يبدو أن حراك السفراء الأجانب والخليجيين الذي شهده لبنان الأسبوع الماضي، وعنوانه الرئيسي الضغط لتشكيل حكومة بشروط المجتمع الدولي لوضع البلاد على سكة الإنقاذ، قد أوجد ديناميكية داخلية، تمثلت في المبادرات التي أطلقها أخيراً الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ورئيس مجلس النواب نبيه بري.

وكشف أمين السرّ العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر عن صيغة جديدة لتشكيل الحكومة وضعت في التداول وهي "3 ثمانات"، من دون حصول أحد على ثلث معطل، مضيفاً أن "هذه الصيغة قد تشكل مدخلا للتسوية فيما لو كسر الفيتو الموضوع من بعبدا على الرئيس المكلف سعد الحريري". ولفت الى أن "أي إصرار على حكومة تكنوسياسية أو سياسية هو ضرب للمبادرة الفرنسية".

Ad

وتعليقاً على تصريح كبير مساعدي رئيس مجلس الشورى الإيراني للشؤون الدولية، حسين أمير عبداللهيان، الذي اعتبر فيه أن الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية لا تريد حكومة، شدد ناصر على أن "الرهان يبقى على تسوية داخلية لأن الخارج كان منكفئا عن لبنان"، لافتا الى ان كلام عبداللهيان جاء ردا على حركة سفراء كل من السعودية واميركا وفرنسا، وكأنه يقول ان لدى الإيراني أيضا علاقة بمركز القرار السياسي بلبنان.

وكانت معلومات عن اللقاء الذي عقد ليل الخميس- الجمعة بين الحريري وبري، اشارت الى ان الأخير اقترح مبادرة لتشكيل حكومة من 24 وزيراً، يكون فيها الرئيس ونائبه بلا أي حقيبة مقابل 22 وزيرا كل واحد منهم يتولى حقيبة واحدة. وتفيد المعلومات بأن بري وضع "حزب الله" في جو مبادرته، كما أرسلها الى رئيس الجمهورية ميشال عون للحصول على موافقته.

من ناحيتها، قالت صحيفة "الأخبار" المحسوبة على "حزب الله" أمس، إنه بدأت تنتشر في ​الساعات​ الماضية معلومات عن حلحلةٍ ما من جانب الحريري، وتحديداً في ما يتعلّق بعدد الوزراء في ​الحكومة​، حيث يُقال إنّ رئيس الحكومة المُكلّف يقبل بزيادة العدد على 18 وزيراً.

وقالت الصحيفة ان الحريري بحث الموضوع في الاجتماع الذي عُقد بينه وبين رئيس ​مجلس النواب​، حيث قال الحريري إنه لم يعد متمسكاً بـ "حكومة من 18 وزيراً"، مع إصراره على رفض حصول أي فريق على الثلث المُعطّل.

بيان «التيار»

في غضون ذلك، أصدر المجلس السياسي لـ "التيار الوطني الحر" بياناً أمس عقب اجتماعه الدوري برئاسة​ النائب ​جبران باسيل، اتهم فيه الحريري بتهميش المسيحيين. وجاء في البيان: "لا بدّ لرئيس ​الحكومة​ المكلّف أن يعود الى الأصول الميثاقية والدستورية التي يعرفها جيدا، والتي سبق له أن اعتمدها في تشكيل كل حكومة"، مضيفا: "نسأل اللبنانيين من يعتقدون أنه سيسمي وزراء الطائفتين الشيعية والدرزية ومن سيشارك رئيس الحكومة في تسمية وزراء الطائفة السنيّة، ولماذا يمعن في ترك الإبهام والغموض في توزيع الحقائب وخاصة ​المسيحية؟ وهل ​رئيس الجمهورية​ هو شريك دستوري في ​تأليف الحكومة​ أم أن صلاحيته محصورة بالتوقيع على مرسوم التأليف؟ وهل يفهمون مغزى أن تُشكّل حكومة في لبنان تغيب عنها ​الكتل النيابية​ المسيحية بالمشاركة والثقة، وهل تدرك المرجعيات المعنيّة معنى العودة الى زمن الوصاية السياسية؟!".

