بنك الكويت الوطني: مخاوف ضعف الطلب تُلقي بظلالها على أسعار الخام
يبدو أن أسعار النفط قد تراجعت بعد المكاسب المفاجئة التي حققتها عقب اجتماع "أوبك" وحلفائها الأسبوع الماضي، وتتجه نحو الاستقرار في نمط يعتمد على حساسية الأسعار تجاه الطلب على النفط، إذ أنهى خام النفط المرجعي، مزيج خام برنت، تداولات يوم الأربعاء على ارتفاع طفيف، ليغلق عند مستوى 63.2 دولارا للبرميل (+0.7 بالمئة على أساس يومي، +21.9 بالمئة منذ بداية العام).كما ارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط بنفس القدر، ليصل إلى 59.8 دولاراً للبرميل(+ 24.5 بالمئة منذ بداية العام الحالي).
وحسب الموجز الاقتصادي الصادر عن بنك الكويت الوطني، يشير منحنى العقود المستقبلية لمزيج خام برنت إلى بقاء العرض مقيداً على المدى القريب، مع ارتفاع أسعار العقود المستقبلية للتسليم القريب عن أسعار عقود التسليم في تاريخ أبعد (الميل إلى التراجع)، إلا أننا نلحظ مسارا عرضيا للمنحنى إلى حد كبير منذ بداية شهر مارس، إذ يبدو العرض أكثر اتساقاً، في حين تقلصت التوقعات الخاصة بتسجيل الطلب معدلات نمو أقوى. كما انعكس ذلك أيضاً على تراجع صافي مراكز المضاربة (الفرق بين عدد العقود "التي يتم الاحتفاظ بها" في ظل توقعات ارتفاع الأسعار و"البيع على المكشوف" التي تراهن على انخفاض الأسعار)، والتي تراجعت من أعلى مستوياتها المسجلة في أواخر فبراير بحوالي 348 ألف عقد، لتصل إلى 289 ألف عقد.خلال الفترة الأخيرة، أثرت مخاوف الطلب على النفط على المدى القريب بشكل متزايد على معنويات السوق، خاصة بعد أن أعادت أوروبا والهند فرض القيود على التنقل لاحتواء تزايد حالات الاصابة بفيروس كورونا. إلا أن أداء الأسواق تحسّن يوم الثلاثاء على خلفية رفع صندوق النقد الدولي آفاق نمو الاقتصاد العالمي للعام الحالي إلى 6.0 بالمئة (من 5.5 بالمئة). وساهمت توقّعات وكالة الطاقة الأميركية في تعزيز زيادة استهلاك البنزين في الولايات المتحدة هذا الصيف، مع تزايد عدد المستهلكين من قائدي السيارات، مما دعم أداء الأسواق.على الرغم من ذلك، يبدو أن الموقف الحذر الذي اتخذه السوق كان أكثر انسجاماً مع الواقع الحالي غير المؤكد للطلب على النفط إلى حد ما. وكانت استجابة الأسواق بعد الإعلان عن زيادة إنتاج "أوبك" وحلفائها في 1 أبريل مفاجئة، إذ ارتفع سعر مزيج خام برنت بأكثر من 2 بالمئة، مقارنة بأداء اليوم السابق.وكان قرار "أوبك" وحلفائها في حد ذاته مفاجئاً، باعتبار أنه قبل يوم واحد فقط، بدا أن "أوبك" قد أقرت بحالة عدم اليقين تجاه الطلب على النفط عندما قامت بخفض توقعاتها الخاصة بالطلب على النفط لعام 2021 بمقدار 300 ألف برميل يومياً إلى 5.6 ملايين برميل يومياً، مع تركّز تراجع الطلب بصفة خاصة في الربع الثاني من عام 2021. لذلك كان من الممكن أن تتفاعل توقعات الأسواق الخاصة بقيام "أوبك" وحلفائها بتمديد تخفيضات الإنتاج مدة شهر آخر على الأقل، حتى يونيو. وبدلاً من ذلك، ستزيد المنظمة كميات العرض، وإن كان بوتيرة تدريجية، خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.وسوف تتقلص تخفيضات إنتاج "أوبك" وحلفائها بمقدار 350 ألف برميل يومياً في مايو، وذلك بإضافة 350 ألف برميل يومياً في يونيو و450 ألف برميل يومياً في يوليو. كما ستوقف السعودية أيضاً خفضها الإضافي الطوعي البالغ نحو مليون برميل يومياً، بإضافة 250 ألف برميل يومياً في مايو، و350 ألف برميل يومياً في يونيو و400 ألف برميل يومياً في يوليو.ومع بداية شهر يوليو، سيزداد الإجمالي التراكمي لإمدادات "أوبك" وحلفائها بمقدار 2.1 مليون برميل يومياً، لتصل إلى 36.34 مليون برميل يومياً، وهو سقف الإنتاج الذي كان من المفترض أن يتم الوصول إليه في يناير الماضي. وسيستمر هذا المستوى من الإنتاج حتى أبريل 2022 وفقاً للجدول الزمني الصادر في أبريل 2020، على الرغم من أن "أوبك" وحلفاءها قد تتجه إما لإيقاف التخفيضات مؤقتاً أو تعميقها (بما لا يزيد على 500 ألف برميل يومياً) في اجتماعها المقبل المقرر انعقاده في 22 الجاري.وانعكس قرار "أوبك" وحلفائها بتخفيف تخفيضات الإنتاج ايجابياً على الإمارات بصفة خاصة، إذ بدأ تداول العقود الآجلة لخام مربان الرئيسي الخاص بشركة بترول أبوظبي الوطنية - أدنوك- (1.7 مليون برميل يومياً) في 30 مارس ببورصة أبوظبي للعقود الآجلة التي افتتحت حديثا (بورصة أبوظبي انتركونتيننتال للعقود الآجلة)، وستحرص أدنوك على زيادة الكميات لتلبية الطلب. ويمثّل عقد مربان الآجل عقد قابل للتسليم الفعلي، ويأتي ذلك في الوقت الذي تأمل فيه "أدنوك" تعزيز مكانة خام مربان كخام قياسي على المستوى الإقليمي لتسعير النفط.كما كان للأنباء الخاصة باقتراب بدء المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن إمكان العودة إلى تطبيق الاتفاق النووي الموقّع في عام 2015 تأثيراً محدوداً على أسعار النفط. ومنذ تولى الرئيس بايدن رئاسة الولايات المتحدة، كانت الأسواق تتوقع إمكانية العودة إلى طاولة المفاوضات لمناقشة خطة العمل الشاملة المشتركة. ومن جهة أخرى، وفي تحدّ بارز للعقوبات الأميركية، ظهر النفط الإيراني بالفعل على ساحة الإمدادات العالمية للنفط الخام. وكانت العديد من شركات التكرير الصينية، وخاصة المصافي المستقلة ("أباريق الشاي")، من المستوردين المتحمسين للخام الإيراني المنخفض السعر، والذي أدى بشكل متزايد إلى استبداله بالإمدادات من المصادر التقليدية، بما في ذلك أنغولا والنرويج والبرازيل. وإذا أدت مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة إلى رفع العقوبات عن إيران، فمن المتوقع إضافة حوالي 2.5 مليون برميل يومياً من صادرات النفط الخام الإيراني، وإن كان من غير المرجح حدوث ذلك قبل عام 2022 على أقرب تقدير، إذ إن إحراز تقدّم سريع في المفاوضات، يعتبر من الأمور غير الواقعية، نظراً لتباعد وجهات النظر بين الولايات المتحدة وإيران.