6 أيام على إقفال قناة السويس... و«إيفر غيفن» تستجيب لعمليات تحريرها

• السيسي يأمر بالاستعداد لسيناريو تخفيف الحمولة
• هيئة القناة تعد بمنح «تخفيضات» للسفن العالقة
• باخرتان أوروبيتان تنضمان لجهود الإنقاذ

نشر في 29-03-2021
آخر تحديث 29-03-2021 | 00:06
ارتفع منسوب التفاؤل بتحرير سفينة الحاويات العملاقة "إيفر غيفن" العالقة في قناة السويس منذ 6 أيام، بعد أن أعلنت سلطات القناة المصرية استجابة السفينة لمحاولات تحريكها، وهو ما قد يعني أن إقفال القناة التي تعتبر شرياناً مهماً للتجارة العالمية قد لا يستمر إلى أسابيع، كما كان يخشى المراقبون.
لا تزال حركة الملاحة معطلة في قناة السويس لليوم السادس على التوالي، بسبب سفينة الحاويات الضخمة "إيفر غيفن" Ever Given الجانحة في المجرى المائي، إلا أن السلطات المصرية أعلنت أنها باتت على وشك تعويمها، مع تأكيد رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، حدوث "استجابة" في محاولات تحريكها، من دون أن يستبعد في الوقت نفسه اللجوء إلى سيناريو تخفيف حمولة السفينة العملاقة التي تبلغ حمولتها نحو 224 ألف طن، بينما يبلغ طولها 400 متر وعرضها 59 مترا.

وفي مقابلة مع تلفزيون "العربية"، قال رئيس هيئة القناة، أمس، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي أمر بالاستعداد لسيناريو تخفيف أحمال السفينة.

وتسد "إيفر غيفن" القناة منذ الثلاثاء الماضي. وكانت فرق الإنقاذ تأمل في تعويمها باستخدام القاطرات وأعمال التكريك من دون تخفيف حمولتها.

اقرأ أيضا

وأوضح ربيع أن سيناريو تخفيف الحاويات سيستغرق الكثير من الوقت، نظرا للحمولة الضخمة للسفينة.

وأكد أن الكثير من الدول عرضت بالفعل تقديم مساعدات، وأنه سيتم الاستعانة بها إذا ما اضطرت الهيئة للجوء إلى السيناريو الثالث الخاص بتخفيف الحمولة.

كما صرح رئيس هيئة القناة بأن جهود التعويم مستمرة على مدار الساعة من خلال القيام بأعمال التكريك (جرف الرمال) نهارا، وعمل مناورات الشد بالقاطرات في أوقات تتلاءم مع ظروف المد والجزر.

وأوضح أن نتائج أعمال التكريك بلغت حتى الآن 27 ألف متر مكعب من الرمال، على عمق وصل إلى 18 مترا، مع مراعاة حدوث انهيارات ترابية من أسفل السفينة للمناطق التي يتم تكريكها.

وعن تفاصيل المحاولة الجديدة التي اتبعتها الهيئة، أمس، قال المسؤول المصري: "سنعمل بنفس الأسلوب مرة أخرى. نعمل بالكراكات حاليا لإزالة الرمال في منطقة جنوح السفينة، وبحلول الرابعة عصرا استغلينا المد للعمل بالقاطرات لدفع السفينة البنمية".

وأشار إلى وجود 12 قاطرة في القناة تعمل منها نحو 12 وفقا للمساحة في عملية شد السفينة العملاقة، مع وجود قاطرتين احتياطيتين.

وبيّن ان الهيئة دفعت أمس، بقاطرتين جديدتين تعملان للمرة الأولى منذ تدشينهما في ترسانة بورسعيد، وهما القاطرة "مصطفى محمود"، و"عبدالحميد يوسف".

وأضاف: "هذا أول عمل للقاطرتين الجديدتين، ونناور بهما لمعرفة قوة الشد الخاصة بهما ونقط التحميل في كل منطقة".

وحسب ربيع، فإنّ قاطرتين إحداهما ALP Guard الهولندية وCarlo Magna الإيطالية، من المنتظر أن تصلا إلى قناة السويس للمساهمة في التعويم.

وأشار إلى أن مناورات الشد تمت أمس الأول، بواسطة 14 قاطرة تقوم بالعمل من ثلاثة اتجاهات مختلفة، حيث تعمل القاطرتان "بركة 1" و"عزت عادل" على شد مقدّمة السفينة، في حين تقوم 6 قاطرات بدفع مؤخر السفينة جنوبا، وتقوم 4 قاطرات أخرى بشد مؤخر السفينة جنوبا.

وكشف الفريق ربيع عن تحرك "إيفر غيفن" قرابة 4 أمتار من المقدمة باتجاه بورسعيد، و4 أمتار من المؤخرة باتجاه السويس خلال المحاولة التي أجريت مساء أمس الأول لتعويمها.

