عادت بعض شركات الاستثمار إلى ممارسة أنشطة تقديم خدمات الاستشارات المالية، لاسيما الشركات التي حصلت على ترخيص صانع سوق من هيئة أسواق المال.وقالت مصادر مطلعة، لـ»الجريدة»، إن شركات استثمارية نشطت خلال الفترة الماضية في إعادة هيكلة قطاع خدمات الاستشارات المالية، من خلال الاستعانة بالمتخصصين في هذا المجال، بهدف إنشاء قاعدة بيانات شاملة وأنظمة تحليلية للسوق المحلي وبعض الأسواق المالية الإقليمية، علما أن هناك شركات استطاعت تحقيق إيرادات وصلت في بعضها الى المليون دينار، وهذا مبلغ ليس بالقليل في ظل الظروف الراهنة.
وذكرت المصادر أن الشركات التي حصلت على رخصة لتقديم صانع السوق عملت على ترميم وحداتها وإداراتها المعنية في قطاع الاستشارات المالية، بهدف قراءة مؤشرات الأسهم التي يمكن الاستفادة منها، وتقديم خدمة سوق عليها، لاسيما أن تقديم هذه الخدمات يجري على دراسة المؤشرات المالية الحالية وبناء التوقعات الخاصة بمستقبل الأسهم وفق المتوفر لديها من بيانات ومعلومات داخلية، يتم على أساسها قياس مدى العوائد المرجوة من تقديم هذه الخدمات.
صناعة سوق
وبينت المصادر أن الشركات قامت خلال الفترة الماضية بالتعاقد مع شركات صانع، بغية التعاقد معها لعمل صناعة سوق على أسهمها المدرجة، من خلال الاستفادة من عمليات شراء أسهم الخزينة لديها، عبر الرخصة المسموحة لها من هيئة أسواق المال، عبر إقراض أسهمها وإيجاد توازن مستمر بين العرض والطلب، وانحسار الفجوة بين سعري البيع والشراء.وأضافت أن استهداف بعض الشركات أحدث حالة من التوازن والاستقرار على أسهمها، يأتي من خلال دور صانع السوق، الذي يعمل على توفير طلبات شراء مقابلة تمكن هؤلاء من بيع أسهمهم بشكل سلس دون أن يغير الاتجاه النزولي للسهم جراء عمليات البيع؛ والعكس صحيح عندما تكون هناك ضغوط شرائية يقوم بتوفير عروض بيع مقابلة من مخزون الأسهم التي يعمل صانع سوق عليها.وأشارت إلى أن قطاع الاستشارات المالية مرتبط بشكل كبير بالقطاع المالي، ونتيجة لعودة النشاط للقطاع بشكل مقبول، انعكس ذلك ايجابا على قطاع الاستشارات المالية، لاسيما أن لهذا القطاع دورا محوريا في تقديم الاستشارات المالية بشكل عام، ولا يقتصر على من يمارس رخصة صانع سوق فقط.أزمات صعبة
وذكرت المصادر أن شركات استشارات وأخرى استثمارية كانت لديها خدمات وإدارات معنية بتقديم هذه الخدمة واجهت أزمات صعبة ماضية على واقع الأحداث غير الاعتيادية التي جرت للأسواق المالية على واقع جائحة كورونا ومخاوف تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، مما جعلها تضطر الى تقليص نفقاتها ومصروفاتها عن طريق عدم الاهتمام بهذا النشاط خلال تلك الفترة، كونها اقتصر أغلبها على تسيير الأعمال الحالية وعدم التوسع. ولفتت الى أن هناك أمثلة ونماذج عدة للشركات التي تقدم الخدمات الاستشارية، حيث توجد مكاتب تقدم استشارات مالية، وأخرى تقدم استشارات محاسبية، إضافة إلى مكاتب استشارية متعددة في كل المجالات، وهناك شركات استثمارية خصصت وحدات تابعة لها أو ادارات متكاملة لتقديم هذه الخدمة.إجراءات رقابية
ولفتت المصادر إلى أن الإجراءات التي قامت بها هيئة أسواق المال لضبط رقابة هذا القطاع، من خلال إجراء عمليات مسح شاملة حول بعض الجهات والأشخاص الذين يمارسون أنشطة مستشار استثمار، دون الحصول على ترخيص مسبق منها، وإحالة محللين ماليين إلى التحقيق في ضوء رصد آراء وتحليلات مالية تحمل إيحاء وتوجيها نحو ورقة مالية بالشراء، إضافة الى حظر إصدار أي وسيط أوراق مالية مؤهل مسجل في بورصة الأوراق المالية بحوثا عن الشركات المتداولة في السوق والاقتصاد، إلا إذا كانت لديه الموارد لمزاولة هذا النشاط ورأسماله يسمح بذلك، وكان مرخصا له مزاولة نشاط مستشار استثمار، ساهم بشكل كبير في تقنين عمل هذه الشركات وضبط نظام عملها بما يتناسب مع المستجدات التي طرأت على السوق المالي وبات على مرمى مؤشرات الأسواق الناشئة. وأشارت الى أن هيئة أسواق المال اعتمدت خلال الفترة الماضية قائمة من الشركات والمؤسسات المتخصصة يبلغ عددها نحو 40 مؤسسة، التي يمكن الاعتماد والاستناد إليها والاستعانة بها لتقديم هذه الأنشطة، خصوصا أن الفترة الماضية أثبتت أن العديد من التصنيفات والتقييمات التي صدرت لمصلحة شركات ومؤسسات كانت غير دقيقة، وكشفت الأزمات المتعاقبة مدى قصور هذه الشركات التي لم تكن تخضع للرقابة.