قال الرئيس التنفيذي لبنك الكويت الوطني- الكويت، صلاح الفليج، إن استثمارات البنك الرقمية خلال السنوات الماضية آتت ثمارها خلال الأزمة، فقد لعبت قنوات البنك الرقمية دوراً محورياً، ووفرت بدائل فعالة وعملية لفروعه خلال فترات الإغلاق.

وأضاف الفليج، في مقابلة مع مجلة ذا بانكر العالمية، أن المعاملات الإلكترونية زادت إلى مستويات قياسية، وهو اتجاه نراه مستمرا حتى بعد العودة إلى المستويات الطبيعية للأنشطة الاقتصادية، حيث تم تنفيذ 85 بالمئة من إجمالي العمليات المصرفية في 2020 من خلال خدمة الوطني عبر الموبايل وخدمة "الوطني عبر الإنترنت".

Ad

وأكد أن العملاء ازداد اعتمادهم أكثر على الموبايل في إتمام معاملاتهم، ليصبح برنامج "الوطني عبر الموبايل"، عن جدارة، أكبر فروع البنك وأهم قنواته الإلكترونية مع الإمكانات التي يوفّرها لتشمل فتح الحساب إلكترونياً، والحصول على القروض دون الحاجة إلى زيارة الفروع.

وأشار إلى أن التطوير الكبير الذي شهده برنامج الوطني عبر الموبايل يجني ثماره، مع زيادة عدد مستخدمي البرنامج 38 بالمئة خلال عام 2020، مقارنة بالعام الماضي، في حين زادت عدد العمليات التي تمت عن طريق الموبايل بنسبة 51 بالمئة مقارنة بالعام الماضي.

كما سجلت مدفوعات التسوق عبر الإنترنت باستخدام البطاقات زيادة مطّردة بلغت 94 بالمئة، وشهدت المدفوعات التي تتم من دون تلامس قفزة بنسبة 200 بالمئة على أساس سنوي.

وأكد الفليج أن "الأزمة لم تعرقل تنفيذ خططنا في المسار الرقمي، حيث حرصنا على الإسراع بتنفيذ رؤيته الشاملة لتطوير المفهوم التقليدي للفروع، حيث تتكامل مع القنوات الإلكترونية بما يوفّر تجربة مصرفية متكاملة وحصرية لعملاء البنك، حيث افتتح البنك أحدث فروعه، ويقدّم الفرع الجديد نموذجاً للأفرع في المستقبل، والتي تختلف كلياً عن الفروع التقليدية من حيث التصميم وتقديم الخدمات بشكل تفاعلي يعتمد على أحدث الحلول التكنولوجية وبما يضمن للعملاء سرعة وسهولة إتمام معاملاتهم".

وشدد على أن الوباء سرّع من توجّه "الوطني" نحو مستقبل توقّعه، واستعد له منذ فترة طويلة، وهو ما سيساعده في اتخاذ خطوات وزيادة الفوارق عن منافسيه نحو دفع رحلتنا نحو عصر أكثر شمولية ورقمية واستدامة، مشيراً إلى أنه في خضمّ التحديات التاريخية تنشأ أيضاً الفرص التي تعيد صياغة المستقبل، ونحن في "الوطني" حوّلنا كل تحدّ إلى فرصة تدعم النمو المستقبلي.

طموحات مستقبلية

وأوضح الرئيس التنفيذي لبنك الكويت الوطني-الكويت أن عملية التحول الرقمي تشكل أحد أهم عناصر استراتيجيتنا طويلة الأمد، مؤكدا أن البنك يقف اليوم على أرض صلبة للانطلاق نحو تحقيق طموحاته المستقبلية، ويرجع ذلك إلى وضع المبادرات الرقمية الرائدة على رأس جدول أعمالنا، لاسيما في مجال الخدمات المصرفية للأفراد.

وأضاف: "نعمل بلا كللٍ من أجل الاستعداد للجيل القادم من التكنولوجيا المالية، وفي سبيل ذلك قمنا بتأسيس مختبرنا الرقمي في الكويت، لخدمة جدول أعمال التحول الرقمي عبر المجموعة بأكملها، حيث سيعمل المختبر جسرا يتم من خلاله إبرام الشراكات مع المبدعين والمبتكرين في مجال التكنولوجيا المالية، مع إمكانية تطبيق تكامل داخلي، وذلك عبر مطابقة الابتكار الخارجي مع متطلبات العمل، بما يساعدنا على تحسين طريقة عملنا، وتقديم خدمات أفضل، إضافة إلى إثراء تجربة عملائنا".

