نبهت مصادر مصرفية ومالية إلى مخاطر كبيرة تواجه مشاريع رقمنة الاقتصاد الكويتي الآخذة في التوسع حاليا، محذرة من أن ما حدث من قطع لكوابل الإنترنت يعد بمنزلة ناقوس خطر مبكر وجرس إنذار كبير لوضع أسس مستقبلية لتنفيذ المشاريع وفق أسس احترافية وبمسؤولية أعلى كبديل للتنفيذ العشوائي.وشددت المصادر، في تصريحات لـ"الجريدة"، على أن جائحة كورونا فرضت واقعا جديدا وعالما مستحدثا، وستجبر القطاع الخاص والدولة بالكامل على اعتماد الرقمنة والخدمات الآلية الالكترونية كبديل استراتيجي لن يتم التراجع عنه، وسيتغير وجه قطاع الأعمال والبزنس عموما، حيث ستكون اليد الطولى للخدمات الرقمية التي تعتمد بالدرجة الأولى على الإنترنت والألياف الضوئية.
وأكدت أن ما حدث قبل أيام من قطع لكوابل الإنترنت وتعطل 60 في المئة من خدمة الإنترنت يعد كارثة، مرت مرور الكرام، من ناحية الآثار والأبعاد الاستراتيجية اقتصاديا، مبينة أن مصير القطاع الخاص واعمال الدولة بالكامل يمكن أن تصاب بالشلل لمجرد خطأ من مقاول باطن يعمل بعشوائية وينفذ مشاريع دون أدنى تقيد بالأسس العالمية المعمول بها والمطبقة في الدول المتطورة.وأشارت إلى أن ما حدث كارثة بكل المقاييس لاسيما إذا حدث العطل خلال يوم عمل اعتيادي للدولة وقطاع الأعمال، مفندة العديد من التداعيات التي يمكن أن تقع في حال توقف الإنترنت في أيام العمل الطبيعية:1- تعطل القطاع المصرفي بالكامل وحركة الأموال وانقطاع عن العالم الخارجي، حتى مكائن الصرف وباقي الدورة المصرفية وتعطل تبادل الشيكات والتقاص بين التزامات العملاء، وشلل حركة التعاملات بين البنك المركزي والبنوك.2- تعطل بورصة الكويت ومصالح المستثمرين وخسائر مئات الملايين نتيجة خروجها عن العمل نهائيا، بسبب الاعتماد الكلي حاليا على الإنترنت، فضلا عن فضيحة اقتصادية أمام المستثمرين الأجانب الذين يتواجدون في سوق الكويت، فضلا عن خلل في دورة التقاص وما سيتبع ذلك من عمليات معالجة.3- شلل القطاع النفطي في الدولة وحركة السفن والمراقبة وتعطل التواصل مع الأسواق العالمية وعملاء شركات النفط.4- شلل تام لأعمال الهيئة العامة للاستثمار والتأمينات الاجتماعية التي تدير مئات المليارات للدولة. 5- ماذا يمكن أن تقع من خسائر ضخمة للقطاع الخاص في حال غل يده عن إدارة شؤونه سواء التزاماته تجاه الموردين أو سداد التزامات عالمية وتحويلات مالية او تلقي إشعارات هامة وغيرها؟ هل يمكن ان يشفع اعتذار لمجرد خطأ مقاول مغمور يقوم بعمليات حفر عشوائي. 6- قطاع الطيران ما حجم الكوارث التي قد تحل بهكذا قطاع؟ وكيف يمكن التواصل مع أبراج المراقبة وحتى التواصل مع العالم الخارجي وتحذير القادمين وإدارة شؤون المطار عموما وتشغيل انظمة الحاسب الآلي لتسجيل الداخلين او الخارجين. 7- كيف يمكن أن تعمل موانئ الدولة في ظل هكذا اخطاء؟ وماذا لو امتدت المعالجة لأيام وهو امر وارد بحسب حجم القطع وتعقيداته؟8- ما الموقف لو كانت هناك التزامات دولية رفيعة ستتم المشاركة فيها افتراضيا؟ هل سيكون من المقبول الاعتذار لمجرد مقاول قطع الكوابل وخروج الدولة من شبكة الإنترنت؟
مسؤوليات ومهام
في سياق متصل، كشفت مصادر مطلعة أن الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات عليها من الآن مسؤولية جسيمة في هذا الملف من عدة جوانب، اهمها:1- أن تقوم الهيئة بوضع خرائط واضحة وشفافة لكل تمديدات كوابل الاتصالات على مستوى الدولة وفي كل المناطق. 2- أن يلتزم أي مقاول يحصل على أي مشروع من الحكومة أو ينفذ أي مشروع على أرض الكويت بأن يحصل على موافقة من هيئة الاتصالات، بحيث يتم تسليمه خارطة للكوابل في المنطقة التي سيتم العمل والحفر فيها، ويكون تحت إشراف هندسي لتجنب مثل هذه الكوارث لاحقا. 3- تغليظ العقوبات وتقنينها بحيث تكون واضحة لجميع المقاولين سواء من الباطن او الرئيسي، خصوصا أن ازمة انقطاع الإنترنت تعتبر عملية امن قومي واقتصادي، ومن الأخطاء التي يجب ألا تقع اساسا او يتم التهاون فيها. 4- وضع تصنيفات للمقاولين الاقل اخطاء في الإضرار بمرافق الدولة او التعدي على الممتلكات العامة واصابة المرافق والبنية التحتية، بحيث يتم رفع كفاءة المشغلين والمنفذين كما هو معمول به في الدول المتطورة. 5- تفعيل أدوار الهيئات والوزارات المعنية، بحيث يتم التنسيق آليا عند تنفيذ المشاريع، وتقوم كل جهة بدورها في حال كانت المنطقة تحوي أي ثروات محددة أو كوابل أو غيرها، فالتقنيات الحديثة والتكنولوجيا باتت اسهل بكثير في السيطرة على كل كبيرة وصغيرة تجنبا لمثل هذه الوقائع المؤثرة اقتصاديا.خطط طوارئ وبدائل
نبهت المصادر إلى ضرورة ان تتداعى شركات الاتصالات ومزودي الإنترنت وهيئة الاتصالات والجهات الفنية الأخرى لدراسة مثل هذه التحديات، ووضع خطط بديلة لمواجهة اي مخاطر مستقبلية قد تحدث أو تطول، بحيث تكون هناك خطط طوارئ تضمن عدم خروج الدولة والقطاع الخاص من شبكة الإنترنت، بعد أن باتت عصب حياة تعتمد عليه كل الأنظمة والأعمال.وكذلك تطوير البنية التحتية على مستوى الدولة، ووضع خطة لتعميم نظام الألياف الضوئية المعمول به في الدول المتقدمة، والذي يضمن أداء وفاعلية أكبر للخدمات، وتشفيرا أعلى وأعطالا أقل.