نقطة: مليار في الهوا
حكومتنا بعد سنوات من التحذير والتشكي والتخويف من المستقبل الغامض، رمت مليار دينار في الهوا بلا داع يذكر أو مردود ينتظر، فبعد التصريحات المستمرة منذ أيام رئيس الوزراء السابق بانتهاء دولة الرفاه و"موس أنس اللي فوق كل الروس"، وصولاً إلى جائحة كورونا، وانخفاض أسعار النفط العالمية، والتلميحات بفرض الضرائب والقيمة المضافة، ونقص السيولة، وشد الأحزمة، تأتي سيادتها في غفلة من حرص أو حصافة، وفي مرحلة صعبة، كما تدعي دائماً، لتصرف ما في الجيب، بانتظار ما يأتي به الغيب.إن فوتنا مكافأة الصفوف الأمامية، رغم أن القيام بالواجب وحب الوطن يجب ألا يربط بالمال والأعطيات؛ لما في ذلك من تشويه للمفاهيم والقيم، فإن تأجيل سداد القروض ودفع فوائد تأخيرها للبنوك أمر لا يمكن تفويته بذات اليسر والسهولة من ذات السلطة، التي كانت ترفض إسقاط أصل الدين لسنوات طويلة، بدعوى عدم الدستورية لانعدام المساواة والعدالة، فإذا كان إسقاط القروض غير دستوري فالقياس بالضرورة ينسحب على فوائدها، ثم إن البنوك لم تطلبها والناس لن يستفيدوا منها، فالدين سيظل ثابت المقدار وواجب السداد عليهم بالكامل في آخر الأمر، ولن يربح إلا تجار الكماليات والسلع الفاخرة.مليار دينار كانت كفيلة بالمساعدة في حل مشكلة الإسكان وبناء آلاف المساكن أو إنشاء عدد من المستشفيات أو ابتعاث آلاف الطلبة للدراسة في دول محترمة، لعلهم ينقذون مستقبل البلد من أيدي زملائهم خريجي الجامعات غير المحترمة، وأخطر ما في الأمر أن ما جرى لم يعترض عليه ولا نائب، خصوصاً مَن أزعجونا بمزايداتهم المبتذلة ضد التجار، فلم نسمع صوتهم عند تقديم الـ 400 مليون للبنوك.
وهذا ما يؤكد أن الحكومة ومجلسها ليسوا سوى وجهين لعملة واحدة، يتنافسون فقط على التبذير بهدف شراء الشعبية والولاءات، أما حكاية "الشعب الكويتي يستاهل" لتبرير الصرف غير المسؤول فهذه مصيبة أخرى في العقلية والإدارة، قد تؤسس لتبرير جرائم قادمة في حق أموال الدولة واحتياطياتها وأجيالها القادمة، فما دام "الشعب الكويتي يستاهل" فبلا دراسات وبلا تخطيط وبلا استشراف للمستقبل ووجع الراس، وخلوا زرع الميانين برعاية رب العالمين.