أوروبا تحتاج إلى هدف جيوسياسي عاجل!
![موسكو تايمز](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1582134693421828500/1582134705000/1280x960.jpg)
لكن لم تترافق مواقف الاتحاد الأوروبي مع أفعال ملموسة، حيث هدّد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بقطع علاقات بلده بالاتحاد الأوروبي إذا فرض هذا الأخير عقوبات تُهدد بإضعاف الاقتصاد الروسي، بما في ذلك أكثر القطاعات حساسية. هذا التهديد دفع الاتحاد الأوروبي إلى الاكتفاء بتدابير رمزية، فلم يفرض العقوبات الشاملة التي دعا إليها نافالني.تتعلق المسألة الثانية بخط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2"، وفي حال استكمال هذا المشروع (سبق أن بُنِي 94% منه)، سيتعمق نفوذ الكرملين في ألمانيا وتضعف أوكرانيا بدرجة إضافية، فلا يحظى هذا المشروع بتأييد واسع داخل الاتحاد الأوروبي وتعارضه الولايات المتحدة، ومع ذلك تُصِرّ ألمانيا على فصل هذه المسألة عن قضية نافالني، والمخاوف المرتبطة بحقوق الإنسان، وعمليات القرصنة الإلكترونية التي استهدفت البوندستاغ، وتوسّع الأجندة المتعلقة بمسائل شائكة أخرى.أما المسألة الثالثة، فتتعلق بلقاح "سبوتنيك V" الروسي، وفي شهر فبراير الماضي، تساءلت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن السبب الذي يجعل روسيا تقدّم لقاحها إلى دول أخرى رغم تراجع أعداد متلقي اللقاح في روسيا نفسها، لكن بعدما طغت الاضطرابات المرتبطة بتراجع كمية اللقاحات المتاحة على آخر قمة نظّمها الاتحاد الأوروبي، اتصل إيمانويل ماكرون وأنجيلا ميركل ببوتين لمناقشة كيفية إنتاج لقاح "سبوتنيك V" وتأمينه لدول الاتحاد الأوروبي.تستطيع روسيا أن تستخلص ثلاثة استنتاجات من دبلوماسية الضغوط التي تطبّقها: أولاً، لن تترافق مطالب الاتحاد الأوروبي بشأن عدو بوتين الشخصي (أي الرجل الذي حاول قتله وأصبح تحت رحمته اليوم) مع أي عواقب بارزة. ثانياً، ستُجبِر ألمانيا روسيا على تحقيق هدفها الاستراتيجي الذي يقضي بإنهاء مشروع "نورد ستريم 2" بغض النظر عن تحركات روسيا في مجالات أخرى. ثالثاً، تبدو الانتقادات المرتبطة بتباطؤ توزيع اللقاحات داخل الاتحاد الأوروبي قوية بما يكفي لإجبار الدول الأعضاء على تجاوز مخاوف المفوضية وطلب مساعدة روسيا.باختصار، كان رد الاتحاد الأوروبي متفاوتاً ومبنياً على الانقسامات والتسييس والتسرّع الاستراتيجي، وقد استغلت روسيا نقاط الضعف هذه لدفع أوروبا إلى التكيّف معها بدل مقاومتها قبل حشد قواتها العسكرية، ويبدو أن هذه المقاربة أعطت ثمارها.وفي حين عبّرت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مخاوفهما الكبرى من هذه التطورات، أصدرت فرنسا وألمانيا بياناً تدعوان فيه الطرفَين إلى منع تصعيد الوضع، وكأن أوكرانيا قد تصبح الجهة المعتدية دفاعاً عن أرضها، لكن قد يؤدي أي هجوم روسي واسع النطاق ضد أوكرانيا اليوم إلى فصل القارة عن العالم الأنغلو أميركي.قد تظن روسيا أن الوقت مناسب لمحاولة تفكيك التحالف الأطلسي، وهو الهدف الذي لم يُحققه الاتحاد السوفياتي يوماً. إذا انتظرت لفترة إضافية، فسيعالج الرئيس الأميركي جو بايدن الأضرار التي أحدثها سلفه في التحالف وستتعافى أوروبا من تداعيات "كوفيد19"، وستكون المجازفة كبيرة جداً بالنسبة إلى أوكرانيا والغرب معاً، ولتجنب هذا الوضع، يجب أن يستجمع الاتحاد الأوروبي قوته ويُحدد هدفه الجيوسياسي في أسرع وقت.