دروس خاطئة من أزمة قناة السويس
![ريل كلير](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1583775118225578100/1583775132000/1280x960.jpg)
لكن تتجاهل هذه الأفكار الحوادث المتكررة في النظام القائم وقدرة المستهلكين والمنتجين على التكيّف مع الظروف المستجدة حين تفرض عليهم مصالحهم الاقتصادية فعل ذلك، وعند إغلاق أي شارع في بلدة معيّنة، لا يعني ذلك استحالة العبور من نقطة إلى أخرى، حيث يسلك البعض طرقات مختلفة، وقد يتكل البعض الآخر على وسائل النقل العامة أو يعمل من المنزل. سرعان ما يتم إصلاح الطريق أو تُبنى طريق جديدة في نهاية المطاف.تنطبق هذه الفكرة على المحيطات تحديداً، إذ ينحصر نظام الطرقات ببنية تحتية نشأت خلال فترة زمنية معينة، لكنّ البحار المفتوحة لا تخضع لهذا المعيار المحدود، فبعد إغلاق قناة السويس، بدأت السفن تلتف حول إفريقيا، وهذا الوضع زاد التكاليف طبعاً، لكنّ إقفال القناة لفترة طويلة ما كان ليُسبب كارثة عالمية على الأرجح. تحمل الفكرة القائلة إن الولايات المتحدة تحتاج إلى حراسة ممرات الشحن أو الدفاع عن حرية الملاحة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ كمّاً كبيراً من الأوهام، إذ يكفي أن ننظر إلى خريطة بحر الصين الجنوبي للاقتناع بهذه المسألة، وعلى عكس قناة السويس التي تربط بين قارتَين، تحيط كميات إضافية من المياه بكامل المنطقة المتنازع عليها.غالباً ما تعطي محاولات السياسيين تقوية سلاسل الإمدادات نتيجة عكسية، حيث يتعلق السبب الوحيد الذي يدفع إيران إلى التفكير بإغلاق مضيق هرمز (مع أن هذه الخطوة تسيء إليها أكثر من أي بلد آخر) بالاضطرابات المشتقة من محاولات واشنطن الحفاظ على هيمنتها العسكرية في المنطقة، كذلك تترافق السياسة الحمائية الرامية إلى تطوير صناعات محلية مع إضعاف المرونة التي تضمنها العولمة. تستطيع الدول أن تضع الخطط للتعامل مع الحالات الطارئة التي واجهتها سابقاً، لكن لا يمكن أن تتوقع أي حكومة تداعيات الأزمات المستقبلية.يكثر منتقدو العولمة الذين يتوقون إلى التلويح بانهيارها المزعوم، لكن بفضل مستوى الترابط الذي تحقق حتى الآن، تميل الأزمات إلى التلاشي بأضرار أقل مما يتوقعه الناس، وللتعامل مع مشاكل غير متوقعة في سلاسل الإمدادات، لا تزال الحلول اللامركزية أفضل من الخطط المركزية، ولمعالجة أي اضطرابات مفاجئة في هذا المجال، تقضي أفضل طريقة بأن تبذل الحكومات الجهود اللازمة لتوسيع هامش العولمة الاقتصادية.