سورة النور، والنور عكس الظلام، مدنية، وسماها الله بالنور لتنير المجتمع بما فرض فيها من أحكام وآداب لتنظم المجتمع المسلم، واهتمت بخلق المسلم وتهذيب سلوكه وأخلاقه، فحرمت عليه الزنى ووضعت عقوبة لمن يقوم بهذا العمل المشين سواء من الرجال أو النساء، كما حرمت القذف ووضعت عقوبة لمن يرتكب هذه الجريمة، والقذف أن يتهم شخص إنسانا آخر بارتكاب جريمة الزنى دون أن تكون له أدلة كافية تثبت ذلك. وسأركز في هذا المقال على جريمة القذف لأهميتها في الواقع الاجتماعي، فالقاذف هو من يتهم الناس بالباطل دون أن تكون له أدلة، وقد يكون هدفه إثارة الفتن والقلاقل أو البروز وإظهار نفسه بصورة البطل حتى لو أدى ذلك إلى تشويه سمعة المجتمع أو تشويه سمعة شخصيات فاضلة أو زعزعة أمن واستقرار الدولة، فهو شخصية أنانية لا يهتم إلا بنفسه ويقوم بفعل محرم حرمة الدين وتجرمه القوانين.
وسنحاول تطبيق هذا المثل على الأزمة بين بعض أعضاء المجلس والحكومة، حيث يحاول بعض الأعضاء تعطيل جلسات مجلس الأمة مطالبين بتغيير رئيس الوزراء ورئيس مجلس الأمة، وأعتقد أن ليس من حق هؤلاء الأعضاء المطالبة بمثل هذه المطالب، لأن سمو رئيس الوزراء تم تعيينه من صاحب السمو أمير البلاد، ورئيس مجلس الأمة تم انتخابه لمدة أربعة أعوام من غالبية أعضاء المجلس، وهذه الإجراءات مطابقة لنصوص الدستور. إذاً لماذا يصر هؤلاء الأعضاء على تحقيق مطالب قد تتعارض مع روح الدستور؟ يتهم بعضهم رئيس المجلس بقضايا فساد، وقد قال رئيس المجلس أكثر من مرة، من عنده على أي شبهة فليتقدم بها إلى المحكمة، فهي الجهة المخولة لفض النزاعات بين الخصوم. والآن علينا أن نعرف كيف نخرج بلادنا من هذه الأزمة، حيث إننا في حيرة من أمرنا، نرى حولنا أشقاءنا في دول الخليج والسعودية في استقرار وأمان، ويعملون بصمت لتطوير دولهم، أما نحن فقد أدخلنا أنفسنا في صراع ونزاع فيما بيننا، فمن الذي يقود الصراع ويحرك الفتنة في بلادنا؟ لا شك أن الحكومة لديها أجهزتها الأمنية والمخابراتية، فعليها أن تكشف هذه الجماعة، وهي واضحة فيما يكتبون من مقالات في الصحافة ووسائل الاتصال الاجتماعي الأخرى، ولديهم خبراؤهم الدستوريون الذين يفسرون الدستور على هواهم ليطابق مصالحهم، وهذه خصلة حرمها القرآن في آيات كثيرة منها "فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً". (النساء، 135)، وقوله تعالى: "أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً". (الفرقان، 43).الحكومة ملزمة بوقف هذا العبث، الذي أصبح يهدد أمننا واستقرارنا، أمن الدولة لا يعادله أي شيء، قال رئيس وزراء بريطانيا، وهي في مقدمة الدول الديمقراطية وقد ارتكب مخالفات لحقوق الإنسان، واستنكرت عليه منظمات حقوق الإنسان ذلك، فرد عليهم قائلا: إذا تعرض أمن بريطانيا للخطر فلا تسألوني عن حقوق الإنسان، فأمن الكويت يتعرض للخطر من جماعة تجيد العبث في أمن الدول، فيجب وقفها قبل فوات الأوان.
مقالات
سورة النور وانعكاسها الاجتماعي
14-04-2021