جميل أن يكون للإنسان هامش من الحرية يستطيع أن يطرح فيه آراءه ويناقشها، بل يصحح مفاهيمه مع الزمن ويتبنى وجهات نظر مختلفة نتيجة تراكم فكري وخزينة معلومات. المشكلة تكمن إذا ما أتى شخص ما وطالب بتضييق حريات الشعوب وتطورها الطبيعي خصوصا ونحن في القرن الحادي والعشرين من الألفية الثالثة، ففي الوقت الذي نرى فيه جيراننا يغزون الفضاء ويدشنون المدن الذكية ويخضرون الصحراء، ننصدم بمطالبات بحجب منصات كـ«التيك توك» كما كان في السابق بعض المطالبات تطول «النتفلكس» ويا خوفي أن تطول تلك المطالبات تناول «الكورن فلكس» ومنعه من الجمعيات والأسواق الموازية!! كما وجب الذكر أن بعض الدول في محيطنا العربي قد تحركت فعلا وحجبت بعض المنصات الإلكترونية كـ«كلوب هاوس» وغيرها، ونحن ننعم بل نحسد على تلك الهوامش الضيقة للحريات الشخصية ونجد من يطالب بحجبها!!كل تلك المنصات التي خصصت للتواصل تندرج تحت نطاق التطور الإلكتروني في فضاء المعلوماتية الواسع في هذه الأيام، تلك المنصات المتنوعة هي كما السكين، فهناك من يستطيع ارتكاب جريمة فيها وهناك من يستطيع أيضا أن يتفنن بها في المطبخ مقلدا طهاة «الكوردن بلو» والمطاعم المصنفة بـ»نجوم الميشيلان» العالمية، فالمنصات المعلوماتية تلك تخرج إبداعات جمة لدى منتسبيها وتتيح تبادلا معلوماتيا جميلا جدا أيضا، وليست دائما مخصصة للأمور المخلة والرذيلة، وأحيانا سياسة من النوع الدسم. مو جذيه؟!
وبالمناسبة، حجب منصات بعينها سيخلق سوقا سوداء إلكترونية لها ويجعل منها سلعة مرغوبة في نظر العامة. فإن كان أحد يستهزئ بتلك التطبيقات فليعلم أن هناك الآلاف من مستخدميها بمجالات مهمة كالعلوم والفنون وليس بالضرورة للرذيلة والمجون. وإن كانت المطالبات بالحجب دوافعها سياسية، فمن الطبيعي جدا أن يجد الناس متسعا وفسحة للمطالبة بحقوق ومناقشة قضايا رأي عام، فليعمل المطالب بحجب المنصات تلك بإصلاح الشأن العام والسياسي وليتكلم بالمفاسد والفساد إن استطاع، ولن يستطيع لأن (أبوي ما يقدر إلا على أمي)!! بالمناسبة وعلى صعيد شخصي، لا أحب ولا أستخدم أو أشجع استخدام الكثير من تلك التطبيقات، ولكن يبقى خياري هذا مسألة شخصية وحكرا علي، وهو مرتبط بالدائرة الضيقة حولي ولا تجدني أطالب بإغلاق وحجب أي شيء أستطيع ببساطة شخصية أن أتركه. فخلاصة الكلام هنا تكون على النحو التالي، يولد الإنسان حرا طليقا لكن البعض يتفنن في إيجاد أغلال عبودية ولو اضطر أن يبتاعها بنفسه من السوق، فلا يجدر بنا أن نكثر (الواق والويق) بهذا الموضوع كما نقول بلهجتنا المحلية لأننا ننعم بهامش حرية نأمل أن يزداد لا أن ينقص مع الزمن. على الهامش: إعطــــاء قبلـــــة الحيــــــاة لمجلــــس الأمن الوطني أمر محير وما زال يحير الشارع الكويتي. ما الذي سيحققه هذا الكيان ولن تستطيع باقي الجهات أن تفعله؟! هامش أخير: تقرير حقوق الإنسان الصادر من الخارجية الأميركية والذي نشرت منه سفيرة الولايات المتحدة لدى دولة الكويت عددا من الاقتباسات على حسابها في «تويتر» جدير بالقراءة والتمحيص. فإن كانت قضايانا النوعية محل جدل بيننا ها هنا في الكويت، فيا خوفي أن تأتي حلول خارجية من العم سام تفرض علينا حلولا جذرية من الخارج لا يسعنا حينها إلا أن نقول لها «سمعا وطاعة» و«حاضر وتم».
مقالات
تيك توك وواق وويق
08-04-2021