بعد كل تشكيل جديد للحكومة، تفرض بعض التغييرات المصاحبة للظروف السياسية والمحلية تطورات جديدة على تبعية الجهات الحكومية للوزراء، الأمر الذي من المفترض أن يعكس توجها عاما أو رؤية جديدة رسمت هذه التغييرات، والتي قد ينتج عنها إعادة هيكلة وترتيب للمؤسسات، من أجل المضيّ قدماً نحو تطوير العمل الحكومي، وتوازن في عملية التوزيع على الوزراء، على أن تكون المسؤوليات شبه متساوية. إلا أنّ التشكيل الأخير للحكومة يعدّ سابقة تاريخية في تغيير مراسيم نقل تبعية 16 جهة حكومية، فهل نقل تبيعة تلك الجهات في الدولة مبنيّ على دراسة أم على حسابات أخرى؟
تصحيح أوضاع
تختلف الأسباب من حكومة لأخرى في إدراج الجهات الحكومية تحت مظلة ومسؤوليات الوزراء، وذلك بعد دراسة الأجواء العامة واختصاصات كل وزير على حدة، كما تتفاوت ماهية النقل من وزير لآخر، فهناك جهات نقلت تبعيتها، لإعادتها تحت مظلة الوزير المختص تصحيحاً لوضعها، ولتكون بجانب الجهات المقاربة من اختصاصاتها، أو لأنّ لها ارتباطا وثيقا معها، ومثال على ذلك في التشكيل الحكومي الأخير، نقل تبعية المعلومات المدنية إلى وزير الدولة لشؤون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بعد أن كانت تحت مظلة وزير الداخلية، مما يجعل التوجه نحو بنية تحتيّة تكنولوجية أجدر، بعد جمع جميع الجهات التكنولوجية تحت وزارة فنية بالدرجة الأولى.ملفات ثقيلة
أما النوع الآخر فيتعلق بجهات نقلت تبعيتها بسبب ثقل الملفات والقضايا المتعلقة بها، حيث تحتاج إلى وزير ذي عبء أقل ثقلاً من الآخرين لإسناد اختصاصاتها تحت مسؤوليته، ومثال على ذلك في التشكيل الأخير، نقل تبعية الهيئة العامة للقوى العاملة وديوان الخدمة تحت مظلة وزير التجارة والصناعة، بالرغم من وجود فجوة بين الاختصاصات، إلا أنه يبدو أن النقل يأتي تخفيفاً لعبء وزير المالية وزير الدولة للشؤون الاقتصادية، المسؤول عمّا يقارب 12 جهة وإدارة حكومية.أسباب سياسية
وهناك سبب آخر لنقل تبيعة الجهة الحكومية من وزير لآخر، ناتج عن حسابات معيّنة تحرص الحكومة على عدم إيضاحها، ربما لأهداف غايتها يميل للسياسية أكثر، وعلى رأسها تنوّع التنقلات التي شهدتها الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية، التي تعد من أكثر الجهات تغييراً لوزيرها، بعد أن نقلت 6 مرات خلال السنوات العشر الأخيرة، بين وزراء الأشغال والنفط والإعلام والبلدية وشؤون مجلس الوزراء، لكن من الممكن أن يكون نقلها الأخير فنياً أكثر إلى جانب البلدية والإسكان، وهذا ما سيتضح فيما بعد.