استبقت السلطات الإيرانية مقترحاً أميركياً مرتقباً يرمي إلى إحياء العمل بالاتفاق النووي تدريجياً بعد تسريب خطوطه العريضة بالرفض والتمسك بمطالبة واشنطن برفع كل العقوبات المفروضة عليها منذ انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب من المعاهدة عام 2018.

وقال ممثل إيران لدى الأمم المتحدة، مجيد تخت روانجي، في تصريحات أمس، إن عودة واشنطن للاتفاق النووي المبرم عام 2015، تحتاج قراراً سياسياً واضحاً لا مقترحات جديدة، بعد أن كشف موقع "بوليتيكو" الإخباري عن ملامح خطة أميركية ستطلب من إيران وقف بعض أنشطتها النووية مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية عنها.

Ad

وأضاف رئيس البعثة الإيرانية، في بيان، أن على واشنطن أن تلتزم ببنود الاتفاق وتنفذ التزاماتها، وهذا أفضل مقترح.

وأشار إلى طهران على تواصل مع شركاء "الاتفاق النووي"، روسيا الصين فرنسا بريطانيا ألمانيا، حول المواضيع ذات الصلة به.

ونقل التلفزيون الإيراني عن مسؤول رفيع قوله إن "تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 20 بالمئة يتوقف فقط في حال رفع الولايات المتحدة جميع العقوبات".

وأكد أن "الإدارة الأميركية تخسر الوقت بسرعة، وإن لم ترفع العقوبات قريباً، ستقدم إيران على خطوات أكثر خفضاً لتعهداتها النووية بالاتفاق النووي".

كما صرح المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، بأن الخيار الوحيد الذي تملكه واشنطن هو العودة للاتفاق النووي ورفع العقوبات.

وقال ربيعي إن الرئيس الأميركي جو بايدن يواصل سياسة الضغوط القصوى الفاشلة التي تبناها ترامب، وهذا الأسلوب ليس فقط لا يساعد على بناء الثقة المفقودة، بل يضعنا في شك تجاه جدية إدارته بالعودة إلى الدبلوماسية.

ولاحقاً، أعاد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مشاركة تغريدة لبايدن، هاجم فيها الأخير مطالبة ترامب لطهران بالالتزام بالاتفاق الذي انسحب منه.

وقال ظريف معلقاً على تغريدة بايدن، التي كتبها في يناير 2019: «من المفارقات للأسف أن وزارة الخارجية الأميركية تدعو إيران الآن للالتزام بالصفقة ذاتها التي تخلت عنها إدارة ترامب، وتحاول استخدام العقوبات غير القانونية كرافعة» لتحقيق مكاسب، مضيفاً «العادات السيئة تموت بصعوبة. حان الوقت لركل هذا».

وفي وقت تكافح إدارة بايدن لإحضار الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات بهدف إحياء مسار الدبلوماسية وجعل العودة إلى تطبيق اتفاق 2015 منصة من أجل معالجة قضايا شائكة مينها تسلح طهران الصاروخي الباليستي وأنشطتها في المنطقة، كشف مسؤولو "البيت الأبيض" أنهم يخططون لطرح اقتراح جديد لبدء المحادثات بأقرب وقت، في غضون أسبوع، كما قال شخصان مطلعان على الوضع لـ "بوليتكو".

وقال أحد المصادر إن الاقتراح يطالب إيران بوقف بعض أنشطتها النووية، مثل العمل على أجهزة طرد مركزي متطورة وتخصيب اليورانيوم حتى درجة نقاء 20 بالمئة، مقابل بعض التخفيف من العقوبات الاقتصادية الأميركية، وأكد أن التفاصيل لا تزال قيد العمل بها. وأوضح المصدر أن المقترح يراعي اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في يونيو المقبل وانتهاء صلاحية "الاتفاق المؤقت"، في مايو المقبل، الذي توصلت له حكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لاحتواء تداعيات قانون تقليص التفتيش وتسريع البرنامج النووي الذي أقره البرلمان الخاضع لسيطرة التيار المتشدد.

