بايدن يتعهد بالانسحاب من أفغانستان بحلول 11 سبتمبر

الاستخبارات تحذّر من العودة إلى ما قبل 2001... و«طالبان» تتصلب وتتمسك باتفاق الدوحة

نشر في 15-04-2021
آخر تحديث 15-04-2021 | 00:04
جنود أميركيون في أفغانستان (أ ف ب)
جنود أميركيون في أفغانستان (أ ف ب)
رغم المخاطر الكبيرة التي قد يحملها هذا القرار، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن رغبته في سحب القوات الأميركية بالكامل ومن دون شروط من أفغانستان بحلول 11 سبتمبر المقبل، وسط تحذيرات من أن الأوضاع قد تعود إلى ما قبل 2001، مما يعني أن أطول حرب أميركية ستنتهي حيث ما بدأت.
بعد أسابيع من التردد حول كيفية التعامل مع أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في تاريخها على ضوء اقتراب الموعد الذي حددته إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب لسحب كل القوات الاميركية بحلول مايو، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أنه سيبدأ بانسحاب تدريجي في الموعد الذي حدده سلفه، على أن تنتهي العملية بحلول 11 سبتمبر، في موعد رمزي، يشير إلى هجمات عام 2001، التي كانت السبب في الغزو الأميركي لإسقاط حكم حركة "طالبان" المتشددة.

انسحاب آمن

وقبل ساعات من خطاب لبايدن خصصه للأوضاع في أفغانستان، قال مسؤول أميركي رفيع المستوى للصحافيين: "سنبدأ انسحاباً متزامناً ومنسّقاً مع القوات الأُخرى التابعة لحلف شمال الاطلسي" (ناتو) قبل الأول من مايو، ونتوقّع إخراج كل القوات الأميركية قبل الذكرى العشرين لاعتداءات 11 سبتمبر".

وأضاف: "أبلغنا حركة طالبان من دون أي التباس أننا سنردّ بقوة على أي هجوم على الجنود الأميركيين خلال قيامنا بانسحاب منظم وآمن".

العودة إلى ما قبل 2001

لكن قرار بايدن وهو أكبر قرار له في السياسة الخارجية منذ تسلمه السلطة، استقبل بتحذير من مجتمع الاستخبارات الأميركي الذي عبر عن مخاوفه الشديدة على مستقبل الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في كابول، وعودة الوضع الى ما كان عليه في 2001.

وأفاد تقرير استخباري تقييمي رفع إلى الكونغرس، بأن "الحكومة الأفغانية ستواجه صعوبات في صد طالبان، إذا سحب التحالف دعمه". وأضاف التقرير أن "كابول لا تزال تواجه انتكاسات في ساحة القتال، وطالبان واثقة بأن بإمكانها تحقيق نصر عسكري".

إلا أن مسؤولا رفيعا في الإدارة الأميركية اعتبر أنه "لا يوجد حل عسكري للمشاكل التي نكبت بها أفغانستان، وسنركز جهودنا على دعم عملية السلام المستمرة".

معارضون

ويقول معارضو الانسحاب، إن خروج القوات أشبه بالدفع بأفغانستان إلى مصير مجهول، وهو ما يعتبره الخبراء أنه ربما كان أمراً محتوماً.

وقال أنتوني كوردزمان بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: "ما من سبيل مستساغ يمكن للولايات المتحدة من خلاله الانسحاب من أفغانستان. فلا يمكنها إعلان النصر ولا يمكنها الانتظار إلى ما لا نهاية حتى يتحقق ضرب شكلي من ضروب السلام".

وبالانسحاب من دون إعلان النصر، تفتح الولايات المتحدة الباب أمام انتقادات بأن تلك الخطوة اعتراف فعلي بالفشل.

وأعاد احتمال عودة "طالبان" الى السلطة شبح حقبة حكم الحركة من 1996 حتى 2001 حين فرضت نظاما متشددا، ومنعت النساء من الدراسة أو العمل.

وأعرب النائب الجمهوري عن تكساس مايكل ماكول عن أسفه لأن هذا "الانسحاب السابق لأوانه يعني اننا لا نترك أي قوة متبقية لمواجهة التهديدات الإرهابية الصادرة من أفغانستان، واننا نتخلى عن شركائنا الأفغان خلال مفاوضات السلام الحاسمة، ونعطي طالبان انتصارا كاملا رغم فشلها في الوفاء بتعهداتها".