وحذر البيان من "خطورة المنحى الإقصائي الذي ينتهجه رئيس الحكومة المكلّف، ويرى في هذا السلوك رغبة واضحة بأن يسمي بنفسه الوزراء المسيحيين فيكون له نصف أعضاء الحكومة + واحد"، لافتاً الى أن "التيار يرفض إعطاء الحريري وفريقه النصف + واحد في الحكومة، لأنه سيستعمله لمنع الإصلاح، وتعطيل التدقيق الجنائي، وفرملة كل محاولات ​محاربة الفساد​".

حراك البخاري

في غضون ذلك، وفي خطوة تظهر أن السعودية تقوم بالفعل بتحرك ما في الساحة اللبنانية، وأن زيارة سفيرها وليد البخاري الى القصر الرئاسي في بعبدا ليست مجرد حدث عرضي فرضه أحد عليها، زار البخاري أمس ​المختارة​ حيث التقى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط. وقبل الزيارة أكد البخاري في حديث لـ "MTV"، أن "المختارة بما تُمثِّل من إرث تاريخي وعروبي ضمانة للجبل ووحدة ​لبنان​ واستقراره"، مشدداً على "أننا كنا وسنبقى عربا مسيحيين ومسلمين، طالما بقيت كنيسة المختارة، وبقي مسجدها".

وتخلل اللقاء بين البخاري وجنبلاط عرض الأوضاع السياسية العامة، لاسيما الوضع الحكومي. وقد اطلع السفير البخاري من جنبلاط على وجهة نظره حيال التسوية الحكومية المطروحة.

وبعد اللقاء، زار السفير السعودي مسجد الأمير شكيب أرسلان في المختارة حيث أدى الصلاة، ثم انتقل إلى ضريح كمال جنبلاط، حيث قرأ الفاتحة عن روحه.

مسيرة و«نووي»

إلى ذلك، شارك عشرات من الناشطين في مسيرة باتجاه القصر الجمهوري في بعبدا، للمطالبة بـ "حكومة انتقالية أو الرحيل"، لكن الجيش منعهم من الوصول الى القصر.

في سياق آخر، بدا أن عضو كتلة "التنمية والتحرير" (حركة أمل) النائب ​قاسم هاشم​ يقلل من اهمية المعلومات التي اعلنتها الحكومة عن وجود مواد نووية خطيرة في معمل الزهراني للطاقة بجنوب البلاد.

وقال هاشم إن "كمية لا تذكر من المواد النووية المخبرية أثارت مواقف وعواطف البعض وهي غير خطيرة فهل كل هذه الإثارة تأتي استهدافا لمنشأة ناجحة أم لتغطية ما سبق وفي غير مكان؟".

هل تخلى «الكتائب» عن اسمه؟

بمجرد صدور خبر تعديل اسم حزب الكتائب اللبنانية، ليصبح "حزب الكتائب اللبنانيّة- الحزب الديمقراطي الاجتماعي اللبناني"، اشتعلت صفحات التواصل الاجتماعي، وكرّت سبحة التحليلات بين مؤيد للفكرة، من باب مواكبة فكر التجدد، ومعارض حفاظاً على تاريخ الحزب الذي تأسس عام 1936، وبين من ربط الخطوة بموقع الحزب حالياً في المعارضة وتأييده للحراك الاحتجاجي الداعي لتغييرات سياسية واجتماعية واقتصادية واسعة.

واعتبر البعض أن تعديل اسم الحزب يتوافق مع حركة الشارع و"الثورة" القائمة ومعتقداتها، لينسى الناس تاريخ الحزب خلال الحرب اللبنانية، في حين رأى آخرون أن رئيس الحزب النائب سامي الجميل في هذه الخطوة يعيش حالة نكران للحزب وتاريخه.

لكن مصدرا في الحزب شرح أنه خلال انعقاد المؤتمر العام للحزب في 2018، تقدم أمين عام الحزب الراحل نزار نجاريان باقتراح لترجمة اسم حزب الكتائب اللبنانية إلى اللغتين الفرنسية والإنكليزية، كما هو مسجل رسميا في النظام الداخلي وشرعة الحزب منذ عام 1952، لتسهيل عملية التداول به في المجتمعين الأوروبي والأميركي، فكان لابد من التقدم بطلب علم وخبر إلى وزارة الخارجية والبلديات للحصول على الموافقة ونشره في الجريدة الرسمية.

ويضيف المصدر توضيحاً لتقدم الحزب بطلب العلم والخبر إلى وزارة الداخلية، بعد أكثر من عامين على طرحه، أن الأسباب تتعلق باندلاع احتجاجات 17 اكتوبر ووفاة امين عام الحزب في انفجار المرفأ.