قال تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، إنه في أول ظهور مشترك لهما الثلاثاء الماضي، تحدث رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول ووزيرة الخزانة جانيت يلين في استعرض لتطورات مؤشرات التعافي من براثن الأزمة الاقتصادية التي خلفتها الجائحة، وفي حين شدد باول على حرص الاحتياطي الفدرالي على دعم الاقتصاد الأميركي بقوة أطول فترة ممكنة، أكدت يلين أن البيانات الاقتصادية المشجعة يجب ألا تصرف الانتباه عن التقدم الذي لا يزال يتعين إحرازه.

في التفاصيل، وفي وول ستريت، تراجعت الأسهم بعد شهادة باول ويلين أمام لجنة الخدمات المالية في الكونغرس الأميركي، أما على صعيد آفاق النمو، فمن المتوقع أن ينتعش الاقتصاد في الأشهر المقبلة، بفضل التوسع التي تشهده برامج اللقاحات، إلى جانب حزمة التحفيز المالية التي قدمها الرئيس بايدن والبالغ قيمتها 1.9 تريليون دولار.

Ad

وعلى صعيد تمرير خطة التحفيز المالية التي اقترحها الرئيس جو بايدن، صرحت يلين أن من الممكن أن تعود الولايات المتحدة إلى «التوظيف الكامل» في عام 2022.

وأيّد باول ذلك الرأي، بقوله إن «الانتعاش الاقتصادي تقدم بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً ومن المقرر أن يشهد المزيد من التحسن».

كما استبعد المخاوف المتزايدة التي تشير إلى أن زيادة الإنفاق هذا العام قد تؤدي لارتفاع معدل التضخم، مما يجعل من الصعب السيطرة عليه، قائلاً «تشير توقعاتنا إلى ان التضخم لن يكون مرتفعاً ولن يستمر طويلاً».

كما شدد باول على أن الاحتياطي الفدرالي لن يتحرك فجأة نحو سياسة أكثر تشدداً، وأنه بعيد عن اتخاذ خطوات لإلغاء دعمه النقدي للاقتصاد عن طريق إبطاء مشترياته من الأصول، على الرغم من توقعات مسؤولي الاحتياطي الفدرالي التي تشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.5 في المئة هذا العام.

وعلى الرغم من ذلك، أكدت أقوى سلطتين اقتصاديتين في الولايات المتحدة أن هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به، وأن المخاطر لا تزال كبيرة أمام مسار الانتعاش الاقتصادي.

وأدى تمديد الإغلاق الأوروبي إلى استنفاد الثقة في الانتعاش العالمي، في حين أن مخاوف التضخم في الولايات المتحدة ما زالت تتصدر بؤرة الاهتمام.

وتقدم باول ويلين للشهادة المشتركة للمرة الثانية أمام لجنة المصارف بمجلس الشيوخ يوم الأربعاء الماضي.

وفي سياق شهادته، استعبد باول أن المخاوف المرتبطة بالارتفاع الأخير في تكاليف الاقتراض طويل الأجل قد يكون لها تأثير سلبي على انتعاش الاقتصاد الأميركي، قائلاً، إن الأسواق تكيفت بطريقة «منظمة» مع توقعات اقتصادية أكثر إشراقاً، وكانت الشهادة إعادة لفحوى شهادتهما أمام مجلس النواب.

كما دحض التحذيرات المتعلقة بأن ارتفاع عائدات السندات كان كبيراً لدرجة أن يصل إلى مستوى الانذار أو يستدعي تدخل الجهة التنظيمية، وصرح بأنه: «كان هناك شعور ضمني بتحسن التوقعات الاقتصادية، ويجب أن يكون ذلك جزءاً من أسباب عودة الأسعار للارتفاع من المستويات المنخفضة غير الاعتيادية، والعودة إلى المستويات التي من المرجح أن نراها».

وأضاف باول: «سأكون قلقاً إذا لم تكن العملية منظمة أو إذا كانت الظروف اشتدت لدرجة أنها قد تهدد تعافينا».

