الاختراق النووي الإيراني... تعريفه وطرق احتسابه!
بناءً على معلومات أساسية حول تخصيب اليورانيوم وجدول تفاعلي دقيق، تستطيع الحكومات، وحتى الرأي العام، احتساب المدة التي تحتاج إليها طهران لاكتساب سلاح نووي.يُستعمل مصطلح «الاختراق» دوماً في النقاشات المرتبطة ببرنامج إيران النووي، لكن لا يكون معناه واضحاً أو متماسكاً في جميع الحالات. من الناحية القانونية، يشير هذا المصطلح إلى المرحلة التي تسمح لأي دولة تطمح لاكتساب أسلحة نووية بالتخلي عن التزاماتها بموجب «معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية» المعترف بها والتي صادقت عليها إيران في عام 1970 (لم تنضم الهند وإسرائيل وباكستان إلى هذه المعاهدة وانسحبت منها كوريا الشمالية في عام 2003). على المستوى التقني، يشير «الاختراق» إلى المرحلة التي تكتسب فيها دولة معينة القدرة على تصنيع أسلحة نووية قبل أن تردعها الضغوط الدبلوماسية أو التحركات العسكرية.تختلف الآراء حول معنى «قدرات تصنيع الأسلحة النووية» أيضاً، لكن يظن الكثيرون أنها المرحلة التي يكتسب فيها البلد ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج جهاز نووي. في ما يخص إيران، تتمحور هذه العملية حول مادة اليورانيوم -235، أي النظير الانشطاري لليورانيوم الطبيعي الذي يشتق من عمليات تخصيب متنوعة. (البلوتونيوم -239 هو عنصر انشطاري آخر لكن يبدو مسار إيران نحو اكتسابه مسدوداً لأن هذه العملية تقضي بتشعيع اليورانيوم قبل إعادة معالجته).
طرح عالم الفيزياء الأميركي المرموق، ريتشارد غاروين، الذي صمم أول اختبار لأسلحة الهيدروجين في العالم في عام 1952 جدولاً تفاعلياً يسمح للمستخدمين بتحديد كمية اليورانيوم– 235 لإنتاج المواد الخام وذيول اليورانيوم والمنتجات النهائية المطلوبة خلال أي عملية تخصيب مثالية. تكشف هذه الأداة أن التوصل إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 90% (إنه المستوى المطلوب لتصنيع سلاح نووي نموذجي) يزداد سهولة حين يرتفع مستوى التخصيب الأولي للمواد الخام. في ما يلي بعض الأمثلة: • للانتقال من اليورانيوم الطبيعي إلى منتج اليورانيوم المُخصّب بنسبة 90% عبر استعمال 0.4% من ذيول اليورانيوم، يجب أن تُستعمل 170.42 وحدة عمل منفصلة مقابل كل كيلوغرام من المنتج.• للانتقال من 3.67% من اليورانيوم المُخصّب إلى 90% عبر استعمال 0.4% من ذيول اليورانيوم، يكفي أن تُستعمل 63.29 وحدة عمل منفصلة مقابل كل كيلوغرام من المنتج. • للانتقال من 19.75% من اليورانيوم المُخصّب (وهو المستوى الذي تستهدفه إيران اليوم بحسب ادعاءاتها) إلى 90% عبر استعمال 0.4% من ذيول اليورانيوم، يجب أن تُستعمل 17.70 وحدة عمل منفصلة مقابل كل كيلوغرام من المنتج. إذا نجحت إيران في تشغيل عدد إضافي من أجهزة الطرد المركزي وزيادة إنتاجيتها، ستتراجع المدة اللازمة لتجميع اليورانيوم المستخدم لصنع الأسلحة بدرجة إضافية. إذا جمعت طهران مثلاً مجموعات متلاحقة من أجهزة الطرد المركزي، بمعدل جماعي يصل إلى 6 آلاف وحدة عمل منفصلة سنوياً (أي أقل من قدرات البرنامج الإيراني الراهن على الأرجح)، قد تتمكن نظرياً من إنتاج 338 كيلوغراماً من المنتج بنسبة 90% خلال سنة واحدة، أو 305 كيلوغرامات من كمية اليورانيوم– 235 الفعلية. تشير هذه المعادلة إلى أن المدة التي تحتاج إليها إيران لتحقيق اختراق نووي تقتصر على شهر واحد.تفترض هذه الحسابات طبعاً أن يكون الأداء مثالياً، وهو أمر مستبعد حتى لو لم تحصل عمليات التخريب الخارجية التي أعاقت برنامج التخصيب الإيراني في مناسبات متكررة. على صعيد آخر، يبدو أن تعريف مدة الاختراق النووي بهذا الشكل لا يحتسب الوقت الذي يحتاج إليه البلد لتصميم وتجميع عبوة ناسفة أو سلاح قابل للتسليم. تتفاوت الآراء حول اقتراب طهران من اكتساب هذه القدرات أو إقدامها على اتخاذ قرارات بارزة حول السياسات التي تريد اعتمادها. يظن البعض أنها ستحتاج إلى سنتين لتجميع القنبلة المنشودة، لكن يفترض آخرون أن إيران سبق أن أنهت معظم خطوات التسلّح وأن الاختراق النووي سيصبح ممكناً حين ينتج البلد الكمية المطلوبة من سداسي فلوريد اليورانيوم المُخصّب بنسبة 90% ويُحوّلها إلى معدن اليورانيوم ويُشغّل أجزاء القنبلة العاملة بهذا المعدن.