في غضون ذلك، أكد مصدر في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لـ "الجريدة" الأنباء التي أشارت إلى أن الحكومة الأميركية مستعدة للإفراج عن 15 مليار دولار من الأموال الايرانية مقابل عودة طهران عن خطواتها في تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمئة، قائلا إن المقترح تم تقديمه بالفعل مسبقاً من قبل بعض الجهات الأوروبية لإيران التي رفضته في وقت سابق.

وأشار المصدر إلى أن أساس المقترح كان قد عرض على طهران منذ حوالي الشهر، وتم بحثه في اجتماع للمجلس الأعلى ورفض بشكل كامل، رغم إصرار حكومة روحاني على أنه يمكن أن يكون مبادرة حسن نية تكسر الجليد.

وأوضح أن الرد الإيراني وصل إلى الأميركيين عبر الوساطة الأوروبية بأن إيران لن تقبل أقل من رفع جميع العقوبات المفروضة عليها من أجل الامتثال لبنود الاتفاق النووي. وقال إن أمين المجلس علي شمخاني ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف عارضا بشدة المقترح، وهو ما أيده المرشد الأعلى علي خامنئي وبقية أعضاء المجلس.

ولفت المصدر إلى أن الأوروبيين اعلموا الإيرانيين منذ يومين أن الأميركيين مصرون على تقديم المقترح بشكل علني لإضعاف موقف إيران وعزلها على الساحة الدولية من أجل حلحلة موقفها وكسر الجليد معها.

الاتفاقية الصينية

من جهة أخرى، اتسعت موجة الاحتجاجات الداخلية في الجمهورية الإسلامية ضد اتفاق التعاون المثير للجدل الذي أبرم أخيرا مع الصين.

ونظم مئات المواطنين في طهران وكرج وقفات احتجاجية، رفضا للاتفاقية الغامضة التي تمتد لربع قرن ووصفوها بأنها "بيع للوطن".

من جهته، وصف المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، الاحتجاجات بأنها "حرب دعائية ونفسية كبرى تعتمد التلفيق والكذب".

وقال ربيعي: "مذكرة التفاهم للشراكة الاستراتيجية مع الصين تسهّل نجاح مسار إعادة إحياء الاتفاق النووي بالكامل وليست موجهة ضد أي طرف"، لافتا إلى أن بلاده لن تسمح للعقوبات الأميركية عليها بإعاقة حركة التطور، وإيجاد علاقات بناءة مع العالم.

في المقابل، صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، بأن الولايات المتحدة ستنظر في تفاصيل الاتفاقية الإيرانية الصينية لضمان فرض عقوبات على إيران التي يرى خبراء أنها ستعتمد على "المظلة الصينية" من أجل مقاومة الدخول في مفاوضات لإحياء الاتفاق النووي. وأشارت ساكي إلى أن واشنطن لا تزال تركز على العودة إلى النهج الدبلوماسي مع الدول الأعضاء في الاتفاق النووي.

إلى ذلك، أظهرت صور أقمار اصطناعية أميركية أن القوات البحرية التابعة لـ "الحرس الثوري" الإيراني تقوم ببناء 3 سفن حربية من فئة جديدة تسمى "كورفيت".

وذكر موقع المعهد البحري الأميركي (USNI) أن تصميم الطراد يبدو كبيراً نسبياً وحديثاً وبإمكانات واسعة قد يستخدمها "الحرس الإيراني" كسفن تقود أساطيلها من "القوارب المتفجرة".

في السياق، توقعت هيئة مكافحة الإرهاب الإسرائيلية، أمس، أن إيران ستواصل ضرب أهداف إسرائيلية بنطاق جوارها الجغرافي، فضلا عن إمكانية استهداف السياح الإسرائيليين في المنطقة خلال الفترة المقبلة.