كشف مصدر دبلوماسي أوروبي في طهران، لـ «الجريدة»، أن بلاده ودولاً أوروبية أخرى بدأت جهوداً حثيثة لإقناع إيران وإسرائيل بوقف الاستهداف المتبادل لسفنهما التجارية، الذي يهدد بتوتر بحري غير مسبوق، وينذر بـ «حرب سفن» تُذكّر بحروب ناقلات النفط في معارك حرب الخليج الأولى.وقال المصدر، الذي أصر على عدم الكشف عن هويته أو بلده، إن المساعي الأوروبية اصطدمت في طهران بعائقين: الأول هو أن الجانب الإيراني نفى أن تكون له علاقة باستهداف السفن الإسرائيلية، لكنه هدد في المقابل بأن استمرار إسرائيل في استهداف السفن الإيرانية سوف يؤدي إلى رد فعل إيراني مماثل.
وأضاف: العائق الثاني أن الإيرانيين زجوا قضية احتجاز واشنطن لسفن تحمل وقوداً إيرانياً في القضية، وأصروا على ضرورة إفراج الولايات المتحدة عن السفن، التي كانت تحمل شحنات وقود إيرانية إلى فنزويلا، قبل الدخول في أي مفاوضات تتناول أمن التجارة البحرية. ولفت إلى أن الوساطة الأوروبية وجدت نفسها كذلك أمام مطالب إيرانية تتعلق باستهداف إسرائيل شحنات أسلحة أو قوات إيرانية متوجهة إلى سورية أو لبنان، إذ استغلت طهران المساعي الأوروبية لبعث رسالة إلى تل أبيب، مفادها أنه إذا كانت دمشق وموسكو تمنعانها من الرد على إسرائيل، انطلاقاً من الجولان السوري، لعدم فتح جبهة جديدة بوجه الجيش السوري، فإن هذا لا يعني أن إيران لا يمكنها أن ترد على إسرائيل في مكان آخر.وتابع المصدر، نقلاً عن الجانب الإيراني، أنه إذا كانت الساحة السورية تعتبر خطاً أحمر بالنسبة لإسرائيل فإن منطقة الخليج أيضاً تعتبر خط أحمر لإيران، الأمر الذي يعني أن الإيرانيين يريدون القول إنهم من الآن وصاعداً ربما يلجأون إلى الرد على الهجمات ضد قواتهم بسورية في منطقة بحرية مترامية الأطراف تشمل الخليج وبحر عمان وبحر العرب والبحر الأحمر.وقال المصدر الدبلوماسي، الذي قاد مساعي بلاده مع طهران، إنه نقل الموقف الإيراني لحكومته، التي طالبته بإبلاغ طهران بأنه يجب حصر البحث في قضية «حرب السفن» المستجدة بين إيران وإسرائيل. أكثر من ذلك، حمل الدبلوماسي الغربي إلى طهران رسالة تحذير واضحة تؤكد خلالها بلاده، التي ترتبط بعلاقات جيدة مع إيران وإسرائيل وهي قلقة من أن تتضرر مصالحها التجارية من هذا الصراع البحري، أنها حصلت على وثائق تؤكد تزويد إيران للحوثيين في اليمن بصواريخ أرض ــ بحر يتم استخدامها تحت إشراف المستشارين الإيرانيين في اليمن. وأضاف أن حكومته لا تريد الدخول في ملفي اليمن وسورية، وهي مهتمة فقط بالوساطة بين إيران وإسرائيل. وفيما يشبه التهديد الضمني، قال المصدر إن المعلومات التي تملكها بلاده يمكن أن تتسرب إلى جهات أخرى في الأمم المتحدة، الأمر الذي يعني أن إيران خالفت عقوبات مجلس الأمن الدولي على تسليح الحوثيين، وقد يكون لها عواقب أممية إيران في غنى عنها.ويعود آخر هجوم بحري معروف بين إسرائيل وإيران إلى أقل من أسبوع، عندما أصيبت سفينة شحن ترفع علم ليبيريا ومملوكة لشركة إسرائيلية كانت في طريقها من تنزانيا إلى الهند، بصاروخ أحدث بها أضراراً في بحر العرب، واتهمت تل أبيب طهران بالوقوف وراءه. وقبلها، في 10 مارس الماضي، أصيبت سفينة الحاويات الإيرانية «شهركرد» بشحنة متفجرة، فيما اعتبرته الخارجية الإيرانية «هجوماً تخريبيا»، قائلة إن إسرائيل تقف على الأرجح وراءه. وجاء الحادث بعد أسبوعين من تعرض سفينة إسرائيلية لتفجير في خليج عمان. وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية كشفت، في وقت سابق من الشهر الماضي، أن إسرائيل استهدفت ما لا يقل عن 12 سفينة متجهة إلى سورية، يعتقد أنها كانت تنقل نفطاً إيرانياً، خوفاً من أن تموِّل من أرباحها الأذرع الإيرانية في الشرق الأوسط، وهو ما وصف بـ»حرب ظل» بين تل أبيب وطهران، بضوء أخضر أميركي.
أخبار الأولى
وساطة أوروبية متعثرة لوقف «حرب السفن» بين إيران وإسرائيل
01-04-2021