الحب فعل مضارع، والحب وعد وميثاق. عندما نقول لأحدهم «أنا أحبك» فإننا نأتمنه على قلبنا فنعطيه كامل الثقة، ونعده بدورنا بالاستمرارية والوفاء، لكن الحب حرية كذلك، وهنا تكمن المفارقة.الحب هو محرك الحياة وأطيافه غنية لا متناهية، أخطأنا عندما اختزلناها في حالة الحب الرومانسي بين الرجل والمرأة، وهي حالة سامية كذلك، لكن للحب جذور أعمق من ذلك بكثير.
الحب هو انعكاسك في عيون قطتك التي انتظرت عودتك من العمل بفارغ الصبر، والحب هو فرحة الطفل بوجودك واختياره لك كي يريك ألعابه وطلبه منك للعب معه، والحب هو صديقك الذي يرى جانبك المنير في أشد الأيام سواداً. الحب هو ما يجعلنا نستيقظ من النوم حينما يكون الشغف هو دافعنا، فحب العمل أو الحرفة التي اخترناها هي إحدى أكثر أشكال الحب خصوصية، فهي تفتح باب اكتشاف الذات والتعرف على بواطنها ثم صقلها. أما أهم نوع من المحبة فهو حبك لذاتك وتقديرك لها، فعلاقتنا مع أنفسنا هي الأدوم في هذا الزمن المتقلب، لذا فمن الأحرى أن تكون هذه العلاقة صادقة ومتينة ومليئة بالحب، فحب الذات هو غذاؤها الروحي الذي يجعلها تنمو وتتطور، وهو أحد صور العرفان وشكر لله على هذه الحياة الجميلة بأجساد صحيحة وحياة آمنة مستقرة، لكن يجب ألا نخلط بين حب الذات والأنانية والغرور النابعين من الخوف. فالحب حضور، والحب حالة روحية. لا شيء يفسد الحب أكثر من اختلاطه بسموم الخوف، فالخوف من الفقدان يخنق العلاقات البشرية بأطيافها فتتحقق نبوءة الفقد كتحصيل حاصل، والخوف من الوحدة يتراكم فيصبح بمثابة قوة طاردة تولد العلاقات ميتة بسببها. الحب منبع لا ينضب والحب طاقة لا متناهية، فلا تجعل الغيرة تقف بينك وبين نور الحب، فهو يكفي للجميع، ولا تحجب محبتك عمن يحتاجها فقد تكون سبباً في تغيير حياتهم إلى الأبد، فالحب طاقة شفائية عظيمة تنقذنا من وحشية وفراغ هذا الوجود.كن محباً واستمع إلى حكمة قلبك، فأن تفتح قلبك على مصراعيه دائماً قد يودي بك إلى العديد من الجروح العميقة والتي كان من السهل تجنبها بقليل من الحذر والتروي، أما إغلاق قلبك موصداً بسبب إحدى التجارب السلبية العابرة فهو أسوأ بكثير من القلب المفتوح بلا تمييز، فالقلب المتحجر موت بطيء ووأد في الحياة. سامح الحياة وثق بالناس مجدداً، فالدنيا مازال «فيها خير»، ولتكن جميع تجاربك– الجميل منها والمؤلم- نصلاً حاداً يصقل جوهر قلبك فيتجلى كالماس بنوره القاهر لكل الظلمات.
مقالات - اضافات
محبة
09-04-2021