في حكم قضائي بارز، أكدت محكمة التمييز الإدارية برئاسة المستشار فؤاد الزويد رفض الطعن المقام من مجلس الوزراء ووزير الداخلية بطلب إلغاء حكم المحكمة الإدارية بأحقية مواطنين بإعادة الجنسية الكويتية لهم، بعد صدور قرار من وزارة الداخلية بسحبها.وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إن المستقر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 2 من المرسوم رقم 15 لسنة 1959 بشأن قانون الجنسية الكويتية، على أن «يكون كويتيا كل من ولد في الكويت أو في الخارج لأب كويتي» يدل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المشرّع أرسى قاعدة عامة مؤداها أن كلّ من ولد في الكويت أو في الخارج لأب كويتي يكون كويتيا، وكشف المشرع بذلك عن مؤداه في استحقاق الجنسية الكويتية الأصلية لكل من وُلد لأب كويتي، لتصبح الجنسية بقوة القانون لصيقة بواقعة الميلاد، دون حاجة الى صدور قرار بذلك من الجهة الإدارية أو أي إجراء آخر، متى ثبت على وجه قاطع دون منازعة تسلسل المولود عن أب كويتي، وثبوت نسبه منه.
رقابة القضاء الإداري
وتخضع قرارات الجهة الإدارية في هذا الشأن لرقابة القضاء الإداري، ولا يعدّ ذلك فصلا في مسألة من مسائل الجنسية التي استبعدها المشرّع في البند خامسا من المادة الأولى من القانون رقم 20/ 1981 المعدل بإنشاء دائرة المحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية من ولاية القضاء، وإنما هو إعمال صريح لحكم القانون بشأن حق مستمد منه مباشرة، وهو ما يختلف عن الأحوال الأخرى لاكتساب الجنسية التي لا تتّم إلا بطريق المنح بقرار من الجهة الإدارية المختصة، وفقا للضوابط والإجراءات المبينة في قانون الجنسية، وهو ما يتّسم بطابع سياسي يرتبط بكيان الدولة وضعها في اختيار من ينضم الى جنسيتها في ضوء ما تراه وتقديره، وهذه الحالة الأخيرة هي التي تعد صورة من صور أعمال السيادة لصدورها من الحكومة بوصفها سلطة حكم لا سلطة إدارة. ومن أجل ذلك أخرجها المشرع من ولاية القضاء.من أعمال السيادة
ولما كان ذلك، وكانت المنازعة في الدعوى - محل الطعن الراهن - تدور حول ادعاء المطعون ضده استحقاق الجنسية الكويتية الأصلية بوصفه أنه ولد لأب كويتي عملا بالمادة 21 من قانون الجنسية، ويستند في ذلك الى الحكم رقم 1324/ 1968 أحوال شخصية - الذي أصبح باتا لعدم الطعن عليه في المواعيد المقررة - بثبوت نسبه لوالده الكويتي الجنسية، فإن الدعوى بهذا الوصف تتعلق ببحث مدى توافر شروط النص القانوني سالف الذكر، ومدى الأحقية في الجنسية الكويتية لمن يكتسبها بقوة القانون ممن يُولد لأب كويتي تبعا لذلك الحكم، ولا يعد ذلك تدخلا في مسألة من مسائل اكتساب الجنسية، أو عملا من أعمال السيادة التي تخرج عن ولاية الحكم، الأمر الذي تنبسط معه رقابة القضاء الإداري لبحث مدی مشروعية القرار المطعون فيه.على غير أساس
وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، ورفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، فإنه يكون قد طبّق صحيح القانون ويضحي النعي على غير أساس.وأضافت المحكمة: إنه من المستقر في قضاء هذه المحكمة أنه لما كان من المقرر بنص المادة 2 من المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 1959 في شأن الجنسية الكويتية على أن يكون كويتيأ كل من ولد في الكويت أو في الخارج لأب كويتي، وأن من المقرر في دعاوى النسب من المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية، وفقا لمواد الفقرة (5) من المادة 238 من قانون الأحوال الشخصية رقم 15 لسنة 1984، وأن أمن المقرر أن نص المادة 345 من ذات القانون قد جرى على أن تطبيق أحكام هذا القانون (قانون الأحوال الشخصية) من اختصاص دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة الكلية والاستئنافية والتمييز، وكان النص في المادة 334 منه على أن الأحكام النهائية الصادرة من دائرة الأحوال الشخصية تكون حجة أمام جميع الدوائر.لما كان ذلك، وكانت جهة الإدارة قد أفصحت عن أن سبب القرار هو عدم ثبوت نسب المطعون ضده لوالده، وكانت العبرة في ذلك بما تقرره الأحكام الصادرة من دوائر الأحوال الشخصية التي انتهت الى رفض دعوى نفي نسبه، فإن الحكم المطعون فيه إذ عوّل عليها، لا يكون قد خالف القانون، ومن ثم يضحي النعي على غير أساس.