وأكد أن البنك يفخر على نحو متواصل بترسيخ "عقلية وثقافة رقمية" عبر جميع الوظائف وعلى جميع المستويات في البنك، ليدعم ذلك جهودنا الرامية إلى إحداث تحوّل رقمي قائم على الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات، وهو ما سيؤكد تفوّقنا على المستويين المحلي والإقليمي.

وشدد على مواصلة البنك بالاستثمار في الخدمات المصرفية الرقمية، ليس فقط في الواجهة الأمامية، ولكن حتى في مكاتب الدعم المساندة، مثل الروبوت المصرفي وأتمتة العمليات، موضحا أن البنك سيستمر بالاستثمار في تحليل ومعالجة البيانات لفهم احتياجات وسلوك العملاء بشكل أفضل، إضافة إلى العمل بشكل متواصل على تطوير خدماتنا في حلول إدارة الثروات رقمياً والمتمثلة في خدمة سمارت ويلث بالشراكة مع ذراعنا الاستثمارية شركة الوطني للاستثمار والخدمات المصرفية الخاصة، بما يدعم سعينا للاحتفاظ بالعملاء الأصغر سناً خلال رحلة نمو ثرواتهم. وكذلك سنواصل تطوير الحلول الخاصة بالتحويلات المالية السريعة من خلال الاعتماد على تقنيات البلوكتشين.

وأضاف أن "الوطني" سيعمل أيضا على استغلال مركز البيانات الذي قمنا بتدشينه حديثاً للاستفادة بشكل أفضل من التحليلات لتصميم وتكييف العروض والخدمات، وخفض التكاليف والحد من المخاطر، وإضافة إلى ذلك سيستمر البنك في إدخال تحسينات متواصلة لبرنامج خدمة الوطني عبر الموبايل وتطوير الفروع لتتكامل مع القنوات الإلكترونية بهدف إثراء تجربة العملاء.

تعاون وثيق

وأكد الفليج أن البنوك الكويتية تعمل بشكل وثيق وعلى مدى سنوات مع بنك الكويت المركزي لتطوير البنية التحتية الرقمية، وتبني وتشجيع الابتكار، حيث يمنح "المركزي" المرونة فيما يتعلّق بالمتطلبات الرقابية.

وبيّن أن الكويت تعمل جاهدة على أن تكون في طليعة الرقمنة والمساعدة في دفع الابتكار التكنولوجي إلى الطليعة، ويكفي القول إن نحو 70 بالمئة من الفئة العمرية بين 15 و24 سنة يملكون حسابات مصرفية بالمقارنة مع متوسط عالمي يبلغ نسبته 54 بالمئة، وتمثّل هذه الشريحة السوق المستهدفة لمنتجات وخدمات التكنولوجيا المالية، لأنّها على استعداد لتجربة العروض المالية الجديدة وتبحث باستمرار عن كيفية الحصول عليها بالشكل المناسب والمريح.

وأشار إلى أنه "بشكل عام، أرى أن البنوك تحتاج إلى المرونة للتعامل مع التحديات والفرص غير المتوقعة، وإضافة إلى إجراء التصويبات خلال رحلة التحول الرقمي.

وللوصول إلى هذه الغاية، تحتاج البنوك إلى بنية تقنية معلومات مرنة ومبسطة ترتكز على وجود منصة بيانات في جوهرها عوامل التمكين الرقمية، على أن تكون هذه المنصة قابلة للتطوير، وتحتوي على بنية تحتية حديثة لتخزين ومعالجة جميع البيانات. وأود أن أؤكد أن التكنولوجيا لن تحلّ محلّ القدرات البشرية بشكل كامل، لكنها ستعمل بدلا من ذلك على تعزيز وصقل قدراتنا التحليلية.

قيادة تمويل المشاريع

وحول أبزر محركات نمو الائتمان في 2021 و2022، أكد الفليج أنه من غير المتوقع أن تشهد مستويات أسعار الفائدة المنخفضة الحالية أي اتجاه صعودي خلال الفترة القريبة، حيث يبلغ سعر الخصم نحو 1.5 بالمئة، وهو المستوى الأدنى تاريخياً، لذلك تشير تقديراتنا إلى أن مستويات تلك الفائدة المنخفضة ستكون محفزاً لنمو الائتمان خلال الفترة المقبلة.

وأوضح أن التوقعات تشير إلى أن نمو الائتمان في الكويت سيتراوح بين 4 و5 بالمئة في عام 2021، إذ من المرجح أن يستفيد نمو ائتمان قطاع الأعمال من انتعاش النمو الاقتصادي وزيادة الإنفاق الحكومي في العام الحالي، وذلك على الرغم من التراجع المتوقع لتمويل رأس المال العامل في حالة الطوارئ، وهي ظاهرة شهدناها بقوة في العام الماضي، وذلك نظراً للجائحة.