وارتفعت عائدات السندات الأميركية طويلة الأجل منذ بداية العام الحالي، إذ تداولت السندات لأجل 10 سنوات عند مستوى 1.66 في المئة، أي أعلى بكثير من مستوى 0.9 في المئة الذي شهدناه في يناير.

لكن السوق استقر أخيراً بعد وصولها إلى أعلى مستوياتها خلال 14 شهراً عند 1.75 في المئة الأسبوع الماضي، ويدعم هذا الاستقرار سلسلة حديثة من مزادات سندات الخزانة، إذ تمكنت وزارة الخزانة يوم الأربعاء من بيع سندات لأجل خمس سنوات بقيمة 61 مليار دولار بعائد قدره 0.85 في المئة.

بيانات إيجابية على صعيد الوظائف والناتج المحلي الإجمالي

وصلت معدلات المطالبات الجديدة للحصول على إعانات البطالة في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياتها المسجلة منذ بداية جائحة كوفيد - 19، إذ انخفضت إلى 684 ألف طلب الأسبوع الماضي مما يدل على تسارع وتيرة تعافي سوق العمل من تداعيات تلك الجائحة. وكشف تقرير وزارة العمل الأميركية يوم الخميس الماضي أن مطالبات البطالة المقدمة للبرامج الاعتيادية انخفض للمرة الأولى وبمقدار 97 ألف طلب في الأسبوع المنتهي في 20 الجاري.

وكانت تلك القراءة أفضل من توقعات الاقتصاديين، التي إشارت إلى انخفاضها إلى 730 ألف طلب، وتعد بذلك أدنى مستوى تم الإعلان عنه منذ عام.

كما أنها كانت المرة الأولى منذ بداية الجائحة في الولايات المتحدة التي انخفضت فيها المطالبات إلى ما دون أعلى نقطة مسجلة قبل تفشي الجائحة عند 695 ألف طلب.

وأظهر تقرير منفصل صدر يوم الخميس الماضي أن الناتج المحلي الإجمالي الأميركي سجل نمواً بنسبة 4.3 في المئة على أساس سنوي بنهاية العام الماضي، أي بزيادة 1.1 في المئة مقارنة بالربع السابق، وأعلى قليلاً من التقديرات الأولية.

وساهم في تعزيز تلك البيانات انخفاض معدلات الاصابة ودخول المستشفيات، إلى جانب التوسع السريع في طرح اللقاحات المضادة لفيروس كورونا.

وتعهد الرئيس جو بايدن بتوفير جرعات كافية لجميع البالغين بحلول مايو المقبل.

إضافة إلى ذلك، ضاعف هدفه المتمثل في توفير 100 مليون جرعة لقاح في أول 100 يوم من ولايته إلى 200 مليون جرعة.

كما حث الرئيس بعض الولايات الأميركية على تخفيف قيود الإغلاق، بينما قام البعض الآخر بإزالة جميع القيود المفروضة على الشركات.

ولا يمكن إغفال تمرير خطة بايدن للتحفيز الاقتصادي بقيمة 1.9 تريليون دولار.

نمو نشاط الأعمال في منطقة اليورو

شهدت أنشطة الأعمال في منطقة اليورو نمواً ملحوظاً للمرة الأولى منذ 6 أشهر، إذ وصلت قراءة مؤشر القطاعين الصناعي والخدمات إلى 52.5 في مارس مقابل 48.1 في فبراير.

ويشير ارتفاع المؤشر فوق مستوى 50 إلى تحسن وتيرة النمو الاقتصادي بمعدل أفضل مما كان متوقعاً، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى زيادة الإنتاج الصناعي.

فقد ارتفع مؤشر مدير المشتريات الصناعي المركب في ألمانيا إلى 56.8 مقابل 51.1 في فبراير، فيما يعد أعلى مستوياته المسجلة خلال 37 شهراً.

