بينما تسارع دول العالم لاحتواء الموجة الوبائية الثالثة من فيروس كورونا المستجد، انتقدت منظمة الصحة العالمية، أمس، البطء «غير المقبول» لحملة التلقيح ضد الفيروس في أوروبا التي تواجه وضعا وبائيا يعد «الأكثر إثارة» للقلق منذ أشهر، في حين اضطرت فرنسا ودول أوروبية أخرى إلى فرض تدابير صارمة بمناسبة عيد الفصح.وجاء في بيان لمدير منظمة الصحة العالمية في أوروبا هانس كلوغه: «الوضع الإقليمي حاليا هو الأكثر إثارة للقلق الذي شهدناه منذ عدة أشهر».
ففي منطقة أوروبا التي تشمل في منظمة الصحة العالمية نحو 50 دولة، بينها روسيا وعدة دول من آسيا الوسطى، تجاوز عدد الوفيات 24 ألفا الأسبوع الماضي، ويقترب «سريعا» من عتبة المليون، حسب المنظمة.واعتبر كلوغه أن «الوتيرة البطيئة للتلقيح تطيل أمد الوباء»، مشددا على أن «اللقاحات هي أفضل وسيلة للخروج من الجائحة». وأضاف: «لكن إعطاء هذه اللقاحات يجري ببطء غير مقبول»، داعيا أوروبا إلى «تسريع العملية، عبر تعزيز الإنتاج وخفض العراقيل أمام إعطاء اللقاحات وعبر استخدام كل جرعة لدينا في المخزون».
السويد تؤخر
وفي السياق، أخّرت السويد الموعد المستهدف المبدئي للانتهاء من تلقيح كل البالغين في النصف الأول من العام الحالي. وقالت وزيرة الشؤون الاجتماعية لينا هالينغرن أمس، إنه «ببساطة لا يوجد ما يكفي من الجرعات للوصول للهدف».وأضافت أن الخطة الجديدة للحكومة هي تطعيم كل الأشخاص فوق الثمانية عشر عاماً المعرضين للخطر قبل 15 أغسطس ولكل الأشخاص فوق 65 عاماً بحلول 16 مايو.غير أنه من الممكن أن يرسل مصنعو اللقاحات المزيد من الجرعات قبل تلك الفترة.ماكرون
وفي محاولة لاحتواء الموجة الوبائية الثالثة التي تجتاح فرنسا، حيث يسجل الوضع الوبائي تدهوراً منذ أسابيع، مما أدى إلى تخطي أعداد المصابين الذين أدخلوا أقسام الإنعاش 5 آلاف شخص، أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون إغلاق المدارس ثلاثة أسابيع، وتوسيع نطاق التدابير المفروضة.وقال في خطاب عبر التلفزيون إنّ هذه الإجراءات التي ستسري في كلّ أنحاء فرنسا تشتمل على حظر تجوّل ليلي وإغلاق بعض المحال التجارية وتقييد تنقّلات المواطنين حول منازلهم ضمن دائرة شعاعها 10 كلم، وأيّ تنقّل خارج هذه الدائرة سيحتاج إلى مبرّر. وستطبّق هذه الإجراءات اعتباراً من الثلاثاء المقبل، أي بعد انتهاء عطلة عيد الفصح التي سيتمكّن خلالها الفرنسيون من التنقّل بحريّة.وقال ماكرون: «لقد دخلنا سباق سرعة» في وقت تواجه البلاد زيادة حادّة في أعداد المصابين والحالات الاستشفائية، ولا سيّما بسبب تفشّي النسخة البريطانية المتحوّرة من الفيروس.وأضاف أنّ هذا المتحوّر «تسبّب بظهور وباء ضمن الوباء».وإذ لفت ماكرون إلى أنّ «الفيروس ينتقل في المدارس، ولكن ليس بمعدل أعلى مما يفعل في الأماكن الأخرى»، شدّد على أنّ «المدرسة موضوع غير قابل للتفاوض»، مذكّراً بأن فرنسا واحدة من «الدول النادرة» التي أبقت مدارسها مفتوحة منذ مطلع سبتمبر. وفيما يتعلّق بالتطعيم، أعرب ماكرون عن «الأسف الشديد « لعدم تلقّي قسم من المسنّين الفرنسيين اللّقاح، رغم أن دورهم لفعل ذلك قد حان، في وقت تقترب الحصيلة الإجمالية للوفيات من عتبة المئة ألف وفاة.