لم أعد أهتم بمتابعة عمل الحكومة أو تصريحات وزرائها، لأني مللت من أن أكون شاهداً على فشل تلو آخر، فطوال سنوات لم أجد في عملها ما يسعدني شخصياً أو يقنعني بالجدوى، حتى يئست أن ينصلح الحال أو يتحسن الأداء، وماذا ننتظر من حكومات تقليدية في كل شيء، وتعتمد على سياسة (الهون) ولا لتحريك الساكن و(خلك بالمضمون)، مما وضعنا في حالة من الابقاء الإجباري على المصائب التي تشبه اللاءات السيئة، لا لمحاربة الفساد ولا لتحسين مستوى التعليم ولا لإنقاذ الطبقة الوسطى من سطوة القروض وبقية أسباب تآكلها، ولا للتخلص من بيروقراطية المؤسسات الحكومية ولا لتحسين مستوى الخدمات، وبسبب كثرة هذه اللاءات لم نعد نثق بهذه الحكومة أو ما سبقها وما سيلحقها من حكومات.ولعل كل المصطلحات التي ذكرتها والتي لم أذكرها وما كان منها حقيقياً وما كان من اختراعاتي، قد أدت إلى نشأة طبقة سياسية معارضة جديدة على أنقاض الطبقة المعارضة القديمة التي تفتت بعد عام 2012، بدأت حملاتها الانتخابية بشراسة، وازدادت شراسة يوماً بعد يوم ومن كل الفئات والتوجهات لأن الأضرار قد طالت كل أفراد الشعب خصوصا الطبقة المتوسطة وما دونها.
وقد كانت الانتخابات الأخيرة رسالة شعبية واضحة لكل النائمين في العسل من أعضاء المجلسين السابقين (وزراء وأمة)، أن زمن النوم في العسل قد ولّى وأن التغيير قد بدأ وأن لتغيير تركيبة مجلس الأمة استحقاقات يجب أن تحاكيها تركيبة مجلس الوزراء، لكن مثل هذه المحاكاة لم تحصل، فعلمنا علم اليقين من خلال خبراتنا الإعلامية ومتابعاتنا الحثيثة للمزاج السياسي الكويتي بواقعه وشخوصه أننا أمام تصادم مؤكد، فكانت الجلسة الافتتاحية خير دليل على ذلك، وكانت الجلسة الثانية (أخْيَر) من الجلسة الأولى، والجلسة الثالثة (أخْيَر) من الجلستين.لكننا ورغم قناعتنا المطلقة بضرورة التعامل مع الحكومة بقسوة لكي تضطر الى الارتقاء بأدائها أو ترك الملعب لمن يعرف كيف يلعب، إلا أننا وبعد متابعة توجهات وتصريحات وحركة نواب المعارضة تأكدنا أن ما حدث في يوم 5/12 لم يكن تغييراً مدروساً إنما هو رفض شعبي لواقع مرير أدى إلى تغيير فوضوي أوصل الى المجلس من يمكن أن نسميه معارضة حقيقية ومن يمكن أن نشك في حقيقته، ولذا فإن الرصد الشعبي على أشده في هذه الأيام خاصة مع الدور الذي بدأ يؤديه (الكلوب هاوس) من تأثير سياسي محلي كبير ومشاركات شعبية كبيرة.ولعل هذا الاهتمام الشعبي الشديد بما يجري في الساحة أولاً بأول، سيؤدي إلى الخطوة التالية المهمة والطبيعية في الانتخابات القادمة وهي الانتقال من فوضى التغيير التي جلبت هذه الأسماء فجمعت بين معارض (يشاور نفسه) ومعارض (ما بأذنه ماي)، إلى زيادة الدقة في التغيير، وتحسين معايير الاختيار للتخلص من (المشاورين) لأنفسهم، واستبدالهم بالذين ليس في آذانهم (ماي)، مما سيجعل المجلس القادم أشد شراسة وأكثر إمكانية في تلمس هموم المواطن، وأقدر على تحسين أدواته لتوحيد الصف ومواجهة محاولات (التطشير)، ولأن قطار التغيير قد انطلق بقوة في الانتخابات الماضية فإني أجزم أن النواب السابقين الحالمين بالرجوع إلى الوراء والعودة للمجلس مرة أخرى لن يتحقق من أحلامهم شيء، وأن المتوقع حدوثه حركة تصحيحية فقط تزيد القوي قوة والشديد شدة وتجلب معارضة أكثر عدداً وأكثر صدقاً وأكثر تأثيراً.
مقالات - اضافات
وجهة نظر: معارضة بحاجة إلى معارضة
02-04-2021