في خطوة تعزز نفوذ وجهود بكين الرامية إلى اتمام مشروع "الحزام والطريق" وصولاً إلى أوروبا عبر الشرق الأوسط، وقعت إيران والصين اتفاق تعاون تجاري واستراتيجي، مثير للجدل، قيمته 300 مليار دولار ومدته 25 عاماً أمس.

وتم توقيع "الوثيقة الشاملة للتعاون بين إيران والصين للأعوام الـ 25 القادمة" خلال مباحثات بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونظيره الصيني وانغ يي في العاصمة طهران أمس.

Ad

وأفاد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة بأن الاتفاق ينظم الأبعاد الاقتصادية للتعاون بين البلدين في العديد من المجالات وسيكون بمنزلة "خريطة طريق" في تعميق العلاقات الثنائية.

وأوضح أن الاتفاقية تركز على "الأبعاد الاقتصادية التي تعد المحور الأساس لها ومشاركة إيران في مشروع الحزام والطريق" وهي الخطة الصينية الضخمة لإقامة مشاريع بنى تحتية تعزز علاقات بكين التجارية مع آسيا وأوروبا وإفريقيا.

وأشار المسؤول الإيراني إلى أن مشروع الاتفاقية يعود إلى زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى طهران في يناير 2016، حين قرر مع الرئيس حسن روحاني تعزيز العلاقات بين البلدين.

و"الحزام والطريق" مبادرة صينية، تعرف بـ"طريق الحرير" للقرن الحادي والعشرين، وتهدف إلى ضخ استثمارات ضخمة لتطوير البنى التحتية للممرات الاقتصادية العالمية، لربط أكثر من 70 بلداً.

علاقات دائمة

وقبيل التوقيع على الاتفاقية، أكد وزير الخارجية الصيني، خلال لقائه مع علي لاريجاني، المسؤول عن اتفاقية الـ"ربع قرن"، أن "علاقات بكين مع طهران لن تتأثر بالظروف اليومية".

وأشار وانغ يي خلال اجتماعه مع لاريجاني وهو عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، إلى أن العلاقات بين البلدين "ستكون دائمة واستراتيجية".

وشدد الجانبان في اللقاء، الذي جاء كذلك بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين إيران والصين، على التنمية الشاملة للعلاقات القائمة على الشراكة الاستراتيجية الشاملة.

من جانبه، قال لاريجاني، في إشارة إلى نهج إيران في السياسة الخارجية: "إن الجمهورية الإسلامية تبني بشكل مستقل علاقاتها مع الدول، وعلى عكس بعض الدول، لا تغير موقفها جراء تلقي اتصال هاتفي من جهة خارجية".

اعتراضات وسرية

وجاء التوقيع الإيراني رغم تحذيرات قوى معارضة داخلية من أن الاتفاق يتضمن فقرات عديدة سرية تمنح بكين امتيازات تخالف الدستور الإيراني، بما في ذلك تطوير جزيرة للسياح الصينيين، بطريقة تمنح بكين السيطرة على أراضٍ إيرانية، وكذلك إنشاء قواعد عسكرية مشتركة في الخليج.

وفي يوليو الماضي، قوبل الكشف عن بعض بنود الاتفاقية باحتجاجات واسعة وكادت أن تسقط في البرلمان حتى قبل عرضها عليه، لولا تدخل المرشد الأعلى علي خامنئي الذي طلب من النواب الأصوليين، الذين ارتفعت أصواتهم ضد الاتفاقية التريث كما كلف رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني بمواصلة متابعة الاتفاقية بدل إبقاء الملف بيد وزارة الخارجية المكروهة من الأصوليين.

وفي وقت سابق، أكدت مصادر إيرانية اطلعت على وثيقة أولية بشأن الاتفاقية لـ"الجريدة" أن الاتفاقية تتضمن بنوداً مثل تطوير الموانئ والجزر وتوفير المعدات العسكرية وهو ما قد يسمح لبكين بالحصول على قواعد عسكرية في الخليج. كما تضمنت البنود التعاون في بناء وسائل التواصل وضمان شراء الصين للنفط الإيراني مقابل وجودها في إيران.

مصالح وتغاضٍ

ويأتي إبرام وزير الخارجية الصيني للاتفاقية مع طهران التي وصلها أمس الأول بعد جولة في المنطقة شملت السعودية وتركيا، إذ تسعى بكين للعب دور أبرز بجميع الملفات في المنطقة بما في ذلك ملفي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والأزمة اليمنية وسط توجس أميركي وغربي.

والخميس الماضي، أعلنت بكين أنها ستصون صفقاتها النفطية مع إيران وإنها تدافع عن مصالحها الشرعية في التعاون بين البلدين ودعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات لإعادة بناء الثقة وإحياء الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018.

من جانب آخر، تُوجه اتهامات إلى الجمهورية الإسلامية بالتغاضي عن التقارير الغربية التي تتحدث عن انتهاكات واسعة ترتكبها السلطات الصينية بحق أقلية الإيغور المسلمة وبإعطاء الأولوية لمصالحها الاقتصادية.

الخطوة الاولى

إلى ذلك، أعرب الرئيس الإيراني حسن روحاني، خلال أول جلسة بالعام الإيراني الجديد، عن أمله في تنجح جهود حكومته في فترتها المتبقية حتى أغسطس المقبل، في القضاء على فيروس كورونا بنسبة كبيرة إضافة إلى رفع العقوبات الأميركية أو جزء منها على الأقل، قبل تسليم السلطة للحكومة الجديدة.

لكن الرئيس الإيراني المعتدل الذي أعرب عن أمله في تسليم السلطة لحكومة جديدة بأقل العقوبات، ذكر بأن "الإرهاب الاقتصادي الأميركي الذي بدأه الرئيس السابق دونالد ترامب ما زال مستمراً".

وجاء حديث روحاني بعد ساعات من تصريحات نقلت عن مسؤول أميركي، مشترطاً عدم نشر اسمه، أبدى فيها مرونة أكبر من جانب واشنطن بشأن "أزمة الخطوة الأولى" لإحياء الاتفاق النووي الذي يهدف لتقييد حصول طهران على سلاح ذري.

وقال المسؤول لـ «رويترز»: "من يتحرك أولاً ليست المشكلة. المشكلة هي هل نتفق على الخطوات الذي سنتخذها على نحو متبادل".

وسعى المسؤول الأميركي إلى تصحيح ما قال إنه فهم خاطئ بأن واشنطن تصر على التزام طهران الكامل بالاتفاق قبل اتخاذ واشنطن أي خطوات لاستئناف التزاماتها.

وأضاف المسؤول أن البيت الأبيض لا يصر على ضرورة اتخاذ طهران خطوة أولى للالتزام قبل شروع واشنطن في اتخاذ إجراء.

وأوضح قائلا "لا نصر مطلقاً أن تلتزم إيران بشكل كامل قبل أن نقوم بأي إجراء. إذا اتفقنا على خطوات متبادلة فإن مسألة التسلسل لن تكون مشكلة".