كما وعد ماكرون بتوسيع نطاق التطعيم ليشمل جميع الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً في 16 الجاري، لكل الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً في 15 مايو.وأضاف أنّ من يقلّ عمره عن 50 عاماً سيصبح بإمكانه تلقي اللّقاح اعتباراً من منتصف يونيو «وبحلول نهاية الصيف، سيتمكّن جميع الفرنسيين الذين تزيد أعمارهم على 18 عاماً والذين يرغبون بتلقّي اللقاح من أن يفعلوا ذلك».البرلمان الفرنسي
وانتقد البرلمان الفرنسي أمس، إدارة حكومة ماكرون لأزمة «كورونا».وقال داميان عباد، رئيس الكتلة الجمهورية في البرلمان بعد خطاب رئيس الوزراء جان كاستيكس، «نحن لسنا هنا للاعتراف باخفاقاتك المتكررة».ودافع كاستيكس عن القيود الجديدة، وقال: «الموجة الثالثة هنا وتضربنا بشدة».ووافق البرلمان على الإجراءات بواقع 348 صوتاً، مقابل رفض تسعة أصوات.من ناحيته، رفض زعيم «فرنسا المتمردة» اليسارية المتطرفة جان لوك ميلونشون، قرار الإغلاق الجديد الذي أعلنه ماكرون، وقال: «لسوء الحظ، فإن الفرنسيين هم الذين يدفعون عواقب هذه التأخيرات وهذه التناقضات التي لها تأثير كبير على حياتهم اليومية». وأضاف أن «المعارضين في البرلمان لقرارات ماكرون لن يشاركوا في التصويت على كذبة الأول من أبريل، ولن يستسلموا».بدورها، انتقدت زعيمة حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف مارين لوبن، قرار ماكرون بالإغلاق وطريقته في مسألة توفير اللقاحات لمواطنيه، ودعت السلطات الفرنسية الى التوجّه «الى الروس والصينيين وكل من يستطيع توصيلنا الى بر الأمان» لشراء لقاحات مباشرة وبكثافة.وإزاء الموجة الثالثة، تكثف الدول الأوروبية الأخرى الإجراءات في محاولة للحد من انتشار الفيروس، خصوصا على صعيد السفر.وستعزز ألمانيا «في الأيام الثمانية إلى الأربعة عشر المقبلة» عمليات التدقيق حول حدودها البرية، ولا سيما مع فرنسا والدنمارك وبولندا.أما إيطاليا فقد قررت تمديد التدابير المعمول بها حتى 30 الجاري. وفي النمسا ستكون فيينا ومحيطها في الحجر بمناسبة عيد الفصح.وفي كندا، تتهيّأ أونتاريو، أكبر مقاطعة كندية لناحية التعداد السكان والعاصمة الاقتصادية للبلاد، إلى فرض إغلاق جديد لـ 28 يوما، بسبب تسارع وتيرة الإصابات، في حين أعلنت مقاطعة كيبيك تشديد القيود وإغلاق المؤسسات التجارية غير الأساسية والمدارس.وفي الولايات المتحدة، حيث تشهد الأوضاع تحسنا طفيفا بفضل تسارع حملة التلقيح، دعا الرئيس جو بايدن إلى الالتزام بالتدابير الوقائية ووضع الكمامات، كما دعا الأندية الرياضية إلى الحد من أعداد الجماهير في منشآتها.وتشهد الأوضاع الوبائية تدهورا في البرازيل التي سجلت في مارس الماضي، أعلى عدد من الوفيات منذ بدء الجائحة مع أكثر من 66 ألف وفاة.وعشية إعلان الوكالة الأوروبية للأدوية أن الخبراء الذين يحققون في احتمال وجود رابط بين لقاح أسترازينيكا ضد فيروس كورونا وحالات تخثّر في الدم أو جلطة لم يجدوا أي عوامل خطر محددة، بما في ذلك على ارتباط بالعمر، تلقى الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير (65 عاما) جرعة أولى من «استرازينيكا» بموجب القرار الأخير لبرلين باعتماد هذا المنتج لمن هم فوق سنّ الستين.