شبح الصراع الطائفي يعود إلى أيرلندا الشمالية
عاد شبح الصراع الطائفي ليخيم فوق أيرلندا الشمالية، إذ أنهت أعمال عنف يعتقد أن "الوحدويين" المؤيدين للبقاء في الممكلة المتحدة وهم من البروتستانت يقفون وراءها، أسبوعها الأول. وفي آخر حلقة من الاشتباكات التي تعيد إلى الأذهان ذكرى ثلاثة عقود من "الاضطرابات" الدامية بين القوميين المؤيدين لإيرلندا والوحدويين أدت إلى سقوط 3500 قتيل، تسببت أعمال عنف ليلية اندلعت، مساء أمس الأول، بإصابة 50 من رجال الشرطة وصحافي. وأضرم متظاهرون في منطقة لانارك واي في بلفاست النيران في حافلة.كما تم إحراق بوابات عند «خط السلام»، وهي جدران حديدية فاصلة بين الأحياء الكاثوليكية والبروتستانتية في بلفاست، وألقت حشود زجاجات حارقة من فوق الجدار.
وذكرت وكالة الأنباء "برس أسوسييشن"، أنه تم تعليق حركة المترو في المنطقة.وقالت رئيسة وزراء أيرلندا الشمالية أرلين فوستر "هذا ليس احتجاجاً بل تخريب ومحاولة قتل. هذه الأعمال لا تمثل التمسك بالوحدة أو الولاء".وعقدت حكومة أيرلندا الشمالية أمس اجتماعاً خصصته للأوضاع المضطربة. وجاء في بيان نشرته ميشيل أونيل، نائبة الوزير الأول لأيرلندا الشمالية وزعيمة حزب "شين فين" القومي المؤيد لإيرلندا بعد الاجتماع، أن السياسيين "قلقون جداً إزاء العنف، ويدعون إلى التحلي بالهدوء".وقالت أونيل أن "الهجمات التي استهدفت رجال الشرطة والخدمات العامة والمجتمعات، أمر مؤسف ويجب أن تتوقف. التدمير والعنف والتهديد بالعنف أمور غير مقبولة على الإطلاق، وغير مبررة، بغض النظر عن المخاوف التي قد تكون موجودة في المجتمعات". وأضافت أونيل :"في حين أن مواقفنا السياسية مختلفة جداً بشأن العديد من القضايا، فنحن جميعاً متحدون في دعمنا للقانون والنظام ونعلن بشكل جماعي دعمنا لجهود الشرطة ولرجال الشرطة الذين يعرضون أنفسهم للأذى لحماية الآخرين".وخلال جلسة الحكومة، اتّهم عدد من القادة مجموعات شبه عسكرية موالية للمملكة المتحدة بتدبير أعمال العنف، باستخدام أطفال بعضهم يبلغ 12 عاماً، لإلقاء قنابل حارقة بعد تضييق الشرطة عليها وسط تدابير الإغلاق المفروضة لاحتواء فيروس كورونا.واتهم "شين فين" وأحزاب أخرى، "الحزب الديمقراطي الوحدوي" بزعامة الوزيرة الأولى أرلين فوستر بتأجيج التوتر بسبب المعارضة الشديدة لقيود التجارة الجديدة التي يشعر الكثير من الوحدويين بأنها تمحو جزءاً من هويتهم.وعبّر رئيس وزرائها بوريس جونسون عن "القلق العميق" ، وقال إن "طريقة حل الخلافات هي من خلال الحوار وليس عبر العنف أو الجريمة".واعتبر قادة قوميون موالون لأيرلندا وآخرون وسطيون، أن بريكست هو أحد أسباب اندلاع أعمال العنف، موجهين انتقادات إلى لندن التي اتّهموها بنكث وعود قطعتها للوحدويين.والتوتر يتصاعد خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث تعاني هذه المقاطعة البريطانية عمليات التفتيش على الحدود بينها وبين باقي المملكة المتحدة بسبب "بريكست". وكانت اتفاقية السلام الموقعة في 1998 أخفت الحدود بين المقاطعة البريطانية وجمهورية أيرلندا. لكن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أضعف التوازن الدقيق لأنه تطلب فرض ضوابط جمركية بين المملكة المتحدة والتكتل.وبعد مفاوضات شاقة، تمكنت لندن وبروكسل من الاتفاق على حل سمي بروتوكول أإيرلندا الشمالية ويسمح بتجنب العودة إلى الحدود المادية في جزيرة أيرلندا عبر نقل إجراءات المراقبة إلى موانئ أيرلندا الشمالية.وانفجر التوتر الأسبوع الماضي بعد أن قررت المحكمة عدم معاقبة قياديين في حزب "شين فين" وأنصاره من الكاثوليك، شاركوا رغم قيود كورونا في يونيو 2020 بجنازة بوبي ستوري، أحد القياديين العسكريين في "الجيش الجمهوري الأيرلندي" المنحل. وشارك في تشييع ستوري أكثر من ألفي شخص، بينهم أونيل التي اعتذرت الأسبوع الماضي عن المشاركة.