تسببت جائحة كوفيد-19 في إحداث تداعيات شديدة، أثرت على قطاع البنوك المدرجة في دول مجلس التعاون الخليجي، تماشيا مع أداء معظم الدول الأخرى، مما أدى إلى تسجيلها أعلى قيمة مخصصات محتجزة على الإطلاق في العام الماضي. وحسب تقرير صادر عن شركة كامكو إنفست، أعلنت البنوك المدرجة في البورصات الخليجية وعددها 62 بنكاً عن احتجازها مخصصات خسائر القروض بقيمة 20.3 مليار دولار أميركي في عام 2020 بزيادة ملحوظة شملت كافة دول مجلس التعاون الخليجي الست.
وسجلت البنوك المدرجة في الإمارات أكبر ارتفاع لمخصصات خسائر القروض لهذا العام بزيادة قدرها 3.4 مليار دولار، أو ما يعادل نسبة 71.6 في المئة، إذ بلغت 8.2 مليارات دولار أميركي. من جهة أخرى، سجلت البنوك السعودية أقل معدل نمو لمخصصات خسائر القروض، والتي بلغت نسبتها 37.6 في المئة أو ما يعادل 1.3 مليار دولار، لتصل إلى 4.6 مليارات دولار خلال العام. وخصصت البنوك في المنطقة 6.4 مليارات دولار للديون المشكوك في تحصيلها في الربع الرابع من عام 2020، فيما يعد أعلى مستوى يتم تسجيله على اساس ربع سنوي في المنطقة.إلا أن نمو أنشطة الإقراض استمر في التزايد على مستوى المنطقة، إذ بلغ إجمالي القروض (باستثناء البنوك الكويتية) 1.4 تريليون دولار بنمو ربع سنوي بلغت نسبته 1.1 في المئة. وباستثناء الإمارات التي سجلت انخفاضاً بنسبة 1.2 في المئة، شهدت بقية الدول الخليجية الأخرى نمواً تراوح ما بين 1.0 إلى 2.5 في المئة. كما كان الاتجاه، الذي اتخذه صافي القروض مشابهاً، إذ شهد نمواً بنسبة 1.4 في المائة، واقتصر التراجع على الإمارات فقط التي شهدت انخفاضاً هامشياً بنسبة 0.3 في المئة. ووصلت الأصول المدرة للدخل إلى مستوى قياسي بلغ 2.1 تريليون دولار، بنمو ربع سنوي بنسبة 1.6 في المئة. وقد أدى ذلك إلى تعزيز إجمالي قيمة أصول قطاع البنوك في المنطقة إلى مستوى قياسي جديد وصل إلى 2.6 تريليون دولار.وشهدت ودائع العملاء نمواً هامشياً إلى حد ما خلال الربع الأخير، إذ ارتفعت بنسبة 0.4 في المئة لتصل إلى 1.9 تريليون دولار. وكان الاتجاه الذي اتخذه هذا المقياس غير متوازن على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، إذ سجلت السعودية وقطر والبحرين نمواً ملحوظاً، في حين أعلنت البنوك المدرجة في الامارات وعمان والكويت عن تراجع ودائع العملاء. وسجلت البنوك الإماراتية أول انخفاض لها على مستوى ودائع العملاء منذ 16 فترة ربع سنوية، بتراجع بلغت نسبته 3.7 في المئة. ووفقاً لبنك أبوظبي الأول، يعزى الارتفاع المفاجئ للودائع في الربع الثالث من عام 2020 لودائع حكومية استثنائية لمرة واحدة، لذا كان من المتوقع أن ينخفض خلال الربع الرابع من العام 2020. وانعكس الأثر الصافي لتسارع وتيرة نمو القروض مقابل الودائع خلال الربع الرابع من عام 2020 في هيئة نمو إجمالي نسبة القروض إلى الودائع لدى بنوك دول مجلس التعاون الخليجي إلى أكثر من 80 في المئة ليسجل للمرة الأولى في ثلاث فترات ربع سنوية نسبة 80.1 في المئة.أما على صعيد الربحية، فقد انعكس انخفاض أسعار الفائدة على تراجع صافي هامش الفائدة لكافة البنوك الخليجية تقريباً، إذ انخفض إجمالي صافي هامش الفائدة للمنطقة ككل إلى أقل من 3.0 في المئة ببلوغه 2.9 في المئة على خلفية الانخفاض الملحوظ الذي شهدته كل دولة على حدة، وذلك باستثناء البنوك البحرينية، التي أعلنت تسجيل أعلى معدل صافي هامش الفائدة على مستوى المنطقة بنسبة 3.45 في المئة، تبعتها البنوك السعودية بوصول معدل صافي هامش الفائدة إلى 3.3 في المئة.
