أين مجالس القادة اليوم... من مجالس خلفاء الأمس؟
![د.نجم عبدالكريم](https://www.aljarida.com/uploads/authors/23_1682354851.jpg)
• وكانت المناقشات بمجلس المأمون تدور في جوٍ من الحرية التامة، فكل ما كان يطرح فيه من آراء تكون قائمة على الحجج العقلية والمنطقية، بل إنه سمح لمناقشة الملاحدة، في مواجهة المسلمين، دون أن يصدر من أي الطرفين ما يعكر صفو المناقشة لطبيعة الحوار، مع شدة الاختلاف في وجهات النظر، احتراماً لحرية الرأي بين المتناظرين. ***• وتعلق المأمون بأهل العلم، مما جعله يُجلهم ويقدرهم، ويغدق عليهم، ويصلهم بالهدايا والعطايا، ويتفقدهم إذا غابوا عن مجلسه، وكان قصرُه مركزاً يجتمعون فيه، لأن المأمون نفسه كان لديه شغف بالعلم، والفلسفة، والرياضيات، والفلك، فضلاً عن اهتمامه باللغة والشعر والأدب... وقد ازدهرت في عصره حركة الترجمة، حيث كانت تُطرح في مجلسه قضايا فلسفية، وكانت تردد فيها أسماء سقراط، وأفلاطون، وأرسطو. ***• ولم يكن مجلس المأمون يخلو من الحوارات الطبية، فكان يتصدر المجلس الطبيب جورجيس بن بختيشوع وحُنين بن اسحاق، ويوحنا بن ماسويه. وكانت الموضوعات تدور حول وظائف أجهزة جسم الإنسان، ووصف الأدوية المناسبة للأمراض التي يتعرض لها. وكان المأمون يسأل المسيحيين منهم عن طبيعة السيد المسيح -عليه السلام- وكذلك يناقش الأطباء اليهود عن ديانتهم. *** • وعُرفت عن المأمون اهتماماته بالهندسة، التي اشتُهر فيها في عصره أبناء موسى بن شاكر وغيرهم، مما جعل حركة العمران في عصره تزدهر في معظم البلاد الإسلامية. ***• ويكفي أن أختم هذا الموضوع بما فعله المأمون مع الكُتاب، حيث كان يزن بالذهب كل كتاب جديد يُكتب في عصره، ويكون الذهب من حق مؤلف ذلك الكتاب. ***• بالطبع هناك الكثير مما كان يُطرح في مجلس المأمون، ولكن أعود إلى طرح السؤال: أين مجالس الزعماء اليوم... من مجالس خلفاء الأمس؟