كما ارتفع مؤشر قطاع الخدمات - الذي تضرر بشدة من جراء الجائحة - ووصل إلى أعلى مستويته المسجلة منذ سبعة أشهر.

لكن على الرغم من ذلك، تدهورت التوقعات في ظل فرض ألمانيا عمليات إغلاق وقيود أكثر صرامة. ويتوقع البنك المركزي الأوروبي أن يصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي 4 في المئة لمنطقة اليورو وبنسبة 4.1 في المئة لعام 2022.

لكن ووسط الصدمات الأخيرة في مسار الانتعاش الاقتصادي ستعتمد آفاق النمو على تطورات الجائحة ووتيرة طرح برامج اللقاحات.

تزايد «الأعمال» بالمملكة المتحدة قبل تخفيف تدابير الإغلاق

أظهرت البيانات الصادرة في المملكة المتحدة أن قطاع الخدمات قد تفوق على القطاع الصناعي في مارس للمرة الأولى منذ بداية الجائحة، مما يدل على انتعاش أنشطة الأعمال في ظل بداية تدفق الطلبات قبل تخفيف تدابير الإغلاق.

فقد ارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب إلى أعلى مستوياته المسجلة خلال سبعة أشهر وصولاً إلى 56.6، وبلغت قراءة المؤشر الفرعي لقطاع الخدمات 56.8، الذي يعتبر أيضاً أعلى مستوياته خلال سبعة أشهر، بينما وصل مؤشر القطاع الصناعي إلى 55.6، الذي يعد أعلى مستوياته في ثلاثة أشهر.

ويعزى هذا النمو بصفة رئيسية إلى ارتفاع الطلبات الجديدة، إذ تلقى مزودو الخدمات حجوزات سابقة من المستهلكين، بينما استشهد المصنعون بطلبات مسبقة من شركات الضيافة وتجار التجزئة وسط الاستعداد لإعادة فتح أنشطتهم، وأعلنت الشركات قيامها بتوظيف العمالة لإعادة بناء قدراتها للعمل.

من جهة أخرى، كشفت بيانات التضخم الصادرة بشكل منفصل عن تباطؤ معدل تضخم أسعار المستهلكين إلى 0.4 في المئة في فبراير مقابل 0.7 في المئة الشهر السابق، وهو انخفاض غير متوقع يعزى إلى حد كبير إلى انخفاض غير موسمي في أسعار الملابس والسيارات المستعملة ولعب الاطفال.

كما تباطأت وتيرة التضخم السنوي الأساسي، الذي يستثني الأسعار المتقلبة والموسمية مثل الطاقة والغذاء، إلى 0.9 في المئة مقابل 1.4 في المئة الشهر السابق، ليسجل بذلك أدنى قراءة له في ستة أشهر.

وعكست تلك الأرقام التداعيات الناجمة عن تدابير الإغلاق، وسط إغلاق أنشطة التجزئة غير الأساسية وقلة الطلب على الملابس من الأشخاص العالقين في المنازل، لكن توقعات الاقتصاديين تشير إلى تسجيل نمو في الربيع مع بداية تخفيف القيود الاجتماعية.

ويتوقع بنك إنكلترا أن يرتفع التضخم قرب المستوى المستهدف البالغ 2 في المئة هذا العام نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة والطلب القوي على الخدمات مثل محلات الحلاقة في ظل تخفيف تدابير الإغلاق.

تصاعد التوترات حول توفير اللقاحات

استمر تصاعد التوترات المتعلقة بإمدادات اللقاحات في جميع أنحاء العالم، ومن المرجح أن يرفض الاتحاد الأوروبي السماح بتصدير لقاح شركة استرازينيكا المضاد لفيروس كوفيد-19 إلى المملكة المتحدة حتى يفي المنتج بالتزاماته تجاه الاتحاد الأوروبي.

