أبدت إيران حذراً عشيّة مشاركتها في أول مفاوضات غير مباشرة مع إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن في فيينا، من أجل "التحديد الواضح لرفع العقوبات وتنفيذ التعهدات النووية المنصوص عليها بالاتفاق" الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018.وأكد المتحدث باسم "الخارجية" الإيرانية، سعيد خطيب زادة، رفض بلاده أي خطة تبنى على مبدأ "خطوة خطوة"، مضيفاً أن "السياسة القطعية للجمهورية الإسلامية هي رفع جميع العقوبات، سواء تلك التي أعاد ترامب فرضها بعد الانسحاب من الاتفاق النووي، أو تلك التي فرضها للمرة الأولى، أو العقوبات التي فرضت تحت عناوين أخرى". وشدد على أن طهران لن تعود إلى هذه التعهدات قبل رفع جميع العقوبات والتحقق من رفعها على أرض الواقع.
انفراجة وصعوبة
وجاء إعلان طهران الحذر غداة محادثات افتراضية جرت أمس الأول بين القوى العالمية وإيران بشأن الاتفاق النووي، وتوجت بما يشبه "الانفراجة" بعد الإعلان عن عقد اجتماع فيينا الحضوري، بعد غد الثلاثاء.وعقب المباحثات قال رئيس منظمة الطاقة الذريّة الإيرانية، علي أكبر صالحي، عبر تطبيق "كلوب هاوس"، إنه "على ما يبدو أن المأزق الأوّلي حول الاتفاق النووي بدأ ينفرج"، مؤكداً أن "ذلك يبعث على الأمل". وكشف صالحي أن اجتماع فيينا سيتناول قضايا فنية، معتبراً أن "الدخول في هذه المرحلة الفنية يعني أن الوضع يدار بطريقة يتم من خلالها تجاوز عقبة من يتخذ الخطوة الأولى"، في إشارة غير مباشرة للشروط الإيرانية - الأميركية خلال الفترة الأخيرة على الطرف الآخر، ليتخذ الخطوة الأولى في تنفيذ الاتفاق النووي، قبل تزايد الحديث من قبل المسؤولين الأميركيين أخيراً حول عودة متزامنة لتنفيذ التعهدات بالاتفاق النووي.وهاجم رئيس منظمة الطاقة الذرية نائب الرئيس الإيراني، التيار المتشدد من دون تسميتهم بمحاولة إسقاط الاتفاق النووي الموقّع مع القوى الدولية عام 2015.ومن دون الإشارة إلى تحريم المرشد الأعلى علي خامنئي في وقت سابق لأي تفاوض بأي شكل من الأشكال مع الأميركيين بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، قال صالحي: "لا أحد في إيران يقول إن التفاوض مع أميركا ممنوع إلى الأبد، إلّا أن المفاوضات تتطلب ظروفاً خاصة، ومتى توافرت ظروف التفاوض والأرضية المناسبة لذلك، سنستثمر هذه الفرصة".وأضاف صالحي: "البعض في الداخل وبالتزامن مع إسرائيل استهدفوا الاتفاق النووي، حيث أسقطوه من مكانته واعتباره، رغم أنه كان إنجازاً كبيراً وثميناً للدبلوماسية الإيرانية".وفي وقت تضغط طهران على القوى الغربية من خلال تسريع برنامجها الذري لتخصيب اليورانيوم، بشّر صالحي بما وصفه بـ "أخبار سارة" حول إنجازات تقنية في محركات الدفع النووي، سيتم الإعلان عنها في الأسابيع المقبلة.واعتبر نائب الرئيس الإيراني أن هناك أخبارا تتعلّق بالملف النووي ستكون سارة، مؤكدا أن من مصلحة الجميع محلياً ودولياً حلّ قضية الاتفاق النووي في أسرع وقت ممكن.في المقابل، هاجم رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، ضمناً، رئيس الجمهورية حسن روحاني، الذي دعا إلى إجراء استفتاء شعبي لمنع خطوات تصعيدية من شأنها تعقيد مسار التفاهم مع الغرب. واعتبر قاليباف أن قانون المجلس، الذي أقر أخيراً لتقليص عمل مفتشي الوكالة الدولية وتسريع التخصيب، مهّد الطريق أمام رفع العقوبات.ترحيب وحثّ
