الورد للشطي... والشوك لمن لا يقرأ

مفردات الكثير من الروايات تكاد تكون مُعلبات لفظية مُتكررة، لأنها هي -أي المفردات- التي تكتُب نفسها بنفسها وفقاً لما يوظفها فيه المؤلف... ويستثنى من هذه القاعدة القاص د. سليمان الشطي، الذي ينحت مفرداته نحتاً، لتُولد جملته بعد عملية قيصرية عسيرة لكل مفردةٍ ينحتها، ليكتشف القارئ لروايته أنه أمام لغة ذات نسقٍ هو في غاية الأناقة، بل يكاد يكون نسيجَ وَحْدِه... فهذا ما استشعرته عندما كنت مستمتعاً بقراءة "الورد لك... والشوك لي" للدكتور سليمان الشطي.

***

ولا أدري ما إذا كانت هذه الرواية التي منعتها الرقابة، أم هي رواية أخرى... ولكنني كنت أمام قطعة أدبية بالغة الثراء فيما تحمله من مضامين اجتماعية تحلل بدقةٍ كويت ما بعد مطلع القرن الماضي، وحتى حياة ما بعد الاستفادة من ريع النفط، وتصور حياة شرائح من المجتمع الكويتي... إلى أن تنتقل بي الأحداث إلى منتصف القرن... فوجدت نفسي أتعايش مع أحداثٍ انتقلت بي إلى القاهرة، فأميركا، وبيروت، من خلال تتبعي لبطلة الرواية التي اختارت دراسة الفلسفة... وهنا تظهر براعة المؤلف بإسقاط ثقافته الفلسفية ليصول ويجول في هذا العالم الواسع، فنجده ينتقل بالقارئ من الوجودية، إلى الماركسية، ففلسفة هيوم وراسل، وفولتير، وغيرهم.

***

• ولما كانت بطلة الرواية قد أُحيلت إلى المحاكمة بسبب شكوى من وزارة الإعلام تتهمها فيها بازدراء الدين فيما كتبته في بحثٍ تم نشره، ثم مُنع من النشر... نجد الشطي هنا قد أظهر براعة منقطعة النظير في فهمه للتاريخ الإسلامي، إذ جعل مرافعته أمام القاضي تحفل بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تُفند بجلاء كل الحقوق الإنسانية للمرأة في الدين الإسلامي، وتظهر أباطيل ذلك الموروث المُتخلف في النظر إلى المرأة تحت شرعية تأويلات غير منطقية تحط من مكانة الإنسانة التي تحتل مكان الصدارة في جعل عجلة الحياة مستمرة الدوران.

***

• بالطبع لم تخل الرواية من ذكر التفاوت الاجتماعي، والقبلي، والمذهبي، والطبقي، وهذا الموضوع احتل الجانب العاطفي في أحداث الرواية.

***

• وفي نهاية الرواية، انتصرت الباحثة، بعد أن حكمت المحكمة ببطلان شكوى وزارة الإعلام... وأن الكاتبة

استندت بما كتبته من حجج تدعم ما ذهبت إليه في بحثها بالقرآن، والسنة، والقوانين، والأعراف، والمنطق الموضوعي.

***

• كانت رحلتي مع رواية "الورد لك... والشوك لي" ممتعة جداً، لما احتوته من غذاء فلسفي، فكري، ثقافي، فقهي، وقد كُتب بأسلوبٍ راقٍ.

د.نجم عبدالكريم