وقال: "تمكنّا من تحرير دفة السفينة، وهي الآن تتحرك بـ30 درجة يمينا ومثلها يسارا، والرفاس يعمل الآن، كل هذه الأشياء لم تكن تتحرك، وإن شاء الله تستمر الجرافات في عملها، إذ تمكنت من خلق مستوى للمياه تحت الرفاسات والدفة".

واعتبر ربيع هذا التحرك الطفيف تطورا إيجابيا ضمن المساعي المستمرة لتعويم السفينة العملاقة.

واحتفلت السفن في قناة السويس وأطلقت "أبواقها"، إثر النجاح في تحرير دفة السفينة الجانحة 30 درجة.

وكان ربيع قال في مؤتمر صحافي أمس الأول: "كنا متفائلين للغاية والسفينة كانت تتجاوب... وربما ننتهي اليوم أو الأحد معتمدين على الموقف الحالي وسرعة المد والجزر".

تخفيضات وحوافز

الى ذلك، أشار ربيع إلى أن الأسباب الدقيقة للحادث ستتضح بعد التحقيقات.

وأوضح أن عدد السفن العالقة التي تنتظر العبور يبلغ حاليا 369، منها 25 ناقلة نفط.

وأكد أنّ القناة لا تتحمل مسؤولية قانونية عن الحادث، مضيفا في الوقت نفسه إلى أنها تدرس تقديم حوافز وتخفيضات للسفن العالقة المتضررة، إلا أنّه لم يذكر حجم الحوافز المقترحة.

وذكرت أن الهيئة تتكبّد خسائر يومية بين 13 و14 مليون دولار، لافتا إلى أن الحديث مع الشركة المالكة يتركز حاليا على التعاون لحلّ الأزمة، على أن يتمّ الحديث لاحقا عن المطالبات والإجراءات القانونية.

يأتي ذلك رغم قيام شركتي شحن رئيسيتين عالميتين بتحويل سفنها بشكل متزايد إلى طريق رأس الرجاء الصالح، خوفا من أن تستغرق عملية تحرير السفينة وقتا أطول.

وجنحت سفينة الحاويات "إيفر غيفن"، التي تعد أطول من 4 ملاعب لكرة القدم، بالعرض في مجرى قناة السويس منذ صباح الثلاثاء، مما أدى إلى عرقلة حركة الملاحة في الاتجاهين في المجرى المائي البالغ الأهمية.

وأشار تقرير لشركة "أليانز" للتأمين إلى أن اليوم في تعطل نقل البضائع، نتيجة وقف الملاحة بالقناة، "يكلف التجارة العالمية من 6 إلى 10 مليارات دولار".

وقالت شركة "لويدز ليست" إن الغلق يعيق شحنات تقدّر قيمتها بنحو 9.6 مليارات دولار يوميًا بين آسيا وأوروبا.

وأشارت "لويدز ليست" إلى أن "الحسابات التقريبية" تفيد بأن حركة السفن اليومية من آسيا إلى أوروبا تُقّدر قيمتها بنحو 5.1 مليارات دولار ومن أوروبا إلى آسيا تُقّدر بنحو 4.5 مليارات دولار.

3 طرق

من ناحيتها، ذكرت صحيفة "تلغراف" البريطانية، أن الخبراء يعملون على 3 طرق لتحريك "إيفر غيفين".

فقد قامت شركة إدارة السفينة بالفعل بنشر 9 قاطرات بحرية، وتعرف أيضا بزوارق السحب أو القَطْر، في محاولة لتحريرها من ضفاف القناة. وتقوم هذه القاطرات الصغيرة الحجم بمحاولة سحب السفينة العالقة باستخدام كابلات، على أمل أن يتم كسر الكتل الرملية التي تعيقها على جانبي القناة.

لكن لسوء الحظ، لم تحقق هذه الطريقة نجاحا كبيرا حتى الآن، لأنّ السفينة عالقة بقوة في الرمال من طرفيها الأمامي والخلفي، كما أن قوة قوارب القطر غير كافية لسحب سفينة بهذا الحجم والوزن.

التجريف

كما دفع فشل الطريقة الأولى وحدها في تخليص السفينة، الخبراء إلى الاستعانة بتقنية ثانية هي التجريف، بهدف القيام بمزيد من الحفر الميكانيكي في قاع القناة لإعطاء السفينة مساحة أكبر للمناورة.

وقد تم بالفعل إحضار قوارب تجريف خاصة لتوسيع قاع النهر، لكن خبراء يعتقدون أن بنية قناة السويس جعلت عملية التجريف أمرا صعبا للغاية.