وعقب مباحثات الجمعة، رحبت الإدارة الأميركية بالخطوة، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس: "نحن على استعداد للسعي للعودة إلى الإيفاء بالتزاماتنا الواردة في خطة العمل الشاملة المشتركة، بما يترافق مع قيام إيران بالأمر ذاته".وأعرب برايس، عن انفتاح واشنطن على عقد محادثات مباشرة مع طهران، وإن كان قد استبعد إجراءها في إطار الاجتماع المقبل.كما رحّب البيت الأبيض بالإعلان عن اجتماع الثلاثاء المقبل، موضحا أن واشنطن لم تعلن رفع أي عقوبات من قبل، لكن الخطوات التي ستتخذها لخفض العقوبات اتباعاً للاتفاق النووي ستكون جزءاً من عملية التفاوض. وأشار البيت الأبيض إلى ضرورة التفاوض حول الخطوات الإيرانية للعودة إلى التعهدات النووية.في غضون ذلك، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، إيران إلى التعامل البنّاء خلال المحادثات النووية، وذلك في اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، أمس.وحث لودريان طهران على الكفّ عن أي انتهاك لالتزاماتها النووية الحالية لدعم المحادثات.موقف سعودي
إلى ذلك، رأى وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، أن "هناك فرصة ليس فقط للتقارب مع إيران، وإنما حتى للشراكة معها، إذا أوقفت أنشطتها التي تتسبب في زعزعة الاستقرار بالمنطقة وسلوكها".واستطرد بالقول إنه لا يمكن أن يكون هناك تقارب دون معالجة "هذه التهديدات الخطيرة جداً" للاستقرار والأمن الإقليميين من لبنان إلى سورية والعراق واليمن، إضافة إلى الأنشطة داخل المنطقة، بما في ذلك السعودية بتزويد الإرهابيين بمعدات صنع القنابل.وأكد وزير الخارجية السعودي أنه إذا كانت إيران مستعدة للتراجع، فهذا شيء تأمل المملكة أن تراه، لأن إيران في النهاية جزء من المنطقة، وستبقى كذلك.وحول دور الولايات المتحدة في أمن المنطقة، قال فرحان إن واشنطن لديها مصالح حيوية في المنطقة، وستظل هكذا، لذا يرى أنها ستواصل المشاركة بنشاط في ضمان الاستقرار الأمني بالشرق الأوسط.وتابع: "مع ذلك، نحن في المنطقة قلنا منذ وقت إننا نريد أن نلعب دورا أكبر في ضمان أمننا وأمن المنطقة الحدودية، ونحن مستعدون للتقدم وراغبون فيه، لكننا نريد أن نفعل ذلك بالتعاون والتنسيق مع شركائنا الدوليين".بنزين وتعزيزات
إلى ذلك، ذكرت شركة "تانكر تراكرز" لتتبّع مسار الناقلات النفطية، مساء أمس الأول، أن إيران أرسلت مليون برميل من النفط، وستصل قريباً إلى ميناء بانياس بمحافظة طرطوس شمال غرب سورية.وأشارت تقارير إيرانية إلى أن الشحنة تقترب من قناة السويس من جهة البحر الأحمر، وهي جزء من أسطول أكبر من الناقلات المتجهة إلى بانياس. ويأتي الإعلان عن الإمدادات الإيرانية لدمشق التي تعاني أزمة محروقات خانقة في وقت يسود ترقّب لما يوصف بـ "حرب البحار" الدائرة بين إيران وإسرائيل التي تسعى إلى منع ما تصفه بـ "التمركز الإيراني في سورية".وعلمت "الجريدة" من مصادر مطلعة في وقت سابق أن وساطة أوروبية فشلت في إقناع إسرائيل وإيران بوقف الضربات البحرية المتبادلة.في السياق، ذكر المرصد السوري، أمس، أن شحنات أسلحة جديدة تابعة للميليشيات الموالية لإيران، وصلت إلى مناطق البوكمال ودير الزور والميادين في سورية قادمة من الأراضي العراقية، في أواخر مارس.