من مقر لتعذيب المعتقلين والأسرى في فترة الغزو العراقي الغاشم عام 1990، إلى منفذ رئيسي لبيع الشتلات النباتية على مستوى الكويت... في تحول ونقلة نوعية شهدها مشتل العمرية التابع للهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية.

بات مشتل العمرية قبلة للجمهور، حيث يستقبلهم 6 أشهر في السنة لتزويدهم بمئات الأنواع من الشتلات الصالحة للزراعة في البيت أو الحدائق أو الطرق أو في البر، كما يقدم الإرشادات والنصائح والدورات التدريبية للراغبين في خوض مجال الزراعة، فضلاً عن مساهمته في التجارب الزراعية لإنتاج أنواع جديدة يمكن زراعتها في طقس الكويت.

Ad

«الجريدة» التقت مراقب المشاتل في الهيئة م. يوسف الموسوي للحديث عن هذا المشتل، حيث أكد أن العاملين فيه استطاعوا زراعة 83 نوعاً جديداً من النباتات، تتأقلم مع بيئة الكويت، بعدد شتلات تصل إلى 2.034 مليون شتلة خلال سنتين. وفيما يلي تفاصيل الحوار:

• في البداية حدثنا عن إدارة مراقبة المشاتل؟

- هي إدارة تابعة للقطاع النباتي لإدارة شؤون المشاتل النباتية التابعة لهيئة الزراعة، وتعد المشاتل الزراعية ‏من الأماكن الإنتاجية للشتلات الزراعية من خلال توفير الظروف البيئية الملائمة لإنتاج تلك الشتلات وإكثارها، سواء بزراعتها في البذرة أو من خلال اقتطافها من الأشجار الأم، كما أن المشتل يقدم خدمات عديدة منها إنتاج النباتات وتوفيرها لتلبية رغبات واحتياجات المواطنين والمقيمين، للمساهمة في زيادة الغطاء النباتي، ناهيك عن دوره في زيادة الثقافة والوعي الزراعي لدى عموم الجمهور، فضلاً عن توفير الشتلات الزراعية للجهات الحكومية المختلفة لتزيين المواقع المختلفة، وتزويد المدارس بها خلال الاحتفالات الوطنية والمناسبات الرسمية.

• وماذا عن مشتل العمرية بالتحديد؟

- يعتبر مشتل العمرية المشتل الرئيسي والقومي الذي يزود المشاتل الأخرى، وهو مخصص لإنتاج نباتات الزينة والخضار ويساهم في تجميل المساحات والمناطق الكويت، والأمر الجميل أن الدولة حافظت على إعادة إحياء هذا المشتل، بعد ان تحول أثناء الغزو العراقي الغاشم في سنة 1990 إلى مقر لتعذيب المعتقلين، ولكن بعد التحرير تم إعادة تشغيله وتطويره، ليتحول المقر ذو الذكرى السيئة والموحشة إلى واحة خضراء ومتنفس للناس ومركز رئيسي لتغذية البقعة الخضراء في الكويت.

وينتج مشتل العمرية النباتات والزهور المختلفة طوال العام دون توقف، لعرضها في موسم مخصص للبيع والتوزيع على الزائرين الراغبين بشراء أنواع النباتات، عبر موسمين صيفي يبدأ من 1 مارس إلى 31 مايو، وشتوي خلال الفترة من 1 سبتمبر إلى 31 ديسمبر، ويتنوع المشتل الرئيسي في النباتات التي تصلح زراعتها في الكويت، اضافة إلى التجارب الزراعية أيضاً.

4 مشاتل

• كم مشتلاً يتبع هيئة الزراعة؟ وما أنواعها؟

- إلى جانب مشتل العمرية هناك مشتلان تابعان لإدارة مراقبة المشاتل، أحدهما لتخزين أنواع الشتلات في منطقة الدوحة، والآخر في منطقة العارضية، ويغلب عليه إنتاج وتربية شتلات النباتات البرية، حيث تبلغ مساحة مشتل العارضية نحو 50 ألف متر مربع، وهناك توسعة جديدة تحت التنفيذ، تشمل قسمين لإدارة التأهيل وتكاثر النباتات، بالتعاون مع منظمة اليونيسكو العالمية، وهو مشروع حيوي وقسم خاص لتخزين النباتات البرية.