ويقول مدير السياسات في غرفة الشحن البريطانية بيتر إيلوت إن "القناة لها هيكل يشبه حوض الاستحمام بدلا من هيكل على شكل V، هذه مشكلة لأنها تتسبب في الشفط".

ويضيف: "في الوقت ذاته، من الواضح أن السفينة اكتسبت وزنا كبيرا، وهي بالتالي تغرق، لأن القناة تم إنشاؤها اعتمادا على الرمل بدلا من الخرسانة"، موضحا أن "قوة الشفط والوزن معا هو ما يدفع السفينة إلى عمق القناة، ويجعل عملية التجريف مهمة صعبة للغاية".

ومع ذلك، تؤكد الصحيفة أن هناك خيارا ثالثا يمكن أن يلجأ إليه رجال الإنقاذ، هو تخفيف حمولتها البالغة نحو 20 ألف حاوية، باستخدام الرافعات العائمة، وسحب وقودها.

لكن الإقدام على هذا الأمر خطوة محفوفة بالخطورة، حيث قد تتسبب في إتلاف السفينة أو إفقادها توازنها، وحتى لو تأكد أنها خطوة لا مفر منها لتعويم السفينة الجانحة، فقد تتطلب وقتا طويلا للغاية قبل الوصول إلى الهدف النهائي.

مساعدة روسية

وعرض السفير الروسي لدى القاهرة غيورغي بوريسينكو، أمس، تقديم «أي مساعدة ممكنة» لمصر.

وقال: «نأمل في تجاوز هذه الأزمة في القريب العاجل واستعادة العمل في القناة، وفي شكل طبيعي نحن مستعدون لإمداد أصدقائنا المصريين بأي مساعدة ممكنة من جانبنا».

وتابع أن القاهرة لم تطلب المساعدة من موسكو، لكنّه قال، إنّ روسيا «تتعاطف مع ما يحدث راهناً في قناة السويس» التي وصفها بأنها «مجرى مائي مهم للعالم أجمع».

والجمعة الماضي، قال سفير روسي آخر، إن تعطل الملاحة في قناة السويس يبرز أهمية تطوير الممر البحري عبر القطب الشمالي، الذي بات يمكن استخدامه في شكل متزايد بسبب التغير المناخي.

واستثمرت روسيا بكثافة في تطوير الممر البحري الشمالي، الذي يسمح للسفن بالوصول إلى الموانئ الآسيوية بمدة أقل بـ 15 يوماً مقارنة بالطريق التقليدي عبر قناة السويس.

السعودية

وأمس الأول، نقلت «وكالة الأنباء السعودية» الرسمية (واس) عن مصدر في وزارة الخارجية قوله، إن «المملكة تقدّر بالغاً وتدعم الجهود التي تبذلها جمهورية مصر العربية الشقيقة في التعامل بكفاءة عالية مع الحادث العرضي لجنوح إحدى السفن في قناة السويس».

وأضافت: «وإذ تعرب المملكة عن ثقتها البالغة في قدرة مصر على إنهاء أزمة السفينة الجانحة من واقع ما تزخر به من خبرات وإمكانات وكفاءات مميزة؛ فإن المملكة تعبر عن وقوفها مع الشقيقة مصر بكل إمكاناتها للمساهمة بدعم الجهود المبذولة من السلطات المصرية للتعامل مع هذا الحادث وتبعاته وفق ما تقدره السلطات المصرية، وعن استمرار تواصلها مع الحكومة المصرية الشقيقة لهذا الغرض وبذل كل ما يمكن في مساعدة كافة السفن العالقة في البحر الأحمر».

من ناحيتها، رفعت الهيئة البحرية الأردنية حالة التأهب على موانئ العقبة للحفاظ على السلامة البحرية على أرصفة الموانئ، بالتعاون مع الجهات البحرية والمينائية وذات العلاقة، في حال تم تعويم الباخرة الجانحة في قناة السويس.

وقال المدير العام للهيئة محمد سلمان، أمس، إن الهيئة وضعت خطة متكاملة بالتعاون مع جميع الشركاء في القطاعين العام والخاصة، لتفويج السفن القادمة من قناة السويس، بعد فتح القناة وتعويم السفينة الجانحة، بهدف حفظ السلامة العامة على أرصفة الموانئ نتيجة تدفق أكثر من 13 سفينة ستأتي مرة واحدة إلى ميناء العقبة محملة بالبضائع والحاويات والأغنام والسيارات والمواد الكيماوية.

وبين سلمان، أن موانئ العقبة على جاهزية عالية للتعامل مع أي ظرف محتمل خصوصاً بعد زيادة عدد البواخر ودخولها إلى الأرصفة المخصصة، إضافة إلى وضع بواخر أخرى على قائمة الانتظار والتعامل مع أي طارئ قد يحدث وفق التعليمات التي تصدر عن الهيئة.

back to top