وأضاف أنه بالنسبة لائتمان الأفراد، فإنه على الرغم من التوقّع بمواصلة إقراض المواطنين لأدائه القوي بالنظر الى الوظائف الآمنة نسبيا وزيادة عدد السكان إلا أنه من المتوقع أن تكون وتيرة اقراض المقيمين ضعيفة نسبيا خلال العام المقبل.

وفيما يخص أداء محفظة القروض لدى البنك في 2020، أكد الفليج أنها ارتفعت لتبلغ 57.7 مليار دولار بزيادة 5.7 بالمئة مقارنة بشهر ديسمبر 2019، وكانت العمليات التقليدية بالكويت سواء للأفراد أو الشركات من أهم المساهمين في نمو محفظة القروض خلال العام، ونتوقع أن نشهد على صعيد نمو القروض خلال عام 2021، نموا یتراوح بین المتوسط والمرتفع في خانة الآحاد عن فترة الاثني عشر شهراً القادمة.

وشدد الفليج على أن تطلعات بنك الكويت الوطني المستقبلية، ستواصل التركيز على قيادة قطاع تمويل المشاريع، والتي كان آخرها ترتيب وإصدار تمويل مشترك لمصلحة مؤسسة البترول الكويتية بقيمة مليار دينار (نحو 3.2 مليارات دولار).

وأكد مواصلة حفاظ البنك على هيمنته على السوق المحلية في هذا القطاع، وذلك بفضل الميزانية العمومية الكبيرة للبنك وقوة العلاقات التي نحافظ عليها على الصعيدين المحلي والدولي، مشيراً إلى أن وحدة الأعمال الخارجية تساهم في دعم وتعزيز هذا الموقف المحلي المميز، حيث توفر تلك الوحدة خدماتها لحوالي 75 بالمئة من الشركات العاملة في السوق وتتميز بريادة قوية في مجال خطابات الاعتمادات المستندية وخطابات الضمان.

وعلى صعيد الشركات المحلية، شدد الفليج على سعى البنك للحفاظ على صدارته كبنك مفضل للشركات الكبيرة والاستمرار في اختراق قطاع الشركات المتوسطة.

سياسة متحفظة

وحول معدل القروض غير المنتظمة لدى البنك في عام 2020 أكد الفليج أنه ووفقًا للمعايير الإقليمية والدولية لدينا نسبة منخفضة جدًا من القروض المتعثرة بلغت في عام 2020 نحو 1.72 بالمئة، وهي أعلى بنحو طفيف عن مستويات عام 2019، كما أن لدينا نسبة تغطية مريحة للغاية بلغت 220 بالمئة.

وأوضح أن الارتفاع الطفيف لمستوى القروض المتعثّرة من إجمالي محفظة القروض يرجع إلى النهج الاستباقي والمتحفظ وحالة عدم اليقين التي أحدثها الوباء، وقد انعكس ذلك أيضا على ارتفاع مستويات المخصصات التي تشكّل غالبيتها احترازية.

وأشار إلى أنه خلال الربعين الثاني والثالث من عام 2020 كانت هناك ضبابية كبيرة وحالة من عدم اليقين فيما يخص بيئة التشغيل، وهو ما دفعنا إلى اتباع سياسة متحفظة للغاية بشأن توافر السيولة لدى بعض العملاء، الأمر الذي أدى في النهاية إلى تجنيب مستويات عالية من المخصصات.

وأكد الفليج أن الربع الرابع من 2020 شهد تحسّن وتيرة تجنيب المخصصات مقارنة بالربعين الثاني والثالث من العام بعد رؤية بوادر للتعافي، ونأمل أن يتواصل هذا التعافي في 2021، ولكن في الوقت نفسه فإن الجائحة لم تنته بعد، ولا تزال تداعياتها العالمية تتكشف لذلك، فإنّ لدينا تفاؤلا حذرا بشأن التوقعات المستقبلية للمخصصات.

وأضاف أنه على الرغم من ارتفاع مخصصات خسائر الائتمان وانخفاض القيمة، فإن المركز المالي للمجموعة لا يزال قويا، ويتمتع بمستويات عالية من الجودة الائتمانية، إلى جانب مستويات رسملة قوية يتميز بها بنك الكويت الوطني، فضلا عن قدرته على تحقيق أرباح تشغيلية تساهم في تعزيز قدرة استيعاب البنك لخسائر الائتمان المحتملة.