إضافة إلى ذلك تم طرح مشروع مشتل جديد في الجهراء سيرى النور خلال سنتين نظراً لحاجة محافظة الجهراء لمشتل يتسع للمناطق القريبة منها، علماً أنه حل محل مشتل الصباحية الذي تحول الى حديقة عامة نظراً لحاجة تلك المنطقة إلى حدائق في الفترة الحالية.

ونعمل على دراسة وتوجه لفتح مزيد من المشاتل في جنوب الدولة بانتظار تقديمها، علاوة على ذلك هناك مشاتل أخرى لكن لا تتبع قطاع ادارة مراقبة المشاتل بل قطاع الثروة النباتية في الوفرة والعبدلي الزراعيتين، وهي مختصة ببيع أنواع تتعلق بالأمن الغذائي والنباتي.

الرزنامة الزراعية

• ماذا عن آلية العمل في مشتل العمرية؟

- نعتمد الرزنامة الزراعية في عمل المشتل، حيث يتم فتحه خلال العام مرتين لاستقبال الجمهور، موزعة على 3 أشهر للموسم الصيفي، تبدأ من مارس وتنتهي في مايو، و3 أشهر للموسم الشتوي من بداية أكتوبر حتى نهاية ديسمبر، وفترتين بينهما يغلق المشتل فيما تسمى فترة سكون النباتات، لكن تظل به الأعمال جارية لمراقبة ومتابعة تنمية الشتلات، وإجراء بعض التجارب لإكثارها، من قبل العاملين والمهندسين، ويتم تكييف النبات بالكامل وتهيئته للزراعة قبل بيعه مع إعطاء التعليمات بكيفية زراعته للزبائن.

ويستقبل المشتل عددا كبيرا خلال فترات فتح أبوابه للجمهور، نظرا لما يميزه من تنظيم برامج عمليات البيع، والتي تتيح للجمهور البيع بأسعار أدنى بكثير من القطاع الخاص، من أجل تشجيع الإقبال والمساهمة من الجمهور بزيادة البقعة الخضراء، وبالتأكيد هناك معاملة خاصة لتوعية المقبلين على الزراعة، فضلا عن وجود متخصصين لنشر الثقافة الزراعية وتوجيه الناس.

ضعف الثقافة الزراعية

• ما المشاكل التي تواجهها الزراعة؟

- نعاني من ضعف الثقافة الزراعية لدى المواطنين والمقيمين، لذا نعمل على زيادة الوعي لدى الناس، وهذا الامر يتطلب جهدا كبيرا من العمل المكثف عبر الدورات الزراعية، لكن ذلك لم يمنع وجود ارتفاع بنسبة الزراعة خلال السنوات الأخيرة.

وأكدت الدراسات مؤخرا أن حرارة الجو والبيئة الصحراوية ليس عائقا أمام الزراعة، بل بينت ان الزراعة ثقافة واهتمام ومراعاة لاحتياجات النباتات، لذا نطالب بعودة تدريس مادة الزراعة لتخريج جيل مبدع في الزراعة، ويساهم في زيادة البقعة الخضراء، مع توجيههم لزراعة النبات المنتج، بدلا من زراعة الورد فقط.

والأمر الآخر الذي يؤرق مشاريع المشاتل هو تأخير بعض المتطلبات لدى الجهات الرقابية، مما يساهم في قتل الإبداع وضعف روح العمل، نظرا لانقضاء مواسم الزراعة، علما أنها معوقات إدارية وغير فنية.

