تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة
تعيش إسرائيل أحداثاً دراماتيكية متلاحقة في الفترة الأخيرة، ففي 5 أبريل استشار الرئيس رؤوفين ريفلين ممثلين عن مختلف الأحزاب الإسرائيلية لتحديد أفضل مرشّح لتشكيل حكومة أغلبية، وفي صباح 6 أبريل أعلن ريفلين أنه حَسَم أمره وقرر تكليف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بهذه المهمة.لم تقع بعد أحداث مشابهة لاقتحام مبنى الكابيتول ضد المحكمة العليا أو الكنيست في إسرائيل، لكن يبدو أن التطورات المتسارعة في 5 أبريبل، وهو واحد من أكثر الأيام دراماتيكية في تاريخ إسرائيل، ستُمهّد لحدث مشابه للهجوم الذي استهدف الكونغرس في 6 يناير. بنظر نتنياهو، كان يوم 5 أبريل من أصعب الأيام التي عرفها منذ توليه رئاسة الحكومة على مر 12 سنة متواصلة.في الساعة التاسعة صباحاً، حضر نتنياهو إلى مبنى المحكمة في القدس الشرقية لإطلاق مرحلة طرح الأدلة في محاكمته بتُهَم الفساد، وفي الوقت نفسه، تجمّع ممثلو الأحزاب المُنتخَبون كأعضاء في الكنيست في 23 أبريل الماضي أمام المقر الرئاسي في القدس الغربية للتشاور مع ريفيلين حول أفضل مرشّح لتشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة.
تَواجه خصوم نتنياهو ومناصروه خارج قاعة المحكمة، وبدأ خصومه يتظاهرون ضده منذ سنة تقريباً، أما مؤيدوه، فكانوا بقيادة غاليت ديستل إتيباريان، عضو الكنيست الجديد عن حزب "الليكود"، وقد هاجموا بقوة المؤسسات القانونية في الدولة واتهموها بمحاولة تدمير العملية الديمقراطية.في نهاية هذا اليوم المتوتر، وقف نتنياهو أمام الكاميرات في مقره الرسمي، في أواخر فترة بعد الظهر، وهاجم بأسلوب لاذع سلطات إنفاذ القانون في إسرائيل واتّهمها بتلفيق التُهَم ضده لإسقاط حكومته. قال نتنياهو: "هذا هو شكل محاولات الانقلاب"! طرح نتنياهو جدولاً جديداً للأشهر المقبلة، فهو يُخطط لحضور جلسات المحكمة في الصباح لمعرفة الأدلة المستعملة ضده في تُهَم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة ثم الردّ على تلك التُهَم على التلفزيون مباشرةً في فترة بعد الظهر. حين يكون المدعى عليه رئيس الحكومة ويبدو نصف الشعب مقتنعاً بأن المدعي العام ورئيسَي النيابة العامة ووزارة العدل هم الذين يستحقون الخضوع لمحاكمة عاجلة بدل نتنياهو، فلا مفر من أن يصبح البلد على شفير الفوضى.بعد تكليف نتنياهو الآن بتشكيل الحكومة المقبلة، من المتوقع أن يصبح أكثر يأساً وخطورة من أي وقت مضى. لقد توسّعت دائرة أعدائه مع مرور الوقت، وعلى رأسهم مستشاروه السابقون الذين يتعهدون اليوم بإنقاذ إسرائيل من وجوده المدمّر. كان مدير مكتبه السابق وحليفه المقرّب أفيغدور ليبرمان من أوائل الأشخاص الذين تخلوا عنه، علماً أن ليبرمان كان قد أسس حزب "إسرائيل بيتنا" ويُعتبر من ألد أعداء نتنياهو، ثم حذا حذوهم آخرون من أمثال السياسي موشيه كحلون الذي ينتمي إلى حزب "الليكود" ويحظى بشعبية واسعة (لكنه اعتزل العمل السياسي منذ ذلك الحين)، يليه رئيس حزب "الأمل الجديد" جدعون ساعر، ورئيس حزب "يامينا" نفتالي بينيت.كان نتنياهو قد سحق هؤلاء السياسيين وأهانهم في خضم محاولاته بلوغ أعلى مراتب السلطة، لذا ينتظر هؤلاء تعثّره اليوم بفارغ الصبر لمهاجمته، وبعد أربعة استحقاقات انتخابية غير حاسمة في آخر سنتين، لا يزال نتنياهو يفتقر إلى الأغلبية في الكنيست، لكنّ الخيارات البديلة التي يملكها تبدو أسوأ بكثير، فهو قد يخضع للمحاكمة كجزءٍ من المعارضة أو كمواطن عادي. بما أن الخيار الأول سيوصله إلى طريق مسدود والخيار الثاني قد يوصله إلى السجن، سيكون نتنياهو مستعداً لفعل كل شيء لتجاوز هذا المأزق وتشكيل حكومة معينة. هذا هو السيناريو الذي يخشاه معظم اللاعبين السياسيين ونصف الناخبين في إسرائيل.