وكانت حدة التوترات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة قد تصاعدت منذ أن أبلغت استرازينيكا الاتحاد الأوروبي بأنها لن تتمكن من توفير عدد الجرعات التي وعدت بها في الربع الأول من العام. ودفع الصراع كلا الطرفين بإلقاء اللوم على الطرف الآخر فيما يتعلق بقيود التصدير، مما يهدد المرحلة الانتقالية الحرجة التي تبعت انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي. وتتواصل المحادثات بين لندن وبروكسل بشأن مزاعم بريطانيا بأحقيتها في الحصول على ملايين الجرعات من لقاح استرازينيكا المصنعة في مصنع الشركة بهولندا.

وجادل وزير الصحة البريطاني مات هانكوك هذا الأسبوع بأن الحكومة البريطانية لها الأولوية لأن عقد الاتحاد الأوروبي يرتكز على قاعدة «أفضل الجهود في حين بريطانيا لديها عقد حصري».

لكن مسؤولي الاتحاد الأوروبي يشيرون إلى أن العقد البريطاني مع أسترازينيكا يستخدم نفس لغة «أفضل الجهود المعقولة» لتحديد مسؤوليات التسليم.

كما اشتبك قادة الاتحاد الأوروبي فيما بينهم بشأن توزيع اللقاحات خلال مؤتمر عبر الفيديو انتهى دون حل لمطالب دول أوروبا الشرقية الأكثر فقراً للحصول على حصة من 10 ملايين جرعة لقاح إضافية من فايزر/ بيونتيك.

وانضمت الهند إلى حلبة الصراع وصعدت من وتيرة التوترات، عندما أعلنت فرض حظر فعلي على صادرات اللقاحات، سعياً منها لمنح الأولوية للتلقيح محلياً وسط تفشي الموجة الثانية من الإصابات.

وقال معهد الأمصال في الهند، أكبر مصنع للقاحات على مستوى العالم، إنه طُلب منه وقف الصادرات وأن الإجراءات يمكن أن تستمر «من شهرين إلى ثلاثة أشهر».

بنك الشعب الصيني

في بكين، صرح محافظ بنك الشعب الصيني يي جانغ بأن البلاد ما يزال لديها مجال أكبر لضخ السيولة في الاقتصاد مع الحفاظ على استقرار نسبة الديون.

وقال جانغ في منتدى التنمية الصيني: «لن يساهم ذلك في توفير حوافز إيجابية للكيانات الاقتصادية فحسب، بل سيساعد أيضاً في منع تنامي المخاطر المالية وتراكمها».

حركة الأسواق وارتفاع الدولار

استجابت الأسواق لشهادة باول ويلين بالاتجاه نحو الأصول الآمنة، مما أدى إلى ارتفاع الدولار لينهي تداولات الأسبوع عند مستوى 92.72 مقابل سلة من العملات الرئيسية.

وانخفض اليورو ليغلق عند أدنى مستوياته المسجلة في أربعة أشهر وصولاً إلى 1.1760 بعد أن وسعت ألمانيا نطاق عمليات الإغلاق وزادت التوترات بشأن توزيع اللقاحات.

وأثرت توترات اللقاح أيضاً على الجنيه الإسترليني، لكن ليس بنفس الحدة، إذ شهد بعض الدعم من البيانات الاقتصادية، وأنهى تداولات الأسبوع عند مستوى 1.3787.

تذبذب أسعار النفط

على صعيد سوق السلع الاساسية، ارتفعت مخزونات النفط الخام التجارية في الولايات المتحدة بمقدار 1.9 مليون برميل مقارنة بالأسبوع السابق. وبوصول المخزونات إلى 502.7 مليون برميل تكون بذلك قد ارتفعت بنحو 6 في المئة عن متوسط الخمس سنوات لهذا الوقت من العام، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

وشهدت الأسعار تقلبات حادة على مدار الأسبوع في ظل مراقبة المتداولين لتطورات تعطيل سفينة ضخمة حركة الملاحة في قناة السويس، إذ تراجع سعر مزيج خام برنت بأكثر من 6 في المئة قبل أن يتعافى لينهي تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 64.57.