مع استمرار اللغط حول قضية استقالة اللواء سعيد محمد، الذي ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية، أكد مصدر من قدامى قادة الحرس الثوري الإيراني، لـ«الجريدة»، أن هناك انقساما كبيرا بين كبار قادة المؤسسة العسكرية الموازية للقوات المسلحة والجيش حول من يجب أن يكون مرشحها المدعوم بالانتخابات الرئاسية المقبلة.وسلط المصدر الضوء على قيام المساعد السياسي لقائد «الحرس» العميد يدالله جواني باتهام القائد السابق لمقر «خاتم الأنبياء»، التابع لـ»الحرس»، اللواء سعيد محمد بسوء استغلال منصبه، بعد أيام من إعلان الأخير استقالته للتفرغ لخوض الانتخابات.
وأفاد المصدر بأن الانتقاد فضح حجم الخلافات والصراعات داخل المؤسسة، مضيفا أن سعيد محمد، الذي يعتبر من الشخصيات الشابة في «الحرس»، وأحد أوفر المرشحين شعبية بين شباب «الباسيج»، لم يكن بحاجة إلى إعلان استقالته قانونا لخوض الاستحقاق الرئاسي، وبعد أن برر محمد استقالته بالرغبة في تفادي اتهامه باستغلال منصبه، هاجمه جواني عبر وكالة أنباء «فارس» شبه الرسمية، وقال إنه لم يستقل بل تمت إقالته من منصبه بسبب سوء إدارته وتبذيره الشخصي.وبين أن خلافات كبيرة دبت بين قدامى قادة «الحرس» والجيل الجديد من الضباط الصغار حول الشخصية التي يجب أن تحظى بالدعم خلال الانتخابات، مضيفا أن رئيس البرلمان الحالي القائد السابق بـ»الحرس» محمد باقر قاليباف، والأمين العام لمجلس تشخيص مصلحة النظام القائد السابق بالحرس أيضا محمد رضائي يصران على أن كبار قادة المؤسسة العسكرية الذين خرجوا من الخدمة، وتحولوا إلى العمل المدني لديهم تجربة أكبر وارتباطات أكثر مع المجتمع تخولهم إدارة البلاد بشكل أفضل من الجيل الشاب الذي ليس لديه أي خبرة وارتباطات مدنية ويريد استغلال «الحرس الثوري» لأغراض سياسية فقط.وبحسب المصدر، يتمثل التخوف لدى كبار القادة في أنه في حال نجح مرشح صغير السن من «الحرس»، مثل اللواء سعيد محمد، فإنه سيلجأ إلى تعيين أغلب أفراد حكومته من العسكريين السابقين، وهو ما قد يثير غضب عامة الشعب، ويوصف بأنه نوع من «الانقلاب العسكري» الابيض على الحكومة المدنية.
تفاؤل
الى ذلك، عشية انطلاق اجتماع غير مسبوق في فيينا بمشاركة الولايات المتحدة، لبحث إحياء الاتفاق النووي الإيراني، رحبت طهران بما وصفته رغبة واشنطن في «تصحيح أخطاء الماضي»، لكنها أكدت أنها لن تدخل في حوار مباشر معها خلال المباحثات التي تعقد اليوم على شكل مجموعات عمل من الخبراء، يشكلها الاتحاد الاوروبي، إضافة إلى روسيا والصين، لمناقشة ما يتعين على واشنطن والجمهورية الإسلامية القيام به لاستئناف العودة إلى تطبيق الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018.وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة إن برنامج اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي سيكون حول كيفية رفع أميركا للعقوبات عن إيران، والتزام الأطراف الأخرى بتعهداتها تجاه الاتفاق المبرم عام 2015، مضيفا أن غدا سيتضح ما إذا كان بإمكان مجموعة «4+1» تلبية مطالبات إيران حيال الاتفاق الذي يهدف الى تقييد قدرتها على تطوير سلاح ذري مقابل السماح لها بممارسة أنشطتها الاقتصادية دون قيود.وغداة تصريحات أميركية لافتة على لسان المبعوث الخاص روبرت مالي، اعتبرت أن الهدف من المحادثات هو العودة إلى «الاتفاق النووي» دون الدعوة إلى تقويته أو إضافة اتفاقيات جانبية له، أكد زادة أن بلاده لم تعر أهمية للإشارات أو التصريحات الايجابية التي أعقبت وصول الرئيس الجديد جو بايدن إلى البيت الأبيض، وأن كل ما يهمها هو الإجراءات العملية لرفع العقوبات التي فرضها سلفه ترامب بعد انسحابه من الاتفاق.وحول تصريحات وزير الخارجية الفرنسية حول اختراق إيران لتعهداتها النووي، قال زادة: «نتوقع من فرنسا اتخاذ إجراءات بناءة في مسير عودتها إلى التزامها في الاتفاق النووي»، مضيفا: «نوصي الأطراف الأوروبية بأن تتخذ طريقا أسهل، والرد الإيراني سيكون واضحا على إجراءاتهم»، في إشارة إلى استعداد طهران للتراجع عن خطواتها التي اتخذتها لفك ارتباطها بالاتفاق النووي، وجدد رفض بلاده مطالبة السعودية بضرورة إشراكها والقوى الإقليمية في أي مفاوضات بشأن الاتفاق النووي، لكنه «رحب بأي قرار سعودي حول استعدادها لحوار إقليمي داخل المنطقة».في السياق، دافع زادة عن غموض الاتفاق الاستراتيجي بين طهران وبكين، والذي وصفه رئيس البرلمان محمد قاليباف، في وقت سابق، بأنه يعد تحذيرا لواشنطن، وقال المتحدث إن الاتفاق يرسم خطوط تعاون ولا يتضمن أرقاما وامتيازات «كما يحاول البعض إشاعته».وتزامن ذلك مع تقرير لـ«نيويورك تايمز» خفف من أهمية الاتفاق الصيني الايراني، واعتبره اتفاقا عاديا عقدت الصين مثله مع الكثير من الدول. وكشف المسؤول الإيراني أن رئيس وزراء كوريا الجنوبية سيزور طهران قريبا للمساعدة في تعزيز العلاقات بين البلدين وحل أزمة الأموال الإيرانية المجمدة في بنوك سيول والسفينة الكورية المحتجزة في بندر عباس.في غضون ذلك، توقعت تقارير أن يستمر التأزم بشأن إحياء الاتفاق النووي بعد مباحثات فيينا، في ظل تصلب مواقف طهران وإصرارها على رفع كل العقوبات قبل عودتها إلى تطبيق القيود النووية، ووقف التخصيب العالي لليورانيوم مع قرب الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو المقبل.واستندت التوقعات إلى تخوف واشنطن من أن يتسبب رفع العقوبات بشكل كامل في تحرير أرصدة تقدر بـ20 مليار دولار لمصلحة طهران في اتخاذها لمواقف أكثر تشددا بملفات عدة، في مقدمتها تسلحها الصاروخي وأنشطتها في العراق واليمن ولبنان وسورية.في هذه الأثناء، أعرب مسؤولون إسرائيليون رفيعون عن قلقهم من تصريحات المبعوث الأميركي الخاص بملف إيران، والتي تضمنت إمكانية العودة إلى الاتفاق النووي دون أي عناصر إضافية تجعله «أطول وأقوى»، كما وعد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، وأكدوا تخوفهم من أن الرسائل المختلطة من إدارة بايدن بشأن الاتفاق النووي «مقلقة جدا».