أبرز النقاط – قطاع البنوك الخليجية
يشمل هذا التقرير تحليل البيانات المالية التي تم الإعلان عنها من قبل 62 بنكاً مدرجاً في بورصات دول مجلس التعاون الخليجي، عن فترة الربع الرابع من عام 2020. هذا وقد قمنا باستبعاد البيانات الخاصة بالربعين الأول والثاني من عام 2020 للبنوك البحرينية، ولم نقم بإضافتها للرسوم البيانية المجمعة نظراً لعدم توافر تلك البيانات. ويتضمن هذا التقرير تجميع البيانات المصرفية الفردية على مستوى كل دولة منفردة. وتتضمن أبرز الملاحظات الرئيسية بناء على تحليل أحدث البيانات المالية على أساس ربع سنوي لقطاع البنوك الخليجية النقاط التالية:من المتوقع تراجع المخصصات تدريجياً بعد وصولها إلى الذروة...بلغت مخصصات خسائر القروض ذروتها خلال الربع الرابع من العام 2020، وصولا إلى مستوى قياسي جديد عند 6.4 مليارات دولار، مقارنة بـ 4.5 مليارات دولار، خلال الربع الثالث من عام 2020. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع قياسي في المخصصات للعام عند 20.3 مليار دولار، بزيادة بلغت نسبتها 61.3 في المئة أو7.7 مليارات دولار المسجلة في العام المالي 2019. سجلت البنوك الإماراتية أكبر نمو مطلق خلال العام، حيث زادت مخصصات خسائر القروض بمقدار 3.4 مليارات دولار، أو بنسبة 71.6 في المئة لتصل إلى 8.2 مليارات دولار. من ناحية أخرى، سجلت المملكة العربية السعودية أقل نسبة زيادة في المخصصات خلال العام، بنسبة 37.6 في المئة أو 1.3 مليار دولار، لتصل إلى 4.6 مليارات دولار، في حين حلت البنوك الكويتية ثالثا بقيمة 3.3 مليارات دولار، بزيادة بلغت نسبة 55.6 في المئة.تحسن إجمالي الايرادات بدعم من دخل الفائدة والدخل من غير الفائدة...ارتفع إجمالي إيرادات بنوك دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 4.0 في المئة على أساس ربع سنوي في الربع الأخير من عام 2020 بعد أن شهد انخفاضاً خلال الربع السابق. وجاءت تلك الزيادة بدعم من ارتفاع صافي دخل الفائدة وكذلك الدخل من غير الفائدة. وشهد الدخل من غير الفائدة نمواً للربع الثاني على التوالي في الربع الرابع من عام 2020، إذ ارتفع بنسبة 8.9 في المئة على أساس ربع سنوي، فيما يعد أعلى معدل نمو متواصل في الأرباع الخمسة الماضية، ليصل إلى 6.4 مليارات دولار. وكان هذا النمو متسع النطاق وشمل جميع الدول الست، ويعود السبب الرئيسي وراء ذلك إلى تحسن أسواق رأس المال خلال الربع الأخير من العام، كما ارتفع صافي دخل الفائدة في الربع الرابع من عام 2020، إلا ان الزيادة كانت متواضعة نسبياً، إذ بلغت 2.1 في المئة فقط لتصل إلى 15.1 مليار دولار، خلال الربع مقابل 14.7 مليار دولار، في الربع الثالث من عام 2020. كما كان النمو على أساس ربع سنوي إيجابياً في كافة الأسواق تقريباً، باستثناء البحرين، ويعزى بصفة رئيسية إلى نمو أنشطة الإقراض خلال تلك الفترة. انخفاض أسعار الفائدة يؤثر سلباً على صافي هامش الفائدة على مستوى كافة الدول الخليجية...لم ينجح نمو صافي دخل الفائدة في الربع الرابع من عام 2020 في إحداث أي تأثيرات إيجابية على مستوى اجمالي صافي هامش الفائدة خلال العام، إذ انخفض المعدل إلى احدى أدنى المستويات المسجلة خلال الأرباع القليلة الماضية. وانكمش اجمالي صافي هامش الفائدة لقطاع البنوك الخليجية إلى 2.9 في المئة في الربع الرابع من عام 2020 مقابل 2.98 في المئة في الربع الثالث من عام 2020 على خلفية تزايد نمو الأصول المدرة للدخل بصفة رئيسية. كما شهد اجمالي صافي هامش الفائدة انخفاضاً هامشياً، إلا انه ظل ثابتاً خلال الثمانية فترات ربع السنوية الماضية، وانخفض إلى ما دون 3.0 في المئة للمرة الأولى في الربع الثالث من عام 2020. وشمل تراجع صافي هامش الفائدة كافة دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2020 باستثناء البحرين، التي شهدت زيادة هامشية قدرها 12 نقطة أساس. ومجدداً، سجلت البنوك البحرينية أعلى معدل صافي هامش الفائدة بمعدل بلغ 3.45 في المئة في الربع الرابع من عام 2020 مقابل 3.33 في المئة في الربع الثالث من 2020.