«طالبان»

أما "طالبان"، التي حذّرت بايدن من انها ستعاود هجماتها في حال لم يلتزم باتفاق ترامب

لسحب كل الجنود بحلول 1 مايو، فقد أبدت المزيد من الاصرار، وقالت انها لن تشارك في اي محادثات سلام قبل انسحاب كل القوات الاجنبية، وهو ما سيعقد، على الارجح، مهمة بايدن.

ونص الاتفاق بين الحركة المتشددة وإدارة ترامب، والذي وقع في الدوحة في 2020، على سحب كل القوات الأميركية والأجنبية قبل 1 مايو بشرط أن يتصدّى المتمردون لنشاط أي تنظيم إرهابي في المناطق التي يسيطرون عليها. كما نص على وجوب أن تباشر "طالبان" مفاوضات سلام مباشرة مع حكومة كابول. لكن هذه المفاوضات تراوح مكانها منذ بدأت في سبتمبر. وكان من المقرر عقد مؤتمر في اسطنبول قبل هذه التطورات.

وأمس، تمسكت "طالبان"، في بيان، بانسحاب جميع القوات الأجنبية في الموعد المحدد، وفق اتفاقية الدوحة.

وانتقدت روسيا الإعلان الأميركي، وقالت إن تأجيل الانسحاب سيؤدي إلى عرقلة المفاوضات والعملية السياسية بين الأفغان.

وكان الانسحاب محور اجتماع وزراء خارجية ودفاع دول حلف الناتو في بروكسل أمس. وناقش الوزراء باستفاضة ما إذا كانت الشروط قد تمت تلبيتها لإنهاء مهمة "الدعم الحازم" في أفغانستان، أو ما إذا كان يجب الإبقاء على هذا الوجود العسكري الذي يتمثل بـ 9600 جندي من 36 دولة.

وقبيل الاجتماع، جدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، تأكيده أن بلاده ستعمل مع دول "الناتو" على إعداد خطة لانسحاب "آمن ومنسق"، ورد على التشكيك الذي قوبل به إعلان بايدن بالقول إن الوقت حان لإعادة القوات إلى الوطن.

وعلى عكس ما كانت عليه الأوضاع في عهد ترامب، عكست وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب كارنباور التناغم بين واشنطن وحلفائها الاطلسيين، وقالت امس: "قلنا دائماً: ندخل معا مع الأميركيين ونخرج معا"، مضيفة: "أنا مع انسحاب منظم".

واستبقت بريطانيا النقاشات في بروكسل مؤكدة انها ستسحب جميع قواتها بحلول سبتمبر. ويوجد نحو 750 جنديا بريطانيا في أفغانستان كانوا سيواجهون مهمة صعبة من دون دعم أميركي، بسبب الاعتماد على القواعد والبنية التحتية الأميركية.

انسحاب سهل بعواقب وخيمة

في افتتاحيتها أمس، أشارت صحيفة "واشنطن بوست" الى المعضلة المؤلمة التي واجهها جو بايدن في أفغانستان، وكان أمامه خياران: إما ترك القوات الأميركية في مكانها رغم ما يشكله ذلك من مخاطرة بتجدد الصراع مع حركة "طالبان"، أو المضي قدما في الانسحاب على الرغم من أنه قد يؤدي إلى انهيار الجيش والحكومة الأفغانية.

وقالت الصحيفة إنه بعد جهد قصير وفتور في الدبلوماسية قرر بايدن الانسحاب غير المشروط، باعتبار أن ذلك قد يجنب الولايات المتحدة المزيد من التكاليف والأرواح.

مع ذلك رأت الصحيفة أن تلك الخطوة ستكون كارثية بالنسبة لسكان البلاد خصوصا للنساء البالغ عددهم 39 مليون نسمة.

ونقلت عن مجتمع الاستخبارات الأميركية ودراسة بتكليف من الكونغرس، أن الانسحاب قد يتيح لتنظيم القاعدة استعادة مكانته في أفغانستان التي شن منها هجمات 11 سبتمبر 2001.

وأضافت أن الانسحاب يمكن أن يؤدي إلى عكس مسار التقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي حاربت الولايات المتحدة من أجله طوال عقدين من الزمن، وكلف أكثر من ألفين من القتلى الأميركيين ومئات المليارات من الدولارات، وعلى أقل تقدير يعني التخلي عن الأفغان الذين آمنوا ببناء ديمقراطية تضمن حقوق الإنسان الأساسية، وإلغاء تضحيات الجنود الأميركيين الذين قتلوا أو جرحوا في تلك المهمة.

واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بأن بايدن اختار الطريق السهل للخروج من أفغانستان، لكن من المحتمل أن تكون العواقب وخيمة.

back to top