التقرير الأميركي وحقوق الإنسان في الكويت
صدر التقرير الأميركي لحقوق الإنسان لسنة 2020 في مارس الماضي، وهو موعد يتم تحديده مسبقاً، فالتقرير الحالي من إعداد خارجية "بومبيو"، وليس من خارجية "بلينكن". يغطي التقرير كل دول العالم تقريباً، وقد اعتادته الدول سنوياً، ولأمر ما لا أدركه، كانت هذه السنة مختلفة، فحالما نشرت بعض التعليقات العادية عنه، حتى تم تناقله بكثافة داخلياً وخارجياً في وقت أزمة سياسية طاحنة.تصدر الخارجية الأميركية خمسة تقارير رئيسة، حول موضوعات الإرهاب، والمخدرات، والحريات الدينية، والاتجار بالبشر، وفي حين تعتبر التقارير الأربعة من ضمن الأدوات "المباشرة" للسياسة الخارجية، حيث إنها تتضمن آليات تنفيذية، إلا أن تقرير حقوق الإنسان ليس كذلك. ولذلك تقوم بعض الدول بالرد عبر تصريحات مضادة، هادئة، رفعاً للعتب، وللتوثيق بالعرف الدبلوماسي. وقد اعتادت دول العالم صدور هذا التقرير، ولذلك تتعامل معه في حدوده.
الجزء الخاص بالكويت تضمن سبعة أقسام؛ من الحقوق المدنية إلى السجناء السياسيين إلى المجتمع المدني إلى التمييز والاتجار بالبشر وحقوق العمال وأوضاع المرأة، وغير ذلك ذكرت فيها مجموعة قضايا مهمة في الكويت. ومع أن نفس التقرير في سنوات سابقة قد ذكر تفاصيل أشد وأكثر حساسية، وقليلة التداول، فلربما كانت القضية الأكثر سخونة التي ذكرها التقرير هي قبض رشى من مسؤول بوزارة الداخلية لمبلغ 51 مليوناً مقابل استخراج 17 ألف جواز مادة 17 بواقع 3000 دينار لكل جواز. وكانت أحكام سابقة قد طالت مسؤولين كباراً في الداخلية، سواء في قضية الضيافة أو النائب البنغالي. وبالتالي، فالموقف يعبر عن غضب ضد استشراء الفساد. كانت خلاصة دراسة سابقة لي حول علاقة الفساد بانتهاكات حقوق الإنسان، أنه "كلما زادت انتهاكات حقوق الإنسان زاد الفساد وتجذر، وشارك فيه مسؤولون كبار، وأن الفساد يستشري كلما تم تبرير الانتهاكات بحجج غير حقيقية، كالأمن الوطني، كما يجري مع البدون مثلاً، الذين تتهمهم الحكومة دوماً بالتزوير". من المعروف أن لدينا 12 جهازاً رقابياً للحد من الفساد، ومع ذلك ينتشر كالنار في الهشيم، ولا يبدو أن الإجراءات القانونية والرقابة المالية كافية للحد من الفساد، وفي ذات الوقت التغاضي والتسامح في انتهاك حقوق البشر.أما بخصوص التقرير الأميركي وغيره من التقارير، فالشاهد هو أن الضغط الخارجي وحده لا يأتي بتغيير حقيقي. والكويت مثال ملحوظ في تلك الممارسات. فالإصلاح، أياً كان نوعه، وأياً كان مجاله، لا يؤتي ثماره، إن لم يكن ناتجاً عن حاجة داخلية، وقناعات مجتمعية، تتوافق مع موازين القوى السائدة، وما الضغط الخارجي إلا عنصر مساعد فقط، فإن كان هو الوحيد، فغالباً ما يكون التغيير الناتج عن ذلك الضغط شكلياً لا نتائج حقيقية له على أرض الواقع.