وعلى الرغم من أن البنوك السعودية سجلت ثاني أعلى معدل صافي هامش الفائدة على مستوى المنطقة، والذي بلغ 3.3 في المئة بنهاية الربع الرابع من 2020، إلا أنها شهدت أيضاً أعلى معدل تراجع على أساس ربع سنوي بنسبة 13 نقطة أساس مقابل 3.43 في المئة في الربع الثالث من عام 2020. وجاءت البنوك العمانية في المرتبة الثانية بصافي هامش فائدة بنسبة 2.78 في المئة، وتبعتها البنوك الإماراتية والكويتية بنسبة 2.71 في المائة و2.66 في المئة، على التوالي.صافي الأرباح يصل إلى أدنى مستوى في 7 سنوات في 2020 في ظل المخصصات قياسية...تراجع صافي ربح القطاع المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي مرة أخرى خلال الربع الرابع من عام 2020، مدفوعاً بارتفاع المخصصات التي قابلها جزئياً ارتفاع إجمالي الإيرادات المصرفية. انخفض صافي الربح بما يقرب من الثلث على أساس ربع سنوي خلال الربع الرابع من 2020 ووصل إلى 5.3 مليارات دولار. وانعكس الانخفاض أيضا في صافي أرباح العام بأكمله الذي وصل إلى أدنى مستوى له في سبع سنوات. هذا وانخفض صافي الربح الإجمالي للسنة المالية 2020 إلى 25.0 مليار دولار، مقارنة بـ 36.9 مليار دولار، خلال العام المالي 2019، مسجلاً انخفاضا بنسبة 32.2 في المئة. وكان هذا أكبر انخفاض على الإطلاق منذ 2002 على الأقل، وأكبر بكثير من الانخفاض البالغ 22.3 في المئة عام 2008، عام الأزمة المالية العالمية. وكان انخفاض صافي الربح هو الأشد حدة في البحرين بنسبة 53.6 في المئة تليها الكويت بنسبة 55.5 في المئة. وجاءت الإمارات تاليا بنسبة 44.2 في المئة، بينما شهدت البنوك السعودية والقطرية انخفاضاً بنسبة 22.8 في المئة و12.4 في المائة، على التوالي.لا إجابة بعد عن السؤال، الذي يطرح نفسه حول ما إذا كان الأسوأ قد انتهى...من المتوقع أن تؤدي زيادة مخصصات البنوك في الربع الرابع من العام 2020، والتي رفعت مستوى مخصصات خسائر القروض السنوي لبنوك المنطقة إلى أعلى المستويات المسجلة على الإطلاق، إلى تراجع مخصصات انخفاض القيمة في الأرباع القادمة، إلا ان النتائج الحالية ما زالت تعكس التدابير التي اتخذتها البنوك المركزية للحد من تداعيات الجائحة. واتخذت بنوك المنطقة موقفاً استباقيا في الاعتراف بالقروض المتعثرة في إطار بعض المبادرات، التي تم طرحها مثل برنامج الدعم والمواجهة الاقتصادي في الإمارات، ومن المتوقع أن يتضاءل التمويل والإقراض من قبل البنوك المركزية الأخرى في المنطقة خلال العام الحالي. وتستهدف تلك التدابير مواصلة التدفق المستمر، وغير المنقطع للتمويل بشكل رئيسي إلى قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة الذي يوفر الجزء الأكبر من الوظائف على مستوى المنطقة. كما تضمنت الإجراءات المطبقة توفير التمويل بدون تكلفة للبنوك وشركات التمويل، هذا إلى جانب التأجيل الاختياري لسداد القروض والتي تعتبر من أهم سبل الإغاثة للبنوك، إلا انها تقوم بشكل أساسي بتأجيل الاعتراف بالقروض المتعثرة التي من شأنها أن تتفاقم إذا فشل الاقتصاد في التعافي على المدى القريب.مع عودة الاقتصاد إلى مسار النمو وتراجع الوباء، من المتوقع أن يتضاءل الدعم التنظيمي هذا العام ومن المتوقع أن يكون لذلك تأثير سلبي على أرباح القطاع. ومع ذلك، نعتقد أن البنوك ستكون حذرة في تسجيل تلك البيانات وستقوم بتوزيعها على عدة فترات مالية خلال السنة. بالإضافة إلى ذلك، فإن النمو القوي في الإقراض، وخاصة في المملكة العربية السعودية وقطر، من شأنه أن يساعد في التخفيف من تأثير المخصصات في الأرباع القادمة.