بدأ الاقتصاد الكويتي يتعافى ببطء من تداعيات جائحة فيروس كورونا عام 2020، إذ انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنحو 8 في المئة في العام الماضي – فيما يعتبر أكبر انخفاض منذ الأزمة المالية العالمية عام 2009 – نظراً لإغلاق الشركات وخفض مستويات التوظيف وتوقف المشاريع، مما أدى إلى تزايد الضغوط على الإيرادات وسط انخفاض حاد في أسعار النفط. وكانت سياسات الدعم الحكومي لاحتواء تداعيات الجائحة، خاصة تلك الموجهة للشركات الصغيرة والمتوسطة، محدودة أيضاً، إذ تمحورت بصفة رئيسية حول سداد الديون.

وحسب الموجز الاقتصادي، الصادر عن بنك الكويت الوطني، فقد تحسنت آفاق النمو في ظل رفع (حتى وقت قريب) معظم القيود وكانت معنويات المستهلكين أكثر تفاؤلاً، وساهم الطلب المكبوت في تعزيز الإنفاق الاستهلاكي بنمو بلغت نسبته 20 في المئة على أساس سنوي في فبراير (وفقاً للبيانات الصادرة عن شبكة كي نت)، كما تزايد معدل نمو الائتمان الاستهلاكي بأسرع وتيرة منذ منتصف عام 2018. وبعد الأداء الضعيف الذي شهده عام 2020 من المفترض أن تكتسب وتيرة المشاريع مزيداً من الزخم خلال فترة التوقع بدعم من زيادة مشاركة القطاع الخاص. وعلى الرغم من تأثير تداعيات إعادة فرض حظر التجول الجزئي في مارس والوتيرة غير المؤكدة لبرنامج اللقاحات، فإنه من المتوقع أن يتعافى القطاع غير النفطي وينمو بنسبة تقارب حوالي 4 في المئة هذا العام، قبل أن يعود إلى مستوياته الطبيعية عند مستوى 2.5 في المئة عام 2022.

Ad

وقال الموجز انه من المحتمل أيضاً أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للقطاع النفطي (بتعريفه الأوسع) بنسبة 1 في المئة هذا العام، وبنسبة 7 في المئة عام 2022، في ظل زيادة إنتاج النفط بما يتماشى مع توجهات أوبك وحلفائها لتخفيف تخفيضات الانتاج وبدء التشغيل الكامل لمشروع الوقود البيئي ومشاريع المصافي الجديدة، والتي يفترض أن تساهم في مضاعفة الطاقة الإنتاجية لعمليات التكرير في الكويت.

وبين أن الحكومة أعلنت ميزانية توسعية للسنة المالية 2021-2022، تضمنت ارتفاع النفقات بنسبة 7 في المئة على أساس سنوي (مقارنة ببيانات الميزانية السابقة)، والإيرادات بنسبة 45 في المئة وزيادة العجز إلى 12.1 مليار دينار. إلا أننا نتوقع أن يتقلص مستوى العجز إلى ما يقارب 6-7 مليارات (17 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) هذا العام وإلى 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2023، نتيجة لضبط الإنفاق وزيادة العائدات النفطية بفضل ارتفاع أسعار النفط (الرسم البياني 4). إلا أنه على الرغم من ذلك، يبدو أن التطرق إلى مصادر الإيرادات غير النفطية الجديدة يبقى مقصوراً على إمكانية فرض الضريبة الانتقائية وضريبة القيمة المضافة.

وأضاف أنه قد يساعد إقرار قانون الدين العام الجديد خلال العام الحالي في التخفيف من بعض الضغوط على مستويات السيولة، إضافة إلى أن احتمالية تمويل العجز عن طريق إصدار أدوات الدين بدلا من السحب من الاحتياطيات، في ظل بيئة أسعار الفائدة المنخفضة الحالية قد تكون أقل كلفة، خاصة في ظل بلوغ مستوى الدين العام 3.8 مليارات دينار (12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) بنهاية عام 2020 والذي يعد الأدنى على مستوى المنطقة، لذلك لايزال هناك مجال متسع يمكن استغلاله.

وأفاد الموجز بأن معدل التضخم تضاعف تقريباً عام 2020، إذ وصل إلى 2.1 في المئة، على خلفية مشاكل سلاسل التوريد الناجمة عن الجائحة وارتفاع أسعار المواد الغذائية الدولية وتزايد الطلب الاستهلاكي بعد تخفيف إجراءات الإغلاق الصيف الماضي. ولم تؤثر مغادرة الوافدين وانخفاض الدخل أثناء الجائحة بشكل جوهري على الإيجارات السكنية ضمن مؤشر أسعار المستهلكين. وسيظل التضخم منخفضا، لكنه قد يصل إلى 3 في المئة عام 2022، في ظل تعافي الاقتصاد وافتراض إمكانية تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة في السنة المالية 2022-2023، كما قد يستمر تبني سياسات مالية تيسيرية خلال فترة التوقعات (تم خفض سعر الخصم بنسبة 1.25 في المئة ليصل إلى 1.5 في المئة في مارس من العام الماضي) بما يتماشى مع سياسات الاحتياطي الفدرالي الأميركي التيسيرية.