شوشرة: انتكاسة
قضية الهوية أصبحت واقعا ملموسا للذين فقدوها مقابل الاستيلاء على المنافع التي أصبحت ظاهرة للعيان من خلال الكسب غير المشروع أو الصفقات المليونية وغيرها من البلاوي التي لا تعد ولا تحصى، بعد أن أصبحت الكيكة هدفا لكل من يصل الى ذلك الكرسي والتحكم في مصير أغلبية الناس، فهم بلا هوية وطنية ولا قيم أخلاقية ولا مبادئ، فهل يستحقون أن يكونوا مواطنين وجزءاً من نسيج هذا المجتمع المسالم أم أنهم مجرمون استغلوا مواطنتهم للوصول إلى أهدافهم وتحقيق مآربهم؟اليوم بتنا أكثر حاجة إلى تعزيز القيم الوطنية من السابق بعد أن فقد البعض بصيرتهم وتحولوا إلى آلات وأدوات لتعزيز أرصدتهم الملوثة بكل ما لذّ وطاب من أموال تحصلوا عليها مقابل مواقفهم السيئة، ورغم تزاحم القضايا والمشاكل فإنهم مستمرون في شفط المزيد غير مبالين بهذا الوطن الذي ضاق ذرعا من استمرار هذا المسلسل الذي لن تنتهي حلقاته.وكلما استمر هذا الصراع زادت فرص هؤلاء لتحقيق المزيد، في حين لا نزال نعاني التراجع في كل شيء ولا تزال تنميتنا تراوح مكانها فأصبح كورونا الشماعة الحالية، بيد أن الوباء الحقيقي المنتشر أشد منه، ولا وجود للقاح لعلاجه، فكلما تم استئصال مجموعة من الفاسدين ظهرت أخرى لتكمل حلقات السابقين، ولتبدأ المشاهد من جديد، وتنفتح قضايا أخرى أكثر سخونة، ويئن الشارع من الويلات وينشغل الجميع بهذه الأحداث التي ستغطي على السابقة، فهناك فئة ترغب بذلك وتدعم انتشار الطفيليات والجراثيم لتحقيق مساعيها والاستيلاء مجددا على منافع أخرى تدر لهم الملايين.
ماذا صنعنا لمستقبلنا؟ وماذا سنحقق للأجيال القادمة؟ وماذا سيتوارث أبناؤنا وأحفادنا؟ وماذا سيسرد التاريخ عنا سوى صراعات وتناحر وتطاحن واختلاسات وسرقات ونهب للثروات؟ فهذه هي الإنجازات الحقيقية التي أسهم فيها المرتزقة والبلاد لا تزال مكانك راوح ونحن على نهج طمام المرحوم نسير وننعى حظنا العاثر. متى ستتحد الصفوف وتلتفت لهذا الوطن الذي أصبحت أوجاعه تصدع وجراحه تنزف والأمة كأنشودة الصباح تغرد من هنا وهناك؟ ومتى سنحقق إنجازا ترسو عليه السفن التي فقدت طريقها وسط هذه الأمواج المتلاطمة؟ ومتى سنصحو على إشراقة شمس السلام والاحترام؟ ومتى ستزدهر أرضنا بربيع أخضر يحقق أحلام شعب؟ ومتى ستصبح المواطنة واقعا لأولئك الذين يختلسون هذا الوطن ويحملون وطنيته كشعار لهم؟الأسئلة كثيرة ولكن الإجابة قد تكون صعبة في هذه الأيام الثكلى.