انخفاض الميزانية

• هل انخفاض الميزانية ساهم في عرقلة عمل المشتل؟

- اختلاف التوجهات في إدارة مراقبة المشاتل والتطلعات الجديدة في بذل الجهد لإعادة تدوير النباتات هو سر النجاح في زيادة الإنتاج، بغض النظر عن الظروف التي تمر بها كل حقبة، لكن تخفيض الميزانية للهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية نتيجة سياسة التقشف في الجهات الحكومية نعتبره سلاحا ذا حدين في مراقبة المشاتل، مما أعطى فرصة للاعتماد الاكبر على القدرات والطاقات الموجودة في الكوادر، فضلا عن تطوير العمل الزراعي في المشاتل والتعمق أكثر في أنواع حديثة قابلة للتحمل في البيئة الصحراوية الجافة.

ولاشك في أن الكوادر الوطنية تعتبر الورقة الرابحة لأي عمل، لكنها تحتاج الى تشجيع خاصة في التخصصات النادرة، وبالفعل تحقق الإنجاز من خلال زراعة 83 نوعا جديدا من النباتات كإنتاج ذاتي بعدد 2.034.607 شتلات زراعية خلال سنتين من بداية 2019 حتى نهاية 2020.

النباتات السامة

• ماذا عن النباتات السامة، والكونوكاربس، التي شهدت لغطا واسعا بتأثيرها على البنية التحتية؟

- أثناء استقبال الجمهور، سواء في مواسم البيع أو الدورات التي تنظمها الهيئة، نحرص على تحذير الناس من سمية النباتات، ولا ننصحهم بزراعتها في المنزل، بالرغم من عدم وجود قانون يفرض عدم بيع أو استيراد النباتات التي تحتوي على نسبة سمية بسيطة، ونباتات الدفلة مثال على ذلك، حيث إنها الأكثر تحملا لبيئة الكويت، وننصح بوضعها في الأماكن العامة وبعيدا عن متناول الاطفال كما هو الحال في دول عديدة، علاوة على ذلك ننصح دائما بسؤال مختص في طريقة الزراعة والعناية بأي نوع من النباتات.

أما بالنسبة لنبات الكونوكاربس فإن منظمة اليونيسكو نصحت بزراعته بعد الغزو لامتصاص الغازات السامة في الجو، لأنه يمتلك قدرة هائلة على ذلك، مما جعل وجوده في المناطق الخارجية منذ تلك اللحظة مهما جدا، خاصة أنه نبات يتحمل درجات الحرارة العالية، وجذوره تمتد بشكل كبير في التربة، ولا توجد أي دراسة في تأثيره على البنية التحتية، وما حصل في السابق هو نتيجة لوجود بنية تحتية وأنابيب متهالكة ومهملة لسنوات، ما جعله يتمدد بداخلها.

الشجرة تزود 4 أشخاص بنسبة أكسجين تفوق 70%

أوضح م. يوسف الموسوي أنه بإمكان شجرة عمرها 5 سنوات تزويد 4 أشخاص بنسبة اكسجين تفوق 70 في المئة، وتلك من فوائد الزراعة، موضحا أنه حسب القوانين الدولية عند إزالة أي نبات عمره سنتان لابد من زراعة بديل للمحافظة على الغلاف الجوي.

وكشف الموسوي أنهم داخل المشتل لا يلقون أي مخلفات للنباتات، بل يتم استخدامها في صنع الأسمدة النباتية، عبر إعادة تدوير أوراق القشور والسيقان والعيدان، مضيفا أنه يمكن صنع احواض نباتية وبعض الاشكال التجميلية، وعمل معرشات للنبات، فضلا عن طحن الخشب المتبقي وادخاله في التربة لتخفيض درجة الحرارة.

بيع 650 ألف شتلة خلال جائحة «كورونا»

أكد الموسوي أن المشتل لم يتوقف خلال جائحة "كورونا"، حيث استقبل 4800 شخص، وباع 650 الف شتلة متنوعة في الفترتين الصيفية والشتوية.

وكشف أن نباتات كف مريم، والأراك، والسدر أكثر الأشجار طلبا، بينما نبات الفنكروزا والماري جولد الأكثر للزهور، وبالنسبة للفاكهة يفضل الكثيرون تين جاسم، والتوت، ونباتات النعناع والحبق.

محمد الجاسم