وسط رفض حكومي وقضائي، وافقت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية البرلمانية على تعديل قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية بتخفيض الحبس الاحتياطي، والعودة إلى القانون رقم 3 لسنة 2012 الذي أقر في عهد المجلس المبطل الأول، ويعد الرفض الحكومي مؤشراً على أنه في حال أقره المجلس؛ فسيتم رده.

ويرى المجلس الأعلى للقضاء أن الاقتراح بقانون غير مبرر، وعلى غير سند، وهو ما يحسن معه الإبقاء على النصوص القائمة بحالتها، مشيراً إلى أن المدد الواردة في الاقتراح تتعارض مع مصلحة التحقيق والكشف عن الجرائم وجمع الأدلة والاستدلالات، كما أن قصر المدد الواردة في الاقتراح بقانون يعوق رجال الأمن والمحققين من بعدهم عن إتمام أعمالهم على الوجه الأكمل في الكشف عن الجرائم ومرتكبيها.

Ad

أما وزارة العدل، فترى عدم ملاءمة الاقتراح بقانون الثاني، بسبب قصر فترة الحجر بمعرفة الشرطة لمدة 48 ساعة لا يكون كافياً في الكثير من الحالات، لتمكين الشرطة من القيام بواجبها في الكشف عن الجرائم وضبط مرتكبيها وجمع الأدلة والاستعانة بالخبراء والمتخصصين، لاسيما في قضايا المخدرات.

من جهتها أبدت النيابة العامة عدم الموافقة على إلغاء القانون رقم (35) لسنة 2016 المشار اليه للأسباب التالية: قصر مدد القانون رقم (3) لسنة 2012 تتعارض مع مصلحة التحقيق والكشف عن الجرائم وجمع الأدلة والاستدلالات، وتعوق رجال الأمن والمحققين من سعيهم عن إتمام أعمالهم على أكمل وجه في الكشف عن الجرائم وضبط مرتكبيها.

كما رفضت وزارة الداخلية إلغاء القانون رقم 35 لسنة 2016 المشار إليه لأن المدد الواردة في القانون رقم 3 لسنة 2012 لا تتناسب أبداً مع الواقع العملي وما تستلزمه إجراءات التحقيق والمحاكمة والتي بدورها تعطي مجالاً واسعاً لإفلات المجرمين من العقاب.

قضايا الرأي

إلى ذلك وبإجماع آراء أعضائها الحاضرين، وافقت اللجنة التشريعية على الاقتراح بقانون بتعديل قانون الجزاء، حيث لا تسري أحكام الحبس الاحتياطي على من يمارس حقه في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو الرسم، وبما في ذلك أن يكون التعبير عن الرأي عن طريق وسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعي، وهو الذي كان محل رفض حكومي وقضائي، حيث رأى المجلس الأعلى للقضاء انه لا يوجد هناك مبرر أو مسوغ للاقتراح بقانون الذي سيفتح المجال لعدم خضوع بعض المتهمين للحبس الاحتياطي عند توافر شروطه، بذريعة أن القضية من قضايا الرأي بغير مبرر.

وقال القضاء إن بعض الجرائم التي تعد من جرائم الرأي أشد خطرا، وأفدح أثرا من بعض الجرائم الأخرى التي تتساوى معها في مقدار العقوبة، ومن ثم فإن علة الحبس الاحتياطي تتوافر فيها بصورة أكبر سواء من حيث الخشية من هرب المتهم، أو قدرته على التأثير في سير التحقيق، ومن أمثلة ذلك جريمة التحريض على قلب نظام الحكم وغيرها.

وفي السياق ذاته، قالت وزارة العدل فيما يتعلق بجرائم الرأي «يسري عليها ما يسري على الجرائم الأخرى».

بينما أبدت النيابة العامة عدم موافقتها على استثناء الجرائم التي مصدرها حق التعبير عن الرأي من إجراء الحبس الاحتياطي دون مبرر مقبول حيث جاء رأيها مشابهاً لما ورد في رأي المجلس الأعلى للقضاء.

كما أبدت وزارة الداخلية عدم موافقتها على الاقتراحين بقانونين باعتبار أن الدستور الكويتي كفل مبدأ حرية التعبير عن الرأي والبحث العلمي، وجعل تنظيم هذه الحقوق والحريات من خلال السلطة التشريعية في سن القوانين، والتي تضع الحدود اللازمة عند استعمال هذا الحق والحيلولة دون الانحراف به خارج الأطر القانونية شريطة ألا ينتج عن ذلك مصادرة الأصل الحق.

وكان لافتا رأي المكتب الفني للجنة التشريعية الذي انسجم مع الآراء الحكومية، عندما قال: يصعب تحديد تعريف لما يطلق عليه (قضايا الرأي)، كما أن الجرائم التي تنشأ عن الأقوال متعددة ومتنوعة سواء من حيث الجسامة - كالتحريض على قلب نظام الحكم والدعوة لاعتناق مذاهب ترمي لهدم النظم الأساسية للبلاد - أو من حيث العقوبة أو محل كل منها، فهي موزعة في قوانين متعددة قد يصعب حصرها.

وأضاف المكتب الفني: بعض جرائم الرأي شديدة الجسامة بحيث تمس أمن الدولة أو أمن المجتمع وثوابته أو کرامات أفراده وأعراضهم، مما تقوم معه مبررات الحبس الاحتياطي، خشية الهرب أو التأثير في عملية سير التحقيق.