشقة عن "القائمة المشتركة" للأحزاب والأطر العربية في إسرائيل بقيادة منصور عباس على خمسة مقاعد، مما يعزز فرص الأخير لأداء دور "صانع الملوك".

وكانت "القائمة المشتركة" التي أظهرت استطلاعات الرأي حصولها على نحو 9 مقاعد، أعلنت الشهر الماضي خوضها انتخابات الكنيست من دون الحركة الإسلامية الجنوبية بعد انشقاق الأخيرة.

Ad

وترفض "المشتركة" التعامل مع رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، في وقت بات عباس يتبنى نهجاً جديداً قريباً من رئيس الوزراء. وقد امتنع عن التصويت لحلّ البرلمان في ديسمبر، في خطوة فُسّرت على أنّها إشارة دعم لنتنياهو، وقد صرح، أمس، بأن حزبه ليس ملتزماً "بأي كتلة وأي مرشح".

و"الحركة الإسلامية الجنوبية" سياسية دينية تحمل فكر "الإخوان المسلمين"، وكانت جزءاً من "الحركة الإسلامية العامة" في إسرائيل التي أسست عام 1971، لكنها انشقت عن الحركة التي يتزعمها رائد صلاح بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993.

وتمحور الخلاف حول المشاركة في انتخابات الكنيست التي تقاطعها "الحركة الإسلامية الشمالية" بقيادة صلاح.

ورغم احتفاظها بعقيدة محافظة واعتبارها أن الإسلام هو الحل، تدعو "الحركة الجنوبية" إلى الاندماج في المجتمع الإسرائيلي.

وقال عباس في وقت سابق، إن حركته تريد من الأحزاب العربية أن تحدّد "مع أي من رؤساء الأحزاب اليهودية الأخرى هي مستعدة أن تتعامل كبديل لنتنياهو من أجل تحصيل مطالب المجتمع العربي وحل مشكلاته".

وخلال الانتخابات السابقة، حصلت "القائمة المشتركة" للمرة الأولى في تاريخ الانتخابات الإسرائيلية منذ 1949 على 15 مقعداً، بينما لن يتعدّى عدد مقاعدها في الكنيست القادم 8 أو9، حسب النتائج الأولية.

وأعرب عباس خلال الأشهر الأخيرة عن تحيته لاتفاقات التطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، مبدياً استعداده لأداء دور الوسيط في هذا المجال.

ومن أسباب التوتر بين عباس و"القائمة العربية المشتركة"، إشادة عباس خلال ترؤسه اللجنة الخاصة للقضاء على الجريمة في المجتمع العربي، بمجهود رجال الشرطة الإسرائيليين، مما أغضب أعضاء الكنيست في القائمة المشتركة.

وكان زعيم "القائمة الموحدة" ربط تراجعه عن موقفه بالانشقاق عن القائمة المشتركة، بتقديمها ضمانات بعدم التصويت على قوانين تخالف عقيدة المجتمع العربي المحافظ وعلى رأسها "قانون دعم الشذوذ"، في إشارة إلى مشروع قانون تم التصويت عليه في الكنيست في عام 2019، يحظر إجراء "عمليات تحويل" للقاصرين الذين تظهر لديهم ميول جنسية مثلية، ويومها، صوّت ثلاثة أعضاء من القائمة لمصلحة مشروع القانون، في حين عارضه نواب الحركة الإسلامية.

ويقدّر عدد عرب إسرائيل بمليون و400 ألف نسمة يتحدرون من 160 ألف فلسطيني ظلوا في أراضيهم بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948. ويشكلون 17.5% من السكان ويشكون من التمييز ضدهم خصوصاً في مجالي الوظائف والإسكان.

وأظهرت النتائج الرسمية الأولية التي نشرت صباح أمس، تصدّر نتنياهو وحزبه اليميني "الليكود" وحصوله على أكبر عدد من الأصوات، مما يزيد فرصه في تشكيل ائتلاف يتمتع بالأغلبية في الكنيست، في وقت حل حزب "يش عتيد" (هناك مستقبل) الوسطي بزعامة لابيد في المركز الثاني.

وتشير تحليلات أجرتها "هيئة الإذاعة الإسرائيلية العامة" (كان)، بعد فرز نحو 90% من الأصوات إلى أن الأحزاب الموالية لرئيس الوزراء ستحجز 52 مقعداً في البرلمان في مقابل 56 للمعارضة التي يسعى رؤساؤها إلى الإطاحة بحكم نتنياهو الطويل.

وفي مثل هذا الإطار المتقارب، يمكن لـ"الحركة الإسلامية"، أن تؤدي دوراً مهماً في ترجيح الكفة لهذا الجانب أو ذاك.

ويرى المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية المشارك في جامعة تل أبيب أمل جمال، أن "لا خطوط حمراء عند منصور عباس في الساحة الإسرائيلية"، موضحاً أن عباس سيحاول "مغازلة جميع الأطراف"، وأن "اللعبة تتطلب البراغماتية وإتقان لعبة الأرقام".

وعما إذا كان نتنياهو سيطلب دعم عباس لتشكيل ائتلاف حكومي، قال جمال، إن رئيس الوزراء سيقدم على ذلك "كورقة أخيرة"، مضيفاً: "لكن المسؤولية الوطنية القومية في إسرائيل تتطلب من بعض الأحزاب الصهيونية التنازل عن مواقفها والانضمام إلى حكومة نتنياهو حتى لا تعتمد على العرب أو من تطلق عليهم اسم داعمي الإرهاب".

ومن الأحزاب الأخرى التي يمكن أن تؤدي دوراً في ترجيح الكفة في الكنيست لمصلحة نتنياهو أو ضده، حزب "يمينا" المتشدد برئاسة نفتالي بينيت الذي سيحصل على ما يبدو على ما بين سبعة إلى ثمانية مقاعد، وهو يشارك نتنياهو العقيدة نفسها، لكنه ينتقد إدارته للبلاد.