مع استمرار التوتر على الحدود بين أوكرانيا وروسيا، استقبلت موسكو أمس، بحذر شديد، دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقاء بينهما "في دولة ثالثة خلال الأشهر المقبلة".وقال الناطق باسم "الكرملين" ديمتري بيسكوف: "من المبكر التحدُّث عن هذا اللقاء من حيث التفاصيل. إنّه اقتراح جديد وستتم دراسته". وأضاف أنه لا يوجد حتى الآن جدول أعمال محدد للقمة.
وفي مؤشر آخر على البرودة الروسية، استدعى يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس بوتين، أمس، السفير الأميركي لدى موسكو جون سوليفان وأبلغه أن بلاده "سترد بأكثر الطرق حسما"، في حال تبني الولايات المتحدة عقوبات جديدة بحقّ موسكو.أما الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، فقد سخرت، أمس، من دعوة واشنطن لموسكو لاتباع "سياسة قابلة للتنبؤ"، معتبرة أن واشنطن آخر من يحق لها التحدث عن السياسة القابلة للتنبؤ.وكان بايدن قد أجرى الاتصال مع بوتين بعد مرور نحو شهر على وصفه الرئيس الروسي بـ "القاتل".من جهة أخرى، نُظِر إلى اقتراح جو بايدن لعقد قمة ثنائية في بلد ثالث مفاجأة دبلوماسية تبدو سارّة إلى حد كبير بالنسبة لموسكو، خصوصاً أن واشنطن بادرت إليها.ورأى نائب رئيس مجلس الاتحاد (الغرفة البرلمانية العليا) قسطنطين كوساتشيف، أنّ إعلان قمة كهذه "نبأ عالمي"، مضيفاً أنّ بايدن أظهر رغبته في "عقد هذا الاجتماع سريعاً".وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما ليونيد سلوتسكي، إنّ الولايات المتحدة "اتخذت خطوة لتنتقل من المواجهة إلى الحوار"، مضيفاً أنّه "من الجيد أن يكون زعيما أكبر قوتين نوويتين على استعداد للتعاون".وقارن ميخائيل غورباتشيف، الزعيم السوفياتي الأخير، قمة بايدن بوتين بأخرى عقدها في خضم الحرب الباردة مع الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، والتي أسفرت عن معاهدة لنزع السلاح النووي.في مقلب آخر، فإنّ الأنباء عن إمكان تنظيم القمة تثير إحباطاً بين معارضين روس، معتبرين أنها تنازل لبوتين.
أزمة أوكرانيا
وتصاعد التوتر بين موسكو وواشنطن في الأسابيع الأخيرة، مع اتهام روسيا بتعزيز قواتها قرب الحدود مع أوكرانيا، حيث تقاتل القوات الحكومية انفصاليين موالين لموسكو، وفي جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014. ودعت واشنطن وحلفاؤها موسكو إلى الانسحاب، لكن روسيا قالت إنها تتحرك داخل أراضيها لإجراء مناورات عسكرية عادية.وقال بيسكوف، أمس، "نعتبر أنّ مخاوف أي شخص، بما في ذلك الولايات المتحدة، بشأن تحرك قواتنا المسلحة على الأراضي الروسية غير مبررة".وبدأت موسكو بالفعل، أمس، مناورات بحرية في البحر الأسود، وذلك قبل أيام من وصول سفينتين حربيتين أميركيتين إلى المنطقة، على أن تجرى المناورات البرية في وقت لاحق. وشاركت في التدريبات سفن من الأسطول الروسي في البحر الأسود، المتمركز في القرم، إضافة إلى طائرات مروحية وطائرات أخرى. وقد شملت التدريبات إطلاق النار على أهداف على السطح وفي الجو.وكانت موسكو قد أنذرت السفينتين الحربيتين الأميركيتين، وطلبت منهما البقاء على مسافة كبيرة من القرم "من أجل مصلحتهما"، واصفة إرسالهما إلى البحر الأسود بأنه استفزاز يهدف إلى اختبار أعصاب روسيا.