هل يجعل الهاتف منّا تافهين؟
![دانة الراشد](https://www.aljarida.com/uploads/authors/400_1702572887.jpg)
ولعل كثرة التعرض لمحتوى "السوشال ميديا" (الموجه في أغلب الأحيان) قتل القدرة على التفكير المستقل، فكل من حولنا– إلا من رحم ربي- أصبحوا بالمظهر ذاته والأفكار نفسها، والتي كثيراً ما يرددونها بانفعال دون البحث المطول في حقيقة وتاريخ هذه الأيديولوجيات، يبقى الإنترنت فضاءً مفتوحاً للجميع للتعبير عن أنفسهم بأي شكل يشاؤون، لذا فمن الأجدر اكتشاف هذه الآفاق بصورة إبداعية عوضاً عن تكرار الصورة والفكر والهوس بالسطحيات.كذلك فعلى الرغم من الفائدة الهائلة لخدمات التوصيل– خصوصاً مع فترات الحظر المطولة- فإنها ألغت أي أسواق أو خدمات لا تملك وجوداً رقمياً، حتى إن كانت تقدم خدمات أفضل وبأسعار أقل، ولاشك أن أكثر الفئات المتضررة من ذلك هم العمالة البسيطة ذات الدخل والتعليم المحدودين، ولربما خلقت هذه التكنولوجيا حالة من الكسل لدى الفرد وتفويت فرصة اكتشاف محيطه والتواصل البشري بسبب الانغماس في هاتفه الذكي، ذلك المصباح السحري الذي يوفر كل احتياجاته، وإن كان ذلك بأسعار مبالغة. أعتقد أيضاً أن الهاتف قد شتت أذهاننا، فأصبحنا نتناول المعلومات المجزأة من مصادر غير موثوقة بدلاً من قراءتها ضمن سياقها في متن متكامل، مما يخلق الكثير من المغالطات. على أية حال، يبقى الكتاب الرقمي والمسموع مصدرين شاملين وعمليين للحصول على المعرفة بعيداً عن أيدي الرقابة أو مشكلة عدم توافرها محلياً. في نهاية الأمر، نحن نعيش في زمن الإنترنت والهاتف الذكي، ومن المهم أن نكون نحن من يتحكم في هذه التكنولوجيا بدلاً من أن تتحكم فينا، وألا نستبدل التواصل الإنساني العميق بهذا الحضور الإلكتروني العارم، وإن أخذ بعض من الوقت بعيداً عن الشاشة ضرورة قصوى للحفاظ على صحتنا النفسية والجسدية، وإطفاء الهاتف تماماً عند عدم الحاجة له قد يحفظ ما تبقى من استقلاليتنا وخصوصيتنا.* «بات واضحاً وبشكل مرعب أن تطور التكنولوجيا فاق تطور إنسانيتنا». (ألبرت آينشتاين)