ضحوا من أجل الكويت
كتبت عدة مقالات بعد ٥ ديسمبر 2020 موعد الانتخابات لمجلس الأمة الكويتي، ووضحت صورة المجلس منذ الجلسة الأولى وما حصل فيها من هرج ومرج وتجاوزات وتعديات على الدستور، بعد ذلك تفاءلت خيراً بتعديل مسار الجلسات للأفضل لأن المواطن الكويتي وضع أمله في هذا المجلس الجديد، ثم توالت الأحداث المؤسفة حتى دخلنا في النفق المظلم الذي كنت أحذر منه، فالسلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية-حسب الدستور الكويتي- مستقلة مع ضرورة التعاون فيما بينها، وهذا لم يحصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية للأسف الشديد للاختلاف بينهما مما أدى إلى ظهور المشاكل وتطورها. إذا رجعنا إلى سنوات بعيدة نجد أن أهل الكويت كان يحلون أي مشكلة بينهم بالحكمة والهدوء ومراعاة مصلحة الوطن والمواطنين، وضحوا بالكثير لمصلحة الكويت، فالتضحية كانت بأغلى شيء وهي الأرواح في سبيل الحفاظ على الكويت وترابها الغالي، لقد سطر الكويتيون ملاحم بطولية منذ أكثر من ثلاثة قرون وآخرها كانت في الدفاع عن الكويت أيام الغزو العراقي الغاشم، فاختلطت دماء الكويتيين الطاهرة وأسهمت المرأة الكويتية في هذه الملحمة البطولية واستشهد الكثيرون للحفاظ على الكويت وأرضها الطيبة. الآن ونحن نمر بهذه الأزمة السياسية العاصفة علينا أن نضحي من أجل الكويت، ويجب ألا نتمسك بالكراسي الوثيرة والمناصب سواء كانت في السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية، فالمناصب زائلة وأصحابها زائلون، وتبقى الكويت هي الأساس.
من أجل الكويت اتركوا مناصبكم وكراسيكم الوثيرة ليأتي جيل أفضل من الحالي يقوم بالحفاظ على المكتسبات الدستورية، من أجل الكويت على السلطتين التنفيذية والتشريعية أن تبتعدا عن التصادم وأن يحل محلها التعاون واحترام الدستور المنظم لعمل السلطات والحفاظ على المكتسبات الديمقراطية وعدم العبث بالدستور، وأن تطبق القوانين على الجميع دون تفرقة، وأن نحافظ على المال العام ونحاسب سراق المال العام أيا كانت صفتهم أو مركزهم، وغير ذلك فإننا لا نستطيع التقدم إلى الأمام. وأسأل العلي القدير ونحن في شهر رمضان المبارك أن يحفظ الكويت ومن يعيش على أرضها الطيبة من كل سوء ويدرأ عنها المخاطر والفتن، آمين يارب العالمين، وكل عام وأنتم جميعا بخير، وأن يعود عليكم الشهر المبارك بالأمن والخير والبركات. السفير شملان سقط فارس آخر من فرسان وزارة الخارجية، وهو يؤدي عمله في الخارج، رحل السفير شملان عبدالعزيز الشملان الرومي سفير دولة الكويت لدى إثيوبيا متأثراً بجائحة كورونا التي حصدت أرواح الملايين من البشر في العالم، فمنذ حوالي شهر كان بيني وبينه اتصال عبر الرسائل الإلكترونية، وكان هو في مقر عمله في أديس أبابا في إثيوبيا، كان رحمه الله يشيد بمقالي الذي رثيت فيه بعض الإخوان العاملين بوزارة الخارجية والذين انتقلوا إلى رحمة الله تعالى، وهم المرحوم السفير عبدالعزيز الخضر والمرحوم القنصل العام علي الحمدان والمرحوم السفير عبدالعزيز الشراح. يقول لي أخي شملان، رحمه الله: "جزاك الله خيراً ذكرتهم بمقالك المتميز"، ولم أعلم أنني بعد شهر من إرساله هذه الرسالة سأرثيه، فقد كان، رحمه الله، إنساناً وسفيراً متميزاً على خلق عال، خدم بلاده في الخارج بأمانة وإخلاص وقضى أكثر من ثلاثة عقود وهو ينتقل بين القارات، وعمل في آسيا والخليج وأوروبا حتى انتهى به المطاف النهائي في القارة الإفريقية في إثيوبيا. شاهدت عدة أفلام عن نشاطه الخيري في القارة الإفريقية، وقد كتب عنه من رأوا نشاطه الإنساني والخيري في إثيوبيا، فقد مثل عمله الخيري، الله يرحمه، نموذجاً للدبلوماسي الكويتي الذي يتغرب من دولة إلى أخرى ومن قارة إلى قارة أخرى، فالذي لا يعرف عمل الدبلوماسي الكويتي في الخارج وما يعانيه في بعض الدول من تدني مستوى الخدمات الصحية والتعليمية لا يعلم ما يتحمله الدبلوماسي الكويتي من أجل خدمة بلده وتمثيله خير تمثيل في جميع أصقاع العالم، فهم يتغربون هم وأسرهم من أجل خدمة الكويت. رحم الله أخي العزيز السفير شملان الرومي وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه وأصدقاءه الصبر والسلوان، و"إنا لله